دبس العنب… “تحلاية” الأيام السورية الباردة
يُعرّف “الدبس” بأنه أي مادة مكثّفة تستخلص من بعض أنواع الخضار مثل البندورة والفليفلة، والفواكه مثل الرمان والتمر والعنب وغالبية أنواع الفواكه، ويتميز أي نوع من “الدبس” بقدرته على الحفاظ على مذاقه وقيمته الغذائية لفترات طويلة، ويعد “دبس العنب” أحد أشهر أنواع الدبس.
يقول المهندس الغذائي عامر سليمان لتلفزيون الخبر إن “دبس العنب” هو صنف تقليدي قديم ومتجذّر بالتاريخ من ناحية بداية صناعته ولا يوجد وقت محدد لبداية صناعته زمنياً، وهو أحد أهم مواد “المونة” التي تصنع أواخر الصيف وتستهلك شتاءً.
ويذكر “سليمان” الطريقة المتعارف عليها “القروية” لصنع “دبس العنب” حيث يتم بدايةً اختيار عناقيد العنب الناضج ذو الحلاوة المرتفعة، ومن ثم يتم تنقية العناقيد من الحبوب الغير ناضجة أو الحبوب التالفة.
ويتابع سليمان: يتم هرس العنب بالوسائل التقليدية المتاحة، ومن ثم يتم تصفيته من خلال “منخل ناعم”.
ويضيف “سليمان”: يترك السائل المنتج من عملية “التنخيل” ساعتين على الأقل وهذه العملية تسمّى “الترقيد” والهدف منها أن تتموضع الرواسب في الأسفل أو ما يسمى “الطحل”.
ويتابع “سليمان”: يعاد تصفية السائل من خلال قماش مساماته ناعمة ودقيقة، ومن ثم يؤتى بحجر كلسي “حوار” ويضاف لهذا العصير، ويوضع على النار لمدة ساعتين على الأقل، ويترك لليوم التالي.
ويضيف “سليمان”: ثم يعاد تصفية السائل من خلال قماش “شاش” بقصد تنقيته من الكلس.
ويذكر “سليمان”: ثم نعود ونضع العصير على النار بزمن مفتوح بهدف تبخير الماء الموجود في العصير بنسبة ثلثين حتى يبقى ثلث واحد وهذا الثلث المنتج هوالخلاصة التي اسمها “دبس العنب”.
وعن انتشار صناعة “دبس العنب” في سوريا يقول سليمان: تنتشر صناعة “الدبس” في جميع المناطق التي تزرع بها الكرمة مثل المنطقة الوسطى “حمص وحماه” والجنوبية بشكل أساسي السويداء حيث يقام سنوياً “مهرجان التفاح والكرمة” بالاضافة لبعض أرياف حلب وإدلب.
ويعلل “سليمان” سبب ارتفاع سعر “دبس العنب” في هذه الأيام بعدة أسباب منها ارتفاع سعر المادة الأولية “العنب”، بالإضافة لارتفاع تكاليف قطاف العنب وفرزه من قبل العمال وارتفاع تكاليف التصنيع “غاز مازوت أو حطب” وارتفاع أجور النقل بين الريف والمحافظات.
بينما يذكر الخبير الغذائي دريد الأحمد لتلفزيون الخبر أن القيمة الغذائية لدبس العنب الذي شاع استخدامه في سوريا قديماً هي قيمة مرتفعة جداً حيث يمد الجسم بحاجته الطاقية من خلال المواد السكرية الطبيعية المركّزة.
ويضيف “الأحمد”: من فوائد “دبس العنب” الشائعة علاجه لبعض الأمراض مثل التهاب الكبد بالإضافة لبعض الفوائد التي تعود بالنفع على الجهاز الهضمي.
ويذكر الأحمد: قديما كان يتم مزج ملعقة دبس مع كأس ماء فاتر ويشرب هذا المزيج صباحا “على الريق” بسبب احتوائه على الكثير من الفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم بالإضافة للمواد المضادة للأكسدة، وهذا من ما يعزز النشاط اليومي.
ويختم الأحمد: يبقى الدبس هو ابن الكروم و زاد الشتاء ويكنّى بتعلّق الفلاح ابن الريف به، فهو الحلوى الخاصة بهِ وهنالك مثل شائع قديم هو “نزل الفلاح عالمدينة، ما استحلى غير الدبس بالطحينة” كناية عن تعلّق الفلاح ببيئته الأم ومنتجات “كرومه”.
حسن الحايك_تلفزيون الخبر