مابين الفن والسياسة.. 46 عاماً على رحيل “كوكب الشرق” أم كلثوم
رحلت أم كلثوم عن عالمنا، قبل 46 عاماً، في 3 شباط 1975، إلا أنها مازالت خالدة فى قلوب وآذان عشاقها بما تركته من إرث فني كبير يليق بمكانة “كوكب الشرق”.
وبدأت أم كلثوم مسيرتها الفنية في العام 1916، حيث كانت تحفظ في طفولتها القصائد والتواشيح، وغنت وهي في العاشرة من عمرها أمام الجمهور لأول مرة في بيت شيخ البلد بقريتها في محافظة الدقهلية.
وعبرت أم كلثوم خلال مسيرتها الفنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن عن جميع المشاعر الإنسانية من خلال أغاني رسخت في قلوب عشاقها ك”سيرة الحب” و”أنساك” و”الأولة في الغرام” و”عودت عيني” و”رق الحبيب” و”حب إيه” و”لسا فاكر” و”هو صحيح الهوى غلاب” و”إنت عمري” وإنت الحب” و”ألف ليلة وليلة” و”إسأل روحك”.
وتعاونت “الست” مع كبار الكتاب والملحنين في التاريخ العربي كأحمد رامي وبيرم التونسي وعبد الوهاب محمد ومن الملحنين محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي ومحمد القصبجي ومحمد الموجي وبليغ حمدي.
كما غنت أم كلثوم عدد من القصائد باللغة الفصحى ك”رباعيات الخيام” لعمر الخيام و”الأطلال” لإبراهيم ناجي و”عصي الدمع” لأبو فراس الحمداني و”وقف الليل” لحافظ إبراهيم و”ثورة الشك” لعبدالله الفيصل و”سلو كؤوس الطلا” لأحمد شوقي و”أغداً ألقاك” للهادي أدم.
وحاولت “ثومة” تسجيل القرآن الكريم بصوتها، لولا تصدي الأزهر لها في حينه، إلا أنها تلت بعض الآيات من “سورة إبراهيم” في فيلم “سلامة” عدا عن غنائها للعديد من القصائد الدينية كان أهمها “نهج البردة” لأحمد شوقي.
وعاصرت أم كلثوم العديد من حكام مصر بدايةً بالملك فاروق الذي عارضها أول الأمر بسبب رغبة خاله بالزواج منها، إلا أنه قرّبها منه فيما بعد بسبب حب الشعب لصوتها، وقلدها وسام “الكمال” من الطبقة الثالثة، وهو الوسام الممنوح لأميرات العائلة المالكة وزوجات رؤساء الوزارة، ما أغضب أغلب الأميرات حينها.
وبعد ثورة 1952 ارتبطت أم كلثوم ارتباطاً وثيقاً بالرئيس جمال عبدالناصر، بالرغم من منع أغانيها في بداية عهد الثورة ليتدخل عبدالناصر شخصياً ويعيد أغانيها مرة أخرى، لتغني له العديد من الأغاني منها “يا جمال يا مثال الوطنية” و” قم” التي غنتها عقب تنحيه و”حبيب الشعب”.
ونشب خلاف بين أم كلثوم وزوجة الرئيس أنور السادات ادى لمنع إذاعة أغانيها لأكثر من سنة وذلك يعود لزيارة قامت بها “ثومة” لمنزل السادات مهنئةً له بالرئاسة ومن منطلق الصداقة التي بينهما قالت له “مبروك الرئاسة يا أبو الأناور” مما أثار غضب زوجته.
ونُقلت رواية أُخرى عن سبب الخلاف بين أم كلثوم وجهان السادات والذي كان بسبب لقب “سيدة مصر الأولى” التي كانت ترغب جهان السادات بالاحتفاظ به لنفسها وسط اشتهار أم كلثوم به مصرياً وعربياً.
وتنقلت أم كلثوم في عدة عواصم عربية وعالمية تغني لصالح المجهود الحربي عقب نكسة 1967، وقامت بجمع التبرعات، كما اشترت قطعة أرض كبيرة لإقامة مشروع أم كلثوم الخيري لرعاية مصابي الحرب.
وارتبطت “كوكب الشرق” بعلاقة وطيدة مع فلسطين وقضيتها حيث أقامت العديد من الحفلات في فلسطين قبيل احتلالها علاوه على غنائها العديد من الأغاني الداعمة للقضية الفلسطينية أبرزها “أصبح عندي الأن بندقية” كلمات الشاعر السوري نزار قباني.
وعرف الوسط الفني ظهور خلافات بين أم كلثوم والعديد من الفنانين الكبار كان أشهرها خلافها مع عبد الحليم حافظ الذي انتهى باعتذار “العندليب” وخلاف مع فريد الأطرش بسبب لحن أغنية “الربيع” ومع أسمهان لوضعها مكان المقارنة معها.
وامتلكت أم كلثوم في رصيدها السينمائي 6 أفلام غنائية وهي “وداد” 1935 و”نشيد الامل” 1937 و”دنانير” 1940 و”عايدة” 1942 و”سلامة” 1944 و”فاطمة” 1947.
واشتهرت أم كلثوم بالعديد من الإكسسوارات التي أصبحت علامة مميزة لها كالنظارة والعقد المكون من 1888 حبة لؤلؤ عدا عن المنديل الذي كانت تستخدمه لتفريغ خوفها من المسرح والجمهور وفق كلامها لمجلة “روز اليوسف”.
وتم بيع 3 قطع من الإكسسوارات الثمينة لأم كلثوم في مزاد بدبي عام 2009 بمبلغ 118 ألف دولار، وهم عقد مصنوع من اللؤلؤ بمبلغ 30 ألف دولار، حصلت عليه كهدية من شاه إيران رضا بهلوي.
إضافة لساعة نسائية مرصعة باللؤلؤ والألماس بـ 7500 دولار، وأخيراً طقم مصنوع من الألماس والزمرد واللؤلؤ بمبلغ 80 ألف و500 دولار.
كما تم بيع العقد الشهير الذي كان أهداها إياه أمير الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمبلغ مليون و385 ألف دولار، ويعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، حيث تمت صناعته يدوياً فى شمال الهند ويُقال أنه كان العقد المفضل لها.
يشار إلى أنه تعددت الروايات خلف إطلاق لقب “كوكب الشرق” على أم كلثوم حيث قال البعض أن المذيع المصري محمد فتحي هو الذي أطلق عليها هذا اللقب بينما رجح أخرون أنها حصلت عليه من سيدة فلسطينية من حيفا خلال حضورها حفلة من حفلات “الست” في يافا.
يذكر أن الأسم الأصلي لأم كلثوم هو فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي وهي من مواليد قرية السنبلاوين عام 1898 ولها العديد من الألقاب مثل “سيدة الغناء العربي و”قيثارة السماء” و”صاحبة العصمة”.
جعفر مشهدية- تلفزيون الخبر