“البالة الإلكترونية”.. سوق منافس لمحلات الألبسة المستعمة
مع تطور أشكال التواصل وتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء يشمل كل المجالات، خلق رواده شكلاً جديداً من أشكال “البالة” بعيداً عن شكلها التقليدي في المحال.
وتحولت “البالة” إلى سبيل لشراء الملابس بعد أن غدت الأسواق تكوي بأسعارها جيوب السوريين.
وكان من بين المجموعات على “فيسبوك” التي بدأت بيع الملابس المستخدمة، الكترونياً، مجموعة “البديل الأرخص”.
وتقول مؤسسة المجموعة، جويل حلاق، لتلفزيون الخبر، إن “مجموعة “البديل الأرخص” التي بدأت كتجمع لتبادل أسماء المحال التي تبيع أي سلعة بسعر أرخص، خصصت فيها فقرة لبيع الملابس المستعملة بدون وسيط، وبشكل مجاني بالكامل، وبهذا اختصر الجهد والوقت، وتمت مراعاة ظروف أي شخص غير قادر على الخروج من المنزل، والبحث في أسواق البالات”.
وتضيف “حلاق” أن “الإقبال كبير جداً على هذه الفكرة، فالمجموعة التي بدأت في أيار الماضي، تضم حالياً أكثر من 72 عضو، يتبادولون أغراضهم، غير المقتصرة على الملابس، بل حتى وصلت في بعض الأحيان إلى التبرع بتلك الأغراض دون بيعها حتى لو بأسعار رمزية”.
وفي تجربة سورية أخرى، ظهرت مجموعة أخرى على “فيسبوك” تسمى بـ”برنجي”، لبيع الملابس المستعملة، ويقول مؤسسها آراس الحسو، لتلفزيون الخبر، إن “الفكرة جائت كرابط بين حبي للأزياء من تصميم وعرض، ونظراً لأن تكلفة تصميم الأزياء والبدء فيها كبيرة، تحولت إلى إنشاء هذه المجموعة”.
ولا تقتصر المجموعة، التي بدأ العمل فيها منذ شهر واحد فقط، على عرض وبيع الملابس المستعملة بأسعار تنافس أسواق البالات، بل يبين “الحسو” أنه يقوم بـ”إعطاء نصائح للبس هذه القطعة، وما يناسبها من مناسبة أو حدث، أو تنسيقها مع قطع أخرى، وبأسعار ملائمة لها”.
ومن جهة أخرى، يرى أصحاب المهنة بشكلها التقليدي أن الشكل المستحدث من البالة “لن يؤثر على طابعها الأصلي”، وفق ما قاله “أبو إياد”، صاحب إحدى البالات في دمشق.
وتابع “أبو إياد” لتلفزيون الخبر، أن “هذه المجموعات تسمح بتبادل أو بيع عدد قليل من الخيارات، فكل شخص سيبيع مثلاً قطعة او اثتنين في كل مرة، أما البالات، فيها كل شيء، مئات القطع في كل محل، ولأعمار مختلفة”.
ويشير “أبو إياد” إلى أن “البالة تعطي شعور التسوق، فالزبون يقوم بالبحث عن القطعة بين خيارات عديدة، ويلمسها، ويقدر قياسها، إضافة إلى وجود علاقة بين الزبائن المكررين لدينا، ومعرفتنا لأذواقهم، وتكسير في الأسعار لهم، وفوق كل ذلك لا تزال المحال تتفوق بميزة القطع الأجنبية الصادرة عن دور أزياء شهيرة ووصلت إلينا كبالة، لكنها مميزة لمن يفهم في هذه الماركات”.
وتنتشر البالات في دمشق بشكل كبير، ولها سوق يضم مجموعة محال مختصة ببيع الألبسة الأجنبية في منطقة “الإطفائية”، وتنتشر كذلك بكثرة في مناطق العشوائيات.
وخلال السنوات الأخيرة، وبعد أن بات شراء الملابس لشريحة كبيرة من السوريين، من باب الحاجة فقط، توسعت فكرة التوجه للبالات، ولم تعد وصمة فقط لعدم القدرة على شراء الملابس الجديدة.
وتقول “مريم”، طالبة جامعة، لتلفزيون الخبر، إنها “لا تخجل أبداً من قولها إنها تشتري ملابسها من البالة، بل ترى أن الملابس الأوروبية أجمل من الملابس المباعة في المحال”.
وتردف “مريم”، أن “البالات رخيصة فقط إذا ما قورنت بعدد معين من المحال، لكن هناك قطع من الملابس سعرها في البالة مرتفع جداً، لأنها كما يصفها أصحاب المحال “أخت الجديدة”.
وتضيف “مريم”، أنها “لا تلاقي استهجاناً من أصدقائها ومحيطها من موضوع توجهها للبالة، سواء عن طريق الانترنت أو البحث في المحال، بل استدلت صديقاتها على بعض من هذه المحال” مبينة أن الأمر “لم يعد يرتبط فقط بسعر القطعة، بل الجودة في بعض الأحيان أفضل، خاصة في قطع الجينز أو السترات الشتوية، والأحذية الجلدية”.
الجدير بالذكر أن سوق البالات يشهد تفاوتاً في التسعير بين منطقة وأخرى، دون وجود ضوابط له، ففي بداية الشتاء الحالي، وصلت أسعار بعض الستر الشتوية في محلات البالة إلى أكثر من 70 ألف ليرة، ما يعادل راتب شهر كامل لموظف، حتى لم يعد بعضها الملاذ الأخير لتأمين قطعة ملابس تحمي من البرد.
لين السعدي – تلفزيون الخبر