“هات بوسه وخدلك كم فيروس “.. عندما تتحوّل كورونا من وباء إلى دعابة في حمص
شهدت حمص الخميس مباراة “الديربي” أو ” الكلاسيكو الحمصي” كما يحب متابعو الرياضة تسمية اللقاء بين قطبي المحافظة التاريخيين، ولمَ لا، فهم يرون أن” ما حدا أحسن من حدا” ويحق للمدينة تسمية ما تشاء أسوة بباقي مدن العالم.
ولوحظ اكتظاظ المعلب بشكل كبير بمناصري الفريقين من شتى مناطق المدينة والذين جاؤوا دعما لفريقهم، دون أن ننسى المباراة النهائية الذي توج فيها نادي الكرامة ببطولة الدوري السوري لكرة السلة مع توافد الآلاف أيضا إلى صالة غزوان أبو زيد.
والسؤال المطروح أولا، هل بات وباء كورونا أخف الاوجاع التي يحسب لها المواطن حسابا، بظل ” الكفوف” التي يتلقاها يوميا في سعيه الدؤوب لتأمين مستلزمات حياته و منزله.
ومع كشف وزارة الصحة السورية مؤخرا عن زيادة في معدلات الإصابة بالفيروس بعد فترة ثبات بإعداد الإصابات، لم تلقَ التحذيرات أذنا صاغية بالانتباه وأخذ الإجراءات الاحتياطية للوقاية منه، والتي تتمثل أضعف الإيمان بتحقيق التباعد الاجتماعي.
ويتساءل البعض عن سماح الجهات الرياضية بدخول آلاف المشجعين وتجمعهم بعد قرار سابق بإقامة المباريات دون جمهور، لاسيما مع عدم توافر القدرات والإمكانيات الكافية لدى مديريات الصحة لاستقبال أعداد كبيرة من الإصابات مع تعرض القطاع الصحي لضربات كبيرة خلال فترة الحرب.
وبعيدا عن الرياضة، تشهد معظم الدوائر الاجتماعية والثقافية والحكومية غيابا واضحا لإجراءات السلامة، وعلى سبيل المثال، يشهد مسرح دار الثقافة في حمص وبشكل متكرر إقامة حفلات وعروض مسرحية مع توافد أعداد كبيرة للحضور مع غياب الكماكات أو الالتزام بإجراءات التباعد.
“إجراءات روتينية فاقمت الأزمة”
وعلى النقيض من ذلك، تشهد معظم اللقاءات الحكومية التزاما وإن كان ظاهريا بإجراءات السلامة من التباعد المكاني وارتداء الكمامات ووجود المعقمات.
إلا أن الاجراءات المتخذة على أرض الواقع لضبط الحالة الاجتماعية لا تعتبر كافية أو وافية أو حتى مدركة أن الوباء لم ينته بعد، ولعل أبرز ما تراه وتستغربه عيناك بظل دعوات الجهات المعنية والتحذيرات الصحية هو مشهد الطوابير اليومية في كل مكان.
علما أن استخدام “الذكية” خفف من الطوابير المستمرة منذ سنوات في حمص، إلا أن المشهد لم يختف من مؤسسات المحافظة، حيث ترى طابور “السكر والرز” على باب الصالة، أو عند معتمد الغاز، ولا تنتهي عند الصرافات التي أصبحت ال طابور الأبرز في المشهد الحالي.
“هيبة الكورونا سقطت اجتماعيا”
ولا يخفى على أحد، أن “هيبة” كورونا” سقطت اجتماعيا، وباتت مزحة يومية، فمن منا لم يقل به صديق أو قريب” تعا هات بوسة وكم كوروناية”، مقدما له واجب “العزيمة على الاركيلة”، فالمواطن السوري لن يهاب الكورونا ويرى فيها مجرد” لعبة دول كبيرة”، حسب قول البعض.
كما وعاودت صالات الأعراس إقامة الحفلات على أنواعها بعد قرار سابق بمنعها، مع عودة المقاهي أيضا لتقديم الاراكيل والمشروبات وإقامة حفلات أعياد الميلاد كما في السابق.
وفي الحارات الشعبية، تقام أسبوعيا حفلات الأعراس التي يضرب بها المثل لفترة طويلة تتناسب طردا مع عدد ” المعازيم” فكلما كثر العدد كان العرس والعريس جميلا لا ينسى.
أما في وسائل النقل الجماعة، حيث بات” المكدوس” هو الوصف الأكثر شهرة لتزاحم عشرات المواطنين في باص نقل داخلي لا يتسع لأكثر من 30 شخصا، لتجد ثلاثة أضعاف العدد يركبون فيه، مع تدلي أرجهلم وظهورهم خارج الباص في بعض الأحيان نتيجة وقوفهم على بابيه.
تحدٍ.. قلة وعي.. أم استسلام
وبرر البعض وجود هذه التجمعات بأنها رسالة جميلة تحمل في طياتها كل معاني التحدي السوري للوباء، فالعالم الذي فزع وشُلت حركته من الوباء لم ينل من عزيمة السوري، حسب اصحاب هذه النظرية.
بينما يرى الأطباء واختصاصيو الأمراض الصدرية أن ما يحصل هو كارثة صحية قد تنفجر بأي لحظة، فالمستشفيات تمتلئ بحالات الكورونا مع إفصاح البعض منهم عن أن الحالات المعلن عنها لا تمثل الأرقام الصحيحة التي لو تم كشفها لحدثت “بلبلة”.
“كلها موتة”
وعندما توجهنا للمواطن_ المغلوب على أمره_ بالسؤال عن عدم الالتزام لقواعد السلامة كدنا نجد الجواب نفسه عند الجميع وكان أشبه “بالنسخ لصق”.
وأجاب أحد المواطنين لتلفزيون الخبر أنه ” شو وقفت على الكورونا لك ابني”، من منا يستطيع شراء الكمامات يوميا بسعر 300 للكمامة الواحدة لمرة واحدة فقط، ومع وجود عائلة من 4 أشخاص سوف تدفع 1200 ليرة، وقم بحسابها شهريا لتجد أن راتبك ” سيطير حق كمامات” مضيفا “أفضل شراء الخبز على الكمامات.”
وأضاف آخر” أتفق معك ان الكورونا وباء خطير ولا يجب الاستخفاف به أبدا، لكننا” يادوب نلحق حق أكلاتنا”، وكثرة همومنا اليومية “خلانا ننسى اسمائنا مو بس كورونا”، وحتى في حال الإصابة لن اذهب الى المشفى لان لا قدرة لي على دفع اي مبلغ وفي النهاية” كلها موتة”.
أطفالنا..الحلقة الأضعف صحيا مع اقتراب المدارس
ومع اقتراب افتتاح المدارس، تثار المخاوف من بعض الأطباء والمعنيون بالصحة المدرسية عن خطر تجمع الأطفال في المدارس مع قرب فصل الشتاء وضعف المناعة.
ويأتي ذلك مع عزوف الكثير من الأهالي عن إرسال اطفالهم إلى المدارس خلال العامين الماضيين مع انتشار الفيروس، وإصرارهم على ذلك هذا العام أيضا، في حال استمر مؤشر الإصابات بالارتفاع.
وأكدت ميساء وهي أم لطفلة في الصف الثامن أنه” من الاستخفاف افتتاح المدارس فالكورونا لم تنتهي بعد، مضيفة: هل يقبل المسؤولون أن يصاب أطفالهم بالمرض كحال أطفالنا أو أنهم لا يشعرون بحال فقرنا وعدم قدرتنا على علاجهم”.
“رب ضارة نافعة.. الكمامات تجارة رابحة”
كما وجد بعض المواطنين في هذه الجائحة فرصة جديدة للاستثمار في المرض _ إن صح القول_ في تجارة الكمامات وهي التي توفر ربحا بمقدار 100 ليرة في القطعة، حيث تباع معظم الأحيان بـ300 ليرة بعد شرائها بـ200 ليرة من الصيدليات.
ويوضح أبو عامر لتلفزيون الخبر أن” البيع كان” بعزّه” بداية انتشار الجائحة لأن المواطن كان يخاف ويلتزم حقيقة بكل الإجراءات ويشتري يوميا لاسيما على مداخل دوائر الدولة التي منعت بداية الأمر دخول المراجعين دون ارتداء كمامة”.
مضيفا “أن الملل واللامبالاة سيطرت لاحقا على تفكيره، وبات يرتدي الكمامة نفسها لأشهر كاملة دون شراء واحدة جديدة.”
يذكر أن وزارة الصحة وبتحديثها اليومي الأخير يوم الخميس ١٩ آب لإصابات فيروس كورونا في سوريا، أشارت لتسجيل ٨٠ إصابة ما يرفع العدد الإجمالي إلى ٢٦٦٣٤ إصابة بينها /٥/ إصابات في حمص.
عمار ابراهيم _ تلفزيون الخبر _ حمص