إرادة الحياة.. إحدى أمهات الشهداء تتحدى الواقع المعيشي بمشروع بسيط
الحياة مزيجٌ عجيبٌ من المواقف واللحظات القاسية تارة، والغامرة بالسعادة تارة أخرى، وبين هذا وذاك يقطعُ المرءُ أيامه محاولاً التخفيف من أعباء الحياة ومشقّاتها صانعاً لنفسه لحظةَ وجودٍ دافئةً، غالباً ما تكون مبنيّةً على تجربةٍ مريرة مع الزّمان.
وهذه هي حال إحدى الأمّهات السوريات اللواتي صنعنَ من آلام الفقد المرير مشروعاً جميلاً فيه من رمزية إحياء ذكرى من فُقِدوا بطريقة لا يُتقنها إلّا السّوريّون، فقد قامت إحدى أمّهات الشهداء بمشروع بسيط لاقى قبولاً ونجاحاً عند الناس .
وعن فكرة المشروع تقول السيدة هنادي إبراهيم لتلفزيون الخبر إنه “بدأت فكرة مشروعي منذ قدوم ولدي الشهيد إجازات من الخدمة العسكرية إلى منزلنا في بلدة الشيخ سعد بمنطقة طرطوس، وقيامي بتحضير الفطائر والمأكولات ليأخذها معه.
وأضافت أنه “حين استشهد لم أعد أمتلك الرغبة للقيام بشيء لما ترك غيابه ورحيله من أثر كبير في ذاتي وروحي”.
وأردفت إبراهيم أنه “بعدها أصبح رفاقه يأتون إلى منزلنا لمواساتي راحوا يطلبون مني تحضير الطعام الذي كنت أرسله مع ولدي إلى خدمته حيث كانوا يأكلون معه حينها، كما قاموا بتشجيعي لفتح مشروع صغير يساعدني على الأعباء المعيشية التي تصادفنا والغلاء الفاحش الذي نشهده”.
وأضافت إبراهيم أن “المشروع يقوم على تحضير وجبات الطعام في منزلي وبيعها إلى الزبائن الذين يقوموا بتوصيتي على الطعام المطلوب” مبينة أنه “عند اتخاذ القرار للبدء بالمشروع قمت بمساعدة الأصدقاء بإنشاء صفحة فيسبوك للترويج لعملي وللأكلات التي أقوم بها ضمن المنزل”.
وذكرت إبراهيم أنه “وجدتُ تفاعلاً وتعاطفاً من الناس لمشروعي وازدادت الطلبات والتوصيات للأكلات والوجبات التي أحضِّرها”.
وأضافت “أقوم بشراء المواد اللازمة لتحضير الأكلة المطلوبة، وعند الانتهاء من تحضيرها نقوم بوضعها ضمن أواني خاصة (صفطات) وبحسب الطلب فقط”.
ولفتت إبراهيم إلى أنّ “مردود العمل بسيط لكنه يكفيني معيشياً والأهمُّ أني مسرورة به وأحبه وأعطيه كلَّ ما لديّ من طاقة”.
وعن عملها خلال شهر رمضان تقول إبراهيم إن “العمل في هذا الشهر الكريم وتحضير الطعام خلاله له لذة كبيرة وممتعة لما فيه من بركة وأجواء روحية واجتماعية كلمِّة العائلة على مأدبة رمضان”.
مضيفة أن “عملي خلال شهر رمضان قائم على تحضير كل يوم وجبة وطبخة بحسب التواصي والطلب”.
وذكرت إبراهيم أن “ابنتي وابنة عمي تقومان بمساعدتي في تحضير الطلبات وخاصة إذا كانت الطلبية كبيرة وبحاجة إلى مساعدة”.
وأكملت إبراهيم “من بين أكثر الأكلات التي أقوم بتحضيرها صفيحة بلحمة وفطائر على الصاج بجميع الأنواع كالكشك والسلق والمحمرة، بالإضافة إلى طبخات كالشاكرية والملوخية والكبسة، وللحلويات نصيبٌ آخر من عملي أيضاً”.
وأشارت إبراهيم إلى أنه “من بين الصعوبات التي تصادفني بالعمل صعوبة تأمين الغاز، وغلاء سعر الجرّة بالسوق السوداء حيث يصل ثمنها إلى 40 ألف ليرة، ولا يوجد لديّ قدرة مادّية على دفع هذا المبلغ المالي، لذا أضطرُّ لاستخدام الحطب في تحضير الأكلات والطبخات”.
يُشار إلى أنّ السيدة هنادي إبراهيم والدة الشهيد علي محمد بيلون، الذي استشهد في إحدى المهامّ العسكرية في محافظة حماة خلال شهر آذار عام 2012 .
علي رحال – تلفزيون الخبر – طرطوس