وضع حداً لمتنفذين استنزفوا البيئة البحرية لسنوات عبر مراكب الجرف القاعي .. وزير الزراعة يتخذ قراراً هاماً وجريئاً
أقرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إعادة العمل بالقرار رقم /5/ لعام 2004 القاضي بمنع صيد الجرف القاعي داخل المياه الإقليمية السورية.
ويأتي قرار الوزارة على إيقاع تصاعد مطالبات الصيادين بإيقاف مراكب الجرف لما تسبب به من تدمير للبيئة البحرية ضمن المياه الإقليمية عبر جرف كافة الأحياء الموجودة فيها.
وقال وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا لتلفزيون الخبر: “في عام 2004، أصدرت الوزارة قراراً يقضي بإيقاف مراكب الجرف القاعي لفترة معينة لما تسببت به من استثمار جائر لصيد الأسماك في سوريا، على أن يتم إجراء دراسات بحثية واستقراءات ميدانية من قبل الفنيين والباحثين في الهيئة العامة للثروة السمكية”.
وأضاف قطنا: ” بين عامي 2004-2016 تم إجراء دراسة بحثية بيٍنت أن الجرف القاعي لا يترك أثراً كبيراً على البيئة البحرية، وأنه يمكن العودة للصيد بأسلوب الجرف القاعي”.
وأشار قطنا إلى أنه، حسب الدراسة، “تم اقتراح العودة للجرف القاعي ضمن شروط، وهي أن يتم الجرف على بعد مسافة تتراوح بين 4,5-6 ميل من الشواطئ، وفق فتحات معينة للشباك المستخدمة، وفي أوقات محددة، استناداً لتقسيم المنطقة البحرية السورية إلى ثلاث مقاطع “زونات”، الأولى تبدأ من حدود لبنان البحرية حتى شمال طرطوس، الثانية من شمال طرطوس حتى منطقة جبلة، الثالثة من منطقة جبلة وحتى المياه الإقليمية مع تركيا”.
وأضاف الوزير: “وفق هذه الشروط، عاد الجرف القاعي، وقد تم الترخيص لـ 5 مراكب يسمح لها بالجرف داخل المياه الإقليمية السورية، لكن هناك بعض الصيادين خالفوا الشروط المحددة سواء من ناحية فتحات الشباك، والجرف في أماكن أقل من 4 ميل باتجاه الشواطئ، وعدم التقيد بمواعيد الصيد المحددة”.
وتابع قطنا: “راقبنا موضوع الجرف القاعي، وطلبنا إجراء دراسات بحثية، حيث بينت نتيجة الاستقراءات الميدانية والدراسات أن الجرف القاعي عمل غير صحيح وقد أعاد تدمير البيئة البحرية في المياه الإقليمية السورية”.
وأردف الوزير : “عليه، طلبنا دراسات مفصلة إضافة للدراسات الموجودة سابقاً، وتأكدنا أن السماح بعودة الصيد بأسلوب الجرف القاعي لم يستند إلى دراسات كافية، وأن الدراسات السابقة بحاجة لاستكمال حتى يتم التيقن من إذا كان الجرف القاعي يؤثر بشكل كبير ويدمر البيئة البحرية أم لا”.
واستدرك قطنا: “جميع الدلائل تشير إلى أن حجم الصيديات السمكية في البحر ضمن المياه الاقليمية انخفض بشكل كبير، حيث كان للجرف أثر سلبي على الصيديات وساهم بتدمير البيئة البحرية”.
وبين قطنا انه “بموجب الدراسات، اتخذت وزارة الزراعة قراراً بالعودة لإيقاف الجرف القاعي وفق القرار المعمول به عام 2004، مع الاستمرار بالدراسات البحرية حول الجرف”.
واشار وزير الزراعة إلى أن “الجرف القاعي عالمياً موجود في أماكن محددة وبمواعيد محددة، وهناك قانون ينفذ على الجميع، وبالمقابل هناك التزام من قبل الصيادين بالشروط المحددة للصيد، في حين لم يكون هناك التزام من قبل بعض الصيادين في سوريا”.
وشدد قطنا على “وجوب إعادة ترميم البيئة البحرية، وإعادتها لوضعها الطبيعي، وزيادة كمية الأسماك في المياه الاقليمية السورية، لتوفير الأسماك للصيادين، خاصة أن حجم الصيد التجاري في سورية ليس كبيراً”.
وفي هذا الصدد، بيّن قطنا أن “عدد زوارق الصيد المرخصة في سوريا يبلغ 1800 زورقاً، يعمل منها 1450 زورقاً، وتشكل مهنة الصيد مصدر الرزق الوحيد لعائلات الصيادين”، مشدداً على “ضرورة الحفاظ على مهنة الصيد، والحفاظ على البيئة البحرية آمنة لتحقيق الاستدامة”.
ولفت قطنا إلى “استمرار الدراسة البحثية من خلال مركب واحد يرافقه باحثون من الهيئة العامة للثروة السمكية، مهمته إجراء مقاييس بحثية لساعات محددة في مكان محدد صغير المساحة، لدراسة التطور الحاصل على البيئة البحرية”.
وحول العقوبات في حال مخالفة قرار إيقاف الجرف القاعي، أكد قطنا أن “المديرية العامة للموانئ هي المسؤولة عن الملاحة، وعن حجز أي مركب مخالف لقانون الصيد المعمول به”.
وأوضح قطنا أن “أي زورق لا يدخل البحر إلا بعد الحصول على إذن حركة من مديرية الموانئ التي تقوم بمراقبته إذا كان لصيد الجرف القاعي أو لغيره، وحجزه في حال ارتكاب أي مخالفة”.
وأشار قطنا إلى أن “قانون الصيد وحماية الموارد المائية واضح، وينص على عقوبات مشددة بشكل كبير، فهناك مخالفات مالية كبيرة، بالإضافة لوجود ضابطة في حال ارتكاب أنواع مخالفة سواء من ناحية الصيديات، أو حجم الشباك، أو أجهزة الصيد، أو استخدام مواد صيد مخالفة كالديناميت”.
وأردف قطنا: “الدولة والشعب يد واحدة، والرقابة الشعبية جزء من الرقابة الحكومية، ما يعني أنه يجب على كل صياد عندما يرى زورقاً مخالفاً أن يقوم بالإبلاغ عنه للموانى أو للهيئة العامة للثروة السمكية، من خلال ذكر اسم المركب ورقمه المدونين عليه بموجب الترخيص الممنوح له، مع ذكر تاريخ المخالفة ومكانها، ليصار لاتخاذ الإجراء اللازم والرادع للمخالف”.
بدوره، قال رئيس جمعية الصيادين في اللاذقية نبيل فحام لتلفزيون الخبر: “بعد مطالبات كثيرة للصيادين على مدى سنوات عدة للمعنيين في وزارة الزراعة تم ايقاف عمل مراكب الجرف القاعي في الساحل السوري بدعم من وزير الزراعة”.
وأكد فحام أن “هذا القرار سيساهم في إعادة إحياء اليئة البحرية لمياهنا الإقليمية بعد أن أنهكتها مراكب الجرف القاعي التي كانت تجرف الأسماك ابتداء من البذرة الصغيرة التي لايتجاوز طولها سينتمر واحد”.
وأشار فحام إلى أن “فائدة قرار إيقاف مراكب الجرف القاعي لن تظهر مباشرة، وإنما بعد موسمين تقريباً، ريثما تنتعش البيئة البحرية”.
وأكد فحام أن “مراكب الجرف غير مسموح لها الصيد ضمن المياه الإقليمية السورية، وأن العائدات المادية التي تجنيها تلك المراكب تعود لأصحاب مراكب الجرف فقط، فيما تحرم آلاف من الصيادين والبحارة من المردود المادي نتيجة جرف كل الأسماك في البحر”.
يشار الى أنه على مدى سنوات طويلة كانت شكوى الصيادين على طول الشريط الساحلي تصب في خانة مناشدة المعنيين في وزارة الزراعة لإيقاف مراكب الجرف القاعي التي كانت تكنس البحر في عمليات صيد جائرة على أعين الصيادين الذين كانوا يعودون في معظم الأوقات من رحلات صيدهم بغلة شحيحة تهدد مصدر رزقهم الوحيد.
وفي المقلب الآخر، كانت شباك مراكب الجرف القاعي، لمتنفذيها الذين خالفوا القانون على مدى سنوات، تنوء بمختلف أنواع الأسماك وأحجامها بعد عملية صيد جائرة تملأ جيوب أصحاب المراكب، على حساب أفواه مفتوحة على قوت يومها المحكوم “بالرزق على الله”.
باسل يوسف – تلفزيون الخبر