من طقوس الصوم في ذاكرة السوريين.. مدفع رمضان
لا يزال المدفع الرمضاني يشكل علامة من علامات شهر رمضان في سوريا، ومحفوظاً في ذاكرة السوريين كطقس أصيل، وكان من عادات الشهر الكريم بالرغم من عدم الحاجة له في ظل إمكانية معرفة التوقيت الصحيح للإفطار والسحور في كل مدينة وقرية قبل أن يتوقف هذا الطقس مع بداية الحرب.
يعتبر المدفع الرمضاني وشكله وطريقة إطلاقه ذكرى محفورة في ذاكرة السورين ويأخذ حيزاً واسعاً في مخيلات الأطفال الذين كانوا ينتظرونه بفرح على الشرفات والأسطحة، يراقبون الدخان المنطلق من فوهته، كإعلان انتهاء الصيام والبدء بوجبة الإفطار المليئة بمختلف أنواع الأطعمة بـ”سفرة رمضان”.
وعلى عكس ما يعتقده البعض فإن مدفع رمضان الذي يصدر ذلك الصوت هو عبارة عن أسطوانة حديدية يوضع بداخلها البارود المجهز المحضر، بأسلوب تقني وهو مرتبط بفتيل يتم إشعاله من قبل العامل المختص فيخرج البارود من الاسطوانة وينفجر في السماء معلناً حلول موعد الإفطار، أو السحور.
و اختلفت الروايات حول نشأة هذا التقليد الرمضاني ولكن معظم هذه الروايات يعتبر مدينة “القاهرة ” المصرية، أولى المدن التي شهدت هذا التقليد، لينتقل بعدها إلى بلاد الشام كمدينة “دمشق” و”القدس” وغيرها من المدن.
ثم وصل إلى “بغداد” في أواخر القرن التاسع عشر، لينتقل إلى دول الخليج عن طريق الكويت في عام 1907، وبعدها إلى اليمن والسودان ومن ثم دول أفريقيا وشرق آسيا.
وعن المرة الأولى التي تم فيها إطلاق المدفع، تقول روايات على أنها عن طريق الصدفة أو الخطأ وعن الزمن الذي حدث فيه فبعضها يرجع الأمر لعام 856 هـ، في عهد السطان المملوكي “خو شقدم”.
أراد السلطان أن يجرب مدفعاً جديداً وصادف إطلاق المدفع مع وقت المغرب في أول يوم من شهر رمضان فظن الناس أن السلطان أطلق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان.
وفي رواية أخرى، يعود إطلاق المدفع للصدفة البحتة عام 1805 خلال حكم “محمد علي باشا” لمصر عندما أراد تجربة أحد المدافع التي وصلت إليه من “ألمانيا”، ليصادف ذلك في وقت الغروب، في أول أيام شهر رمضان، فقرر الاستمرار في ذلك بعدما لاقى الأمر قبولاً عند المصريين.
وأما الرواية الثالثة لا تختلف عن سابقتيها، باعتبار الصدفة هي من كانت وراء هذا التقليد، ففي عهد الخديوي “اسماعيل” عندما كانت تتم صيانة أحد المدافع فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء “القاهرة”، وتصادف أن كان ذلك وقت آذان المغرب.
ظن الناس أنه تقليد جديد للإعلان عن موعد الإفطار، فأصدرت الحاجة “فاطمة” ابنة الخديوي “اسماعيل” فرمانًا يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك والأعياد الرسمية.
الجدير بالذكر أن مدفع رمضان بقي تقليداً محبباً لدى الجميع و كان يطلق في سوريا من مكان معروف كقلعة دمشق، وقلعة حلب والقلعة الأثرية في جبلة وفي حي القلعة عند برج البث في اللاذقية، لينتقل بعدها إلى الحدائق العامة وغيرها من الأماكن.
وكان يعمد في اللاذقية لفوج إطفاء اللاذقية لإطلاق مدفع رمضان من كل عام.
زياد علي سعيد_تلفزيون الخبر_اللاذقية