مدارس حمص وبرد الشتاء القارس
دفع الطلاب في حمص، كما حال الجميع في سوريا بشكل عام قسما كبيرا من ثمن الأزمة المستمرة منذ عقد كامل من الزمن والتي لم تنته بعد.
بعد خروج المجموعات المسلحة من المحافظة، وخضوع مناطق أخرى للتسويات، لم يكن حال الاطفال ممن استطاعوا الالتحاق بالمدارس جيداً، فقد تسبب النقص وخروج عدد كبير من المدارس عن الخدمة باكتظاظ المدارس ريفا ومدينة كما يقول أهالي الطلاب.
ناهيك عن كون مباني المدارس والمؤسسات التعليمية غير مؤهلة بشكل كامل صيفا أو شتاء لتوفير الجو الدراسي المناسب، فلا هم يجلسون في صفوف مهوية صيفا، وتكاد “عضامهم تتكتك” شتاء من شدة البرد وقلة المحروقات للتدفئة، إضافة لقطع الكهرباء الطويل.
في جولة عامة لتلفزيون الخبر على واقع بعض المدارس في مدينة حمص، والعودة لرأي ومشاهدات بعض أهالي الأحياء، يمكن القول أن واقع تلك العاملة منها يعتبر مقبولا إلى حد ما مع بعض النواقص والملاحظات التي لا يمكن تجاهلها، بحسب الأهالي.
والبداية من حي الزهراء والأحياء التابعة له وهي تقسم بدرجة التضرر إلى جزئين، فمنها تعرض لدمار جزئي بسبب المفخخات والقذائف التي وصلت إليها وهي ( الأرمن_السبيل_المهاجرين_العباسية)
وتلخصت ملاحظات الأهالي فيها حول مخاوفهم من قرب الشتاء، وما سيجلبه معه من نسمات باردة ستصل إلى يدي طفلهم مهما “تلحف وسمّك لبس” ،بظل عدم كفاية المحروقات التي توزع للصفوف وتناقصها عاما بعد آخر.
وإضافة لمشكلة البرد ، قال أبو مؤيد وهو من سكان حي المهاجرين لتلفزيون الخبر إن” واقع مدارس الحي الأساسية يعتبر جيدا إلا من بعض النواقص، ومنها واقع النظافة في المدارس من حيث المرافق الصحية، حيث أنني شاهدت بأم عيني مناظر تكشش البدن لتجمع الأوساخ والوحل في الحمامات”
وفي تجمع المدارس قرب مدخل حي الأرمن، حيث تتركز 7 مدارس تضم آلاف الطلاب منها كاسر الضاهر و6 تشرين، فأول ما يمكن ملاحظته هو المكان بحد ذاته، فالمدارس جميعها محاطة بشوارع رئيسية ومنها خطوط السرافيس ما يشكل خطرا كبيرا على سلامة الطلاب.
والتجمع الآخر الكبير في قسم المدينة الشرقي هو الموجود ضمن حي الزهراء الذي يضم ثلاث مدارس منها نظير نشيواتي وسناء محيدلي، تقع كحال سابقاتها قرب شارع الحي الرئيسي مع غياب لافتات تحذيرية أو ممرات ومطبات كافية لتنبيه السائقين.
وعن هذا التجمع تصف مريم وهي أم لطالبة في إحدى تلك المدارس ما شاهدته بقولها “الحمامات وسخة بدرجة كبيرة، و صنابير المياه معظمها معطل”.
وأضاف آخر من سكان الحي أن” الطلاب عانوا كثيراً من البرد في الشتاء الماضي، ولا يهمنا من السبب بغياب المازوت عن المدارس، لكن المنطق يقول ان الطلاب هم الأحق بالتدفئة من غيرهم”.
وفي القسم الآخر من المدينة، نجد المنغصات نفسها التي تزعج أهالي الطلاب، ومنها تلك الموجودة بحي عكرمة،بالإضافة إلى القلق الذي سببه وباء كو..ر.ونا ومتحوراته.
وكملاحظات يمكن تعميمها نسبيا على واقع المدارس في مدينة حمص، فنقص المحروقات وعودة كورونا يحتلان المرتبة الأولى ضمن مخاوف الأهالي، لتأتي النظافة وقرب المدارس من الطرقات العامة ثانيا.
وحل وتراب وحفر.. ومياه مقطوعة
أما في الأرياف التي لم تعد إليها الحياة بعد_ كما في السابق_ وخصوصا الشمالي، حصل تلفزيون الخبر من خلال مشاهدات الأهالي على صورة عامة مرفقة ببعض الصور عن واقع التعليم.
فالوصول دون الغوص في الوحل أول ما يهم الأهالي في مناطق الأرياف مع افتقار بعضها للتعبيد، ووعورتها مع انتشار الحفر، فلا كهرباء تكفي للغسيل ولا التنشيف، حسب قول أحد سكان قرية كيسين.
بينما في الريف الغربي، فالوضع أفضل قليلا من حيث البنى التحتية كون المعارك لم تصل هناك إلا في بقع متفرقة لم تسبب الضرر الكبير كما حال الشمالي، وتتركز معظم المخاوف حول نقص كميات المازوت للتدفئة مع قرب فصل الشتاء، إضافة لتخوف الأهالي من فيروس كورونا.
وقال أحد سكان قرية المحفورة لتلفزيون الخبر إن” البنى التحتية للمدارس تعتبر جيدة، فلا تضرر أو دمار لحق بها، إلا أن المرافق الصحية ليست جيدة وتغيب مقومات النظافة معظم الأحيان حسب ما شاهدنا العام الفائت”.
و بالاتجاه شرقا، حيث الريف “الأكثر شقاء”، والذي لا تقتصر همومه على ما ينتظر أطفال سكانه، وهو الذي يعاني من قلة المياه صيفا، ونقصا في التغذية الكهربائية وصعوبات زراعية كانت تعتبر المهنة الأساسية لمعظم قاطنيه.
إضافة لما يعانيه الأطفال خلال التوجه لمدارسهم نظرا لسوء الطرقات، والبرد المشهود له بقسوته في ريف المحافظة الشرقي كونه يقترب من الطقس الموجود في البادية، فلا الصيف يرحم من شدته، ولا البرد يطاق حيث تصل درجات الحرارة لمعدلات أكبر من مناطق أخرى.
وعلى سبيل المثال، أوضح أحد سكان قرية الحميدية لتلفزيون الخبر أن ” ساحة المدرسة محفرة ومملوءة بالاتربة التي تتحول شتاء لبقع مائية تحيط بالطلاب، كما حال الطريق الواصل إلى الحمامات بالإضافة إلى النقص في الصنابير وتراجع بمستوى النظافة”.
وينطبق الأمر عينه على مدارس الريف الجنوبي، الأقل اكتظاظا كونه لا يشهد تجمعات سكانية كبيرة كباقي الأرياف، إلا أن القاسم المشترك معها هو القلق من غياب التدفئة عن تلك الصفوف.
تكاليف بالمليارات
وبالارقام الرسمية، ذكر وليد مرعي مدير تربية حمص لتلفزيون الخبر أن” أعمال التأهيل والصيانة شملت 175 مدرسة خلال العام الحالي بتكلفة مليار ليرة سورية”.
وأشار مرعي إلى أن ” المليار هو من أصل نحو 3 مليارات و200 مليون ليرة سورية مخصصة لتأهيل وصيانة الأبنية المدرسية في خطة العام الحالي”.
وأردف مرعي ” مستمرون بالعمل على تجهيز وتأهيل /168/ مدرسة أخرى جزئيا أو كليا ومن المتوقع الانتهاء منها نهاية العام ، كما سيتم افتتاح 25 مدرسة بداية العام الدراسي القادم”.
و بين أنه” تم منذ بداية العام الجاري ترميم/155/ بشكل جزئي، و/20/ مدرسة بشكل شامل”، مشيراً إلى أنه يجري “العمل على متابعة صيانة/132/ مدرسة جزئيا و/36/ كليا حتى نهاية العام 2021”.
وعن المدارس التي تحتاج إعادة تأهيل وصيانة بالمحافظة ذكر مرعي أن” عددها /328/ مدرسة من أصل /628/ تعرضت للضرر والتخريب، وتم إنهاء صيانة وتأهيل 300 مدرسة خلال السنوات القليلة الماضية.
وأشار مرعي لوجود /1580/ مدرسة بكافة أنواعها (خاص وعام) بمحافظة حمص حالياً و قال “عادت 13 مدرسة إلى العمل خلال العام الدراسي الماضي كانت تضررت سابقا بفعل الإ..ر.هاب”.
ولفت إلى أن جرى تصنيع 1000 مقعد دراسي و200 طاولة صفية خلال عطلة الصيف، وسيتم توزيع كراسي بلاستيك والواح (وايت بورد) وطاولات بلاستيك وتوزيع الوسائل التعليمية وفق الامكانات المتاحة.
وعن كوادر التعليم وتأهيلها نوه مرعي” بقيام المديرية بعدة دورات في مجال الإرشاد المهني على عدة مراحل لتمكين المرشدين النفسيين والاجتماعيين من توجيه التلاميذ لاختيار المهنة المناسبة في المستقبل”.
وتابع “أقيمت المرحلة الثانية من الدورة التدريبية للمعلمين الوكلاء الناجحين في مسابقة وزارة التربية صيف2021، لمواكبة آخر المستجدات في طرائق وأساليب التعليم”
وأضاف “جرت دورات تدريبية محلية لأمناء المكتبات ومديري المدارس والموجهين ومدرسي الفيزياء والكيمياء والعلوم والجغرافيا ومعلمي الصف على الوسائل التعليمية لمواكبة المستجدات في هذا المجال واستخدامها بالشكل الامثل”.
وأوضح أن المديرية “تعمل على إصدار التشكيلات وفق الاسس وملء الشواغر وتوزيع الفائض عملا بالتعليمات الوزارية قبل انطلاق العام الدراسي وملئ الشواغر خصوصا في مدارس الريف المفتتحة حديثا”.
وعن هاجس الأهالي فيما يتعلق بالتعليمات الصحية ومستجدات وباء كورونا ذكر مرعي لتلفزيون الخبر أنه و”حرصاً على السلامة الصحية للطلاب والمعلمين والمدرسين، يتم التأكيد على تطبيق البروتوكول الصحي المعتمد من وزارة التربية وتوزيع المساعدات والمشرفات الصحيات على المدارس كافة”.
أما عن موضوع المحروقات، وتوفرها في المدارس، قال “لم تحدد المبالغ والكتلة المالية المخصصة للتدفئة بعد، حيث سيتم توزيع الحصص على المدارس فور تحديدها”، وفق تعبيره.
وإلى حين تحديد المبالغ، وتقسيم حصص المدارس من المازوت، يخشى الطلاب أن تتكرر مأساة العام الماضي، وأن يمر عام دراسي قاس وقارس آخر.
عمار إبراهيم – تلفزيون الخبر – حمص