عن “حُلم الطرحة” وفتى الأحلام .. هل تنازلت السوريات؟
“بيقولوا لبسها لولو حرير وخاتم الماس” .. في ما سلف كلمات تعود لإحدى أغاني التسعينيات التي كثيراً ما كانت “أيام الكاسيت” تعلو احتفالاً بالعروسين خلال حفل زفافهما.
فالأغنية الأخيرة التي رددتها كثير من “العروسات” التي ربما أصبحن اليوم في الأربعينيات من العمر تحولت اليوم إلى تراث جميل بموسيقى “فرايحية” لكن بكلمات لاتمت للواقع بصلة.
فسابقاً، كثيراً ما كانت تشترط السوريات المقبلات على الزواج أنهن لايرغبن بالزواج إذا لم يكن المتقدم لهن “لقطة”، ككلمة متداولة، بحسب تعبيرهن، والتي كثيراً ما كانت تنطلق ضمن إطار الزواج التقليدي على سبيل المثال.
أما اليوم، وفي الوقت الذي غابت فيه فكرة الزواج بأسرها عن أذهان كثير الشبان السوريين، وبينما لسان حالهم يقول: “يا دوب عيّش حالي”، تقف الشابات في الجهة المقابلة أمام تقديم الكثير مما تعتبرنه “تنازلات”، بينما عزفت فئة منهن عن الفكرة بانتظار “فتى الأحلام بفرسه وقصره”.
فيما تعتبر كثيرات أن ما يقدمنه ليس تنازلات إنما أموراً لا تأخذ حيزاً من أفكارهن، فالمحبس الذي حلّقت أسعاره عالياً من غير الممكن أن يقف عائقاً أمام قصة يجب أن تتوّج بالزواج، على حد تعبير لمى (شابة عشرينية).
وفي استطلاع أجراه تلفزيون الخبر، رأت إحدى الشابات أنه “”في الوضع الحالي، وبينما يعاني الشباب من كافة النواحي كتأمين عمل وحياة كريمة ومساعدة الأهل، لايوجد لدي أي مشكلة في التنازل عن كثير من تكاليف الزواج وعاداته”.
وتابعت “أنا لا أعتبر هذا تنازلاً، فكل ما يمكن أن يقدمه لي شريكي في المستقبل هو خارج اعتباراتي”، مردفة “أما فيما يتعلق بضمان مستقبلي فلا أتنازل عن المؤخر فهو غير مقبوض أساساً لكنه يضمن حياتي”.
وأضافت “ممكن أن أكتفي بخاتم زواج فضة أو ذهب تقليدي، حيث ترى الشابة أن أغلب الشابات ممن تعرفهن لم يعدن يطلبن شيئاً أكثر من خاتم الزواج مهما كان نوعه لما له من رمزية خاصة”.
في حالة أخرى، تقف شابة أخرى (تدعى حلا) وهي مقبلة على الزواج، أمام أحد محال فساتين الأعراس في دمشق القديمة، تتأمل ثم تسأل البائع هل يمكن استئجار هذا الفستان، تقول: “من غير الممكن شراء فستان زفاف، حتى كلفة استئجاره غير قليلة”.
تتابع الشابة “اتفقنا على تأمين كافة مستلزمات حفل الزفاف، سنقيمه في المنزل وأستأجر فستان زفاف رخيص، حيث بينت أنها طيلة فترة خطبتها لبست خاتم زفاف برازيلي وفق اتفاق مع خطيبها الذي يعمل كموظف”.
وأردفت “مع الأيام بيعوضني عن كل شي”، فهي تعتبر أنها لايجب أن تحرم نفسها من تفاصيل كهذه تأتي مرة في العمر، “سنتصور ونرقص مع قليل من أصدقائنا وأقاربنا”، تقول، قبل أن تنهي حديثها بالقول: “الأعراس الفاخرة ليست لنا المهم التفاهم والأخلاق”.
وبالانتقال إلى أحد محال ماركات فساتين الأعراس في حي في دمشق، قابل تلفزيون الخبر شابة ثلاثينية على عجلة من أمرها بينما كانت تحضّر نفسها لقياس مجموعة فساتين برفقة صديقتها بعد اختيارهن لأحدث القصات.
وقالت الشابة: “اخترت هذا المحل لاختيار فستان أحلامي، انتظرت كثيراً هذا اليوم بما يحمله من تفاصيل، كنت مصرة أن لا ارتبط إلا برجل يؤمن لي كافة طقوس زفافي المنتظر”.
وأضافت “كل ما خططت له حصل لي على أكمل وجه، بينما تعتبر أنه من غير الممكن بالنسبة لها التنازل عن شيء من مقومات الحياة التي تحلم بها، وترى أنها ليست بأقل من أي فتاة أقامت حفل زفاف أسطوري، وأن خاتم الألماس يليق بيدها كثيراً”، على حد تعبيرها.
يذكر أن الأحوال المعيشية السيئة التي تشهدها البلاد، شكلت تبايناً في الطبقات والحالات الاقتصادية، وحولت فكرة الزواج إلى نقطة جدل بين الشباب، فمنهم من يرى أن البركة “تدب في الزواج”، ومنهم من يقف متابعاً مشدوهاً أمام غياب أدنى مقومات الحياة الطبيعية لأي إنسان.
روان السيد – تلفزيون الخبر