“النملية”.. تراث الجدات ومخبأ سعادة الأحفاد
ينتظر الأحفاد زياراتهم لمنازل جداتهم، ليتجهوا فور وصولهم إلى “نملية المطبخ”، لتبدأ رحلة استكشافهم لما فيها من مربيات وفواكه مجففة، وغيرها من الأطعمة و”المونة” التي تخزنها جداتهم فيها.
و”النملية” عبارة عن صندوق خشبي عمودي ما زال يستخدم في بعض البيوت لحفظ مختلف أنواع الأطعمة، وتسمى “نملية” لأن لأبوابها شبك معدني بثقوب ضيقة جداً تمنع دخول جميع أنواع الحشرات وحتى النمل إليها.
تقول الجدة أم محمد (امرأة سبعينية) لتلفزيون الخبر: كنت أنتظر وصول أحفادي العشرة لأُخرِج من النملية مربى القرع والزبيب والتين اليابس واللوز والجوز لأقدمها لهم لأنها مفيدة ومقوية للجسم.
وقالت أم شمس: كنت لا أصدق أن أصل للقرية، فهناك جدتي التي كانت تخبئ لي في النملية فطائر السلق والفليفلة، بالإضافة للزبيب واللوز والجوز والتين اليابس التي كانت تستغرق وقتاً طويلاَ في تجهيزها، كنت أعود من بيت جدتي وأنا أشعر بأن وزني قد ازداد بالفعل عدة كيلوغرامات.
وتتذكر بشرى أن “النملية كانت من أساسيات بيت جدتها، وكانت تحتوي دائماً على الحبوب من برغل ورز وحمص وحنطة، بالإضافة للطحين، والفخارات الخمسة التي تحتوي المخلل والزيتون والجبنة”.
وقالت أم علي (امرأة خمسينية) عن نملية جدتها: كانت جدتي تضع فيها الزبدة، الجبنة، اللبنة، المكدوس، مربيات المشمش والعنب والكرز والتفاح، كنت أشعر بأن معدتي خاوية عند النظر لهذه الخزانة من شدة اللذة التي كنت أشعر بها عند وقوفي أمام هذا “الإنجاز”.
وقالت جودي (طالبة في الصف التاسع): أحب أن أقضي أطول ساعات يومي عند جدتي، أحب أن أختار طعامي من النملية، التي تضع فيها الشنكليش، مربى التين، وحبال التين اليابس وكبيبات السلق، هذه الأكلات التي لا أجدها في منزلنا.
وقال عمار: “نملية” أمي هي ورثة من ستي، وما زالت رائحتها فيها، مع روائح الفلفل المطحون والنعنع اليابس وكافة أنواع البهارات والسمسم والحلاوة وجرّات العدس والحمص والبرغل وأكياس الزهورات والسمن البلدي والعسل.
وأضاف عمار: بقيت أمي تحتفظ بأوانيها الفخارية وتحرص على ملئها كل فترة بكل نواقصها، بالإضافة لوضع الطعام المطبوخ فيها في فصل الشتاء.
يذكر أن “النملية” لا تزال من أحد أساسيات بيوت الجدَّات، وبالنسبة لهنّ، تعتبر أهم من البرادات، وما زلنَ يخبئن فيها ما لذّ وطاب، بانتظار جمعة الأحفاد في بيوتهن، وكأن النملية مارد فانوس علاء الدين الذي يقول ” شبيك لبيك.. النملية بين إيديك.. طلبُكَ مُحقق”.
شذى يوسف- تلفزيون الخبر- اللاذقية