من محو الأمية إلى الإجازة الجامعية.. الجدّة أم هشام تتحدى الزمن
لم يقف السن عائقاً أمام طموح نجلاء برغل ذات التسعة والسبعين عاماً، فبدأت مشوار محو الأمية بعمر الخمسين وصولاً إلى حصولها على الإجازة الجامعية من جامعة تشرين بعمر التسعة والسبعين.
نجلاء برغل الملقبة بأم هشام، هي أم لثمانية أبناء وجدّة لخمسة عشر حفيد، منهم الطبيب والمهندس.
تتحدث أم هشام عما دفعها لمتابعة تعليمها وتقول لتلفزيون الخبر: “السبب الأول هو أن كل عائلتي متعلمين وأنا لم أحصل على فرصتي بالتعليم”.
وتتابع “السبب الثاني الذي دفعني لمتابعة تعليمي هو حث الآخرين من فئة الشباب على متابعة تعليمهم أيضاً وربما يكون ما يفعله كبار السن حافزاً بالنسبة لهم”.
الطريق أمام أم هشام لم يكن سهلاً، بل محفوفاً بالصعوبات، أولها صعوبة المواد وآخرها نظرة محيطها تجاه ما تقوم به، لكنها لا تأبه لكلام الآخرين حسبما تؤكد.
تقول ” هناك أناس جيدين قدموا لي الدعم المعنوي، وهناك آخرون وجهوا لي كلاماً مسيئاً ومحبطاً لكنني لا أستمع إلا للكلام الإيجابي وبقيت مستمرة بما أقوم به”.
أما عن موقف أبناء أم هشام وأحفادها فتقول “عائلتي في بداية الأمر مانعت ذهابي إلى الجامعة خوفاً عليّ من حادثة ما، كوني كبيرة في السن، لكن فيما بعد اقتنعوا وباتوا هم من يوصلوني إلى الجامعة”.
تقول أم هشام أنها لم تكن تعلم عن اختصاصها شيء وكانت تفضل الدراسة في قسم رياض الأطفال، لكن بما أنه لا يوجد هذا التخصص في الجامعة فضلت التسجيل في قسم المكتبات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة تشرين.
اعتمدت أم هاشم على نفسها في حضور المحاضرات ومن ثم حفظ المطلوب من المنهاج دون مساعدة أحد من أفراد أسرتها.
وعن علاقتها بزملائها الطلبة تقول “الدكتور الذي أشرف على مشروع تخرجي إنسان رائع والطلبة أيضاً رائعين”.
وتتابع “كانوا يدعوني دائماً لمرافقتهم إلى مقصف الجامعة في الاستراحة بين المحاضرات، لكنني احتراماً لسني لم أكن أذهب، كنت أبقى جالسة في القاعة لكن.. كلهم بحبوني وأنا بحبهم”.
لم تكن مشاعر أم هشام عادية يوم تخرجها، فقد حققت حلماً وإنجازاً يصعب على كثيرين، تصف ذلك اليوم بقولها ” يوم مناقشة مشروع تخرجي تخيلت نفسي تلك الصبية العشرينية واقفة بين الصبايا زملائي، شعرت أنني حققت ذاتي، وحققت إنجازاً لنفسي أفتخر به”.
لكن ماذا بعد الإجازة الجامعية وهل تطمح أم هشام للحصول على وظيفة ما؟ تجيب متحدثة لتلفزيون الخبر: ” لم يكن هدفي العمل بالتأكيد، فأنا تعلمت حباً بالعلم”.
أما عن حلمها بعد التخرج تقول نجلاء برغل: “حلمي أن أكمل رسالتي حتى نهايتها، وإذا أمد الله بعمري سأسعى لدراسة الماجستير أيضاً”.
وتتوجه أم هشام للسيدات اللواتي لم يحصلن على فرص في التعليم وتقول لهن: ” إذا لم يكن لديكنّ رغبة بالتعلم فهذه حريتكنّ الشخصية، أما أنا أنصح الجميع بالتعليم لأن الإنسان يجب أن يتعلم شيء عن كل شيء”.
يذكر أن نجلاء برغل، أم هشام، ناقشت مؤخراً مشروع تخرجها من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة تشرين، وتمحور مشروعها حول “تطور تكنولوجيا المعلومات والتحول إلى المكتبة الرقمية”.
نغم قدسية- تلفزيون الخبر