أسئلة مهمة تتعلق بحياة السوريين تنتظر دخول وزارة الصحة إلى “القرية الصغيرة”
منذ إطلاق أول لقاحات فيروس كورونا، لا يزال الجدل قائماً حول قبولها أو رفضها أونجاعتها وآثارها، خاصة فيما يتعلق بلقاح “استرازينيكا” البريطاني، وعلاقته بوفيات الشباب، وكل ما يثار حوله من أنه يسبب آثاراً جانبية خطيرة على الصحة.
العالم “قرية صغيرة” ..
في عام ١٩٥٩ أطلق البروفيسور الكندي مارشال ماكلوهن مصطلح “القرية العالمية” حيث ورد في كتابه “The Gutenberg Galaxy“ في محاولة منه للتنبؤ بتأثير وسائل الإعلام على واقعنا وعالمنا.
وبحسب “ماكلوهن”، فإن “وسائل الإعلام حولت العالم لقرية صغيرة طبعاً هذا كان قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي أثبتت هذه المقولة، وبات تدفق الأخبار سيل لا يمكن مجاراته، أو “تطنيشه” .
وأمام ظهور الوباء، باتت اللقاحات، ومدى نجاعتها، والوقوف على كل تفصيل يتعلق بها وبآثارها، محط اهتمام الحكومات والمؤسسات ومراكز الأبحاث، والأفراد في كل مكان.
ويشكل الجدل القائم حول لقاح “استرازينيكا” البريطاني، التريند العالمي الحالي في هذا المجال، وفي سوريا ومع وفاة الشاب عمار الشبلي، بعد تلقيه اللقاح بثلاثة أسابيع، أصبح هذا اللقاح “ترينداً سورياً “ يتناقله ويتحدث عنه غالبية السوريين.
في سوريا ..
في سوريا، وبحسب المتناقل، في ظل غياب التصريح الرسمي، أعطي اللقاح الروسي “سبوتنيك” للكوادر الطبية، واللقاح الصيني، وأما باقي الفئات بالعموم حصلت على لقاح “استرازينيكا” الذي دخل سوريا عن طريق منظمة الصحة العالمية.
وأوقفت عدة دول أوروبية التطعيم بلقاح “استرازينيكا” منذ آذار الماضي، بغرض دراسته، والبحث في نتائج تحقيق وكالة الأدوية الأوروبية قبل اتخاذ قرار باستئناف التطعيمات.
وأول هذه الدول كانت الدانمارك، وتلتها عدة دول أوربية منها الدول الكبرى الثلاث ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والتي استأنف بعضها استخدامه مجدداً.
سوريون في الخارج يناشدون وزارة الصحة: أوقفوا “استرازينيكا”
وقال الناشط السوري، كيفورك ألماسيان، المقيم في ألمانيا، لتلفزيون الخبر: “عندما وصل لقاح أسترازينيكا إلى سوريا، انتقدت هذه الخطوة، لأن هذا اللقاح بالذات له سمعة غير جيدة في الدول الغربية بعد تسببه لحالات قليلة من الجلطات عند فئة الشباب وبالتحديد لمن لم يتجاوز سن الستين”.
وأضاف “ومنعت عدة دول غربية هذا اللقاح أو حددت سن الستين أو الخمسين كحد أدنى للراغبين بالحصول عليه”، مردفاً أنه “في بريطانيا على سبيل المثال، نسبة الحالات القاتلة من خلال تجلط الدم بسبب أسترازينيكا هي حوالي واحد من كل 77000 متلقي”.
وتابع “ألماسيان” أنه “في ألمانيا، وبحسب صديق لي يدرس الطب في مدينة فرايبورغ، بعد أن تلقى أول جرعة من أسترازينيكا وبسبب مخاوف الجلطة عند الشباب، تلقى طلاب الجامعات الجرعة الثانية من لقاح Pfizer “.
وأشار “ألماسيان” إلى أنه “قرر مناشدة الصحة بعد وفاة الصحفي السوري، عمار الشبلي، مؤخراً، البالغ من العمر 35 عاماً بجلطة قلبية، بعدما حصل على لقاح أسترازينيكا بمدة 22 يوماً”، فيما أرجعت مديرية صحة دير الزور والرقة سبب وفاة “شبلي” إلى الجلطة القلبية.
ويرى “ألماسيان” أنه “من المهم تحذير الشباب في سوريا من لقاح أسترازينيكا وليس التخويف من اللقاحات بشكل عام، إذا كان لا بد من التطعيم، اشترط على المركز لقاح سبوتنيك الروسي ودعوا لقاح أسترازينيكا لمن هم فوق الستين لأنهم غير معرضين لنفس خطر الجلطات مقارنة مع الشباب”.
ووجه “ألماسيان” رسالة إلى وزارة الصحة السورية وهي “دراسة هذه الحالات بجدية وتقديم نسبة مئوية لردود الفعل السلبية عند متلقي اللقاحات وأيضاً نسبة الوفيات بسبب لقاح أسترازينيكا”.
وأكمل “يجب على وزارة الصحة تحمل مسؤوليتها ودراسة هذا الموضوع بجدية، والأفضل تعليق لقاح أسترازينيكا لمن هم تحت الستين إلى حين الانتهاء من دراسة الحالات”.
ومن جهته، قال الدكتور “هادي يازجي”، المدير الطبي لمختبر طبي دولي مقره في الولايات المتحدة، لتلفزيون الخبر إن: “الأهم هو قرار على مستوى وزارات الصحة في سوريا ولبنان ودول أخرى بعدم إعطاء ذلك اللقاح لأي شخص تحت عمر 55 عاماً”.
وأضاف “نسبة الاختلاطات لا زالت قليلة جداً حتى عند الشباب”، لافتاً إلى أنه “يجب عدم إعطائها لأشخاص تحت سن 55 من باب الحذر”، وقال: “ما حدث للصحفي عمار الشبلي كان ممكن تجنبه لو أخذ لقاح آخر”.
آراء متضاربة.. وألمانيا تعيد استخدام استرازينيكا
ومن جهة أخرى، أوضح أخصائي الصدرية الدكتور جوليان سنكري، في ألمانيا، لتلفزيون الخبر، أن “الدراسات الحالية كلها لم تجد رابط بين الجلطات والاحتشاءات المفاجئة والنوب القلبية، واللقاح”.
وتابع “سنكري” أن “هناك حالة واحدة وهي الخثرات الدماغية التي نادراً ما تحصل وازدادت عند النساء بعمر 35 إلى 50 سنة ولذلك يخفف إعطاؤه لهذه الفئة، وسبب ذلك وجود بعض جرعات اللقاح غير المفلترة بشكل جيد من بعض البروتينات”.
وحول موضوع الجلطات الشبابية، قال “سنكري” إن: “منطقتنا فيها إصابات بالجلطات والاحتشاءات المفاجئة لأعمار صغيرة، وبرزت خلال السنوات الأخيرة، كما أنها تزيد في هذا الوقت من العام”.
وأكد “سنكري” أن لقاح “استرازينيكا” يعطى في ألمانيا على شريحة واسعة، حتى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تطعمت فيه، ولا يمكن البت فيه إلا إن قامت السلطات الصحية في سوريا بدراسة الآثار الخاصة فيه”.
وزارة الصحة و”القرية الصغيرة”
خلال إعداد التقرير، حاول تلفزيون الخبر الحصول على وجهة وزارة الصحة حول ما يتم تداوله حول القضية، لكن الوزارة فضلت الصمت، حتى أنها لم تصدر بياناً أو تصريحاً صحفياً أو توضيحاً أو إجابة على هواجس السوريين حول وباء يعتبر الأهم في تاريخ البشرية الحديث.
لين السعدي- تلفزيون الخبر