“الخالة أمونة”: الثقافة في 2020 “الطبل بحرستا والعرس بدوما”
“انتهى عام 2020 والثقافة السورية، تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي”، هذا ما أخبرتنا به الخبيرة في الشؤون الثقافية “الخالة أمونة”، وبتعبير آخر لها “الطبل بحرستا والعرس بدوما”، هذين الحكمين القاطعين فندتهما خبيرتنا بدلائل لا يتخللهما أي شك.
تقول: “الحصاد الثقافي لهذا العام يشبه سابقاته، لكن يُضاف إلى شماعة الحرب التي باتت كثيرة الاستخدام ثقافياً، شماعة كورونا، وكأن العجلة الثقافية كانت تسير مثل سيارة شوماخر، فجاء الحدث الصحي إلى جانب الحرب وجعلاها مثل عجلة “الطرطيرة”.
تضيف الخالة أمونة: في الحقيقة، الواقع مختلف، إذ ما زالت الثقافة السورية تجتر ذاتها، وتركز ما استطاعت على فعاليات متكررة، ومهرجانات تشبه بعضها، من دون أي فكرة جديدة، أو حتى محاولة للخروج من النمطية المعتادة في إدارة شؤونها.
وتؤكد الخبيرة الثقافية بأن ثقافتنا في عام 2020 كانت ترتكز على قائمتين، الأولى: “ثقافة من حواضر البيت”، بمعنى حفلات موسيقية “من قريبو” لعدد محدد من الموسيقيين، وأفلام سينمائية لبعض المخرجين يتناوبون بالدّور.
إلى جانب ذلك، هناك نشر كُتُب للمُقرَّبين، وغيرهم، يأبى أي مثقف حقيقي أن يضع واحد بالألف منها على رف مكتبته، وعروض مسرحية مثل “الضحك على اللحى”، أما التشكيل فـ”رِجْلْ لورا والأخرى لورا أيضاً”، بحيث بات معرض الربيع خريفياً، ومعرض الخريف شتائياً، و”الله يستر من القادم”.
في حين أن القائمة الثانية التي تقوم عليها الثقافة، بحسب الخالة أمونة، فهي التركيز على الكم من دون أي اهتمام بالنوع، وكأن المهم تسجيل أرقام كبيرة من الحفلات والندوات والمحاضرات والعروض، لعدم تدوير الميزانيات للعام القادم، و”الحسابة بتحسب”.
تقول “الخالة أمونة”: وضع الثقافة من أسوأ لأسوأ، والسبب الرئيسي لذلك، أنه ليس هناك مشروع حقيقي للنهضة الثقافية، وعدم القدرة على وضع خطة لذلك، والبُعد عن اهتمامات المواطن السوري، بحيث أن الثقافة في وادي وجمهورها في وادي آخر.
والأهم، كما توصِّف خبيرتنا الثقافية، أن القائمين على الثقافة السورية يُمعِنون في غِيِّهم، ويتعاملون معها وفق هواهم، لا بما تتطلبه الضرورات التي نعيشها، فمثلاً ليس هناك مواجهة للمتطلبات الثقافية الأساسية، ولا محاولة للجذب، بل تعزيز للتنفير من الثقافة وأهلها الحقيقيين.
توضح “الخالة أمونة”: كثيراً ما ترى بعض السوريين في رهبة من الدخول إلى دار الأوبرا، لأنهم يجهلونها ويجهلون نشاطاتها، والمراكز الثقافية حافظت على عُقْمِها، وباتت “أهلية بمحلية” خاصة بمديرها ورعيّته وموظّفيه، ومسرح الطفل مثلاً بلا اختصاصيين اجتماعيين ونفسيين، فتصبح عروضه كأنها موجهة لأطفال القرن الماضي،…
تقول الخبيرة الثقافية: لا أمل لنا في هذه الثقافة، إذا اكتفت بالشعارات الرنانة من مثل “ثقافتي هويتي”، من دون تحقيق فحوى تلك الشعارات، وتسخير الجهود في الإطار الصحيح، لبناء جسور مع المواطنين، وجعل الثقافة حاجة يومية لزيادة الارتقاء، وتنمية الذائقة، وتحقيق مزيد من الانتماء للإنسانية جمعاء.
وتضيف الخالة أمونة: لكن على ما يبدو أن ترجمة ذلك على الأرض “ملعبجة”، وكأنها تتم عبر “مترجم غوغل”، في حين أننا بحاجة إلى ترجمان محلَّف، قادر على قراءة الواقع بطريقة صحيحة، والانطلاق نحو تغييره، وتثويره بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإلا على الثقافة وعلى الدنيا السلام.
تلفزيون الخبر