العناوين الرئيسيةفلسطين

103 أعوام .. عن “بلفور” الذي سلبنا فلسطين

“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”.

“على أن يكون مفهوماً بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين”.

التوقيع: “آرثر بلفور”.. لا يمكن استذكار هذه الكلمة المشؤومة دون استذكار حجم المآسي والآلام التي خلفتها، و لا يمكن استذكارها إلا وأن تشخص أمام الأعين صور لتاريخ يأبى أن يُغفل أو يُنسى.

“الوعد” الذي قدّمه وزير خارجية بريطانيا آنذاك “آرثر جيمس بلفور” إلى اللورد اليهودي “ليونيل وولتر دي روتشيلد” في الثاني من تشرين الثاني عام 1917.

“بلفور” أيضاً واحداً من أخطر فصول المؤامرات التي حيكت للمنطقة العربية على حد سواء تمهيداً لزرع كيان عدواني يعمل على خدمة وتنفيذ المشاريع والأهداف الاستعمارية للدول الغربية الداعمة لهذا الكيان في قلب الوطن العربي.

وهو الوعد الجائر الذي منحت من خلاله تلك الحكومة “الحق” لليهود في إقامة ما يسمى بـ “وطن قومي لهم” في سيدة البدايات المسلوبة فلسطين بناء على المقولة المزيفة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

Image may contain: one or more people, sky, twilight, outdoor and nature

و“بلفور” هو الإسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 تشرين الثاني 1917 إلى اللورد “ليونيل وولتر دي روتشيلد” يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء “وطن قومي” لليهود في فلسطين.

حيث جاء “وعد بلفور” في الوقت الذي كان فيه تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان، وأرسلت تلك الرسالة قبل أن يحتل “الجيش البريطاني” فلسطين.

وعرضت الحكومة البريطانية، حينها، نص تصريح “بلفور” على الرئيس الأميركي “ولسون”، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسمياً سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأميركي ولسون رسمياً وعلنياً سنة 1919، وكذلك اليابان.

وفي 25 نيسان سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر “سان ريمو” على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين.

وعلى أن يوضع وعد “بلفور” موضع التنفيذ، ليوافق بعدها مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923.

وبهدف امتصاص حالة السخط والغضب التي قابل العرب بها “وعد بلفور”، أرسلت بريطانيا رسالة إلى الشريف حسين زاعمة فيها أنها “لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين إلا بما يتفق مع مصلحة العرب، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية”.

وماكان منه إلا الموافقة والتعاضد معهم، حيث كان، حينها، دخل دمشق مع القوات العربية ثم أصبح ملكاً على سوريا عام 1920 ثم سلمها لغورو و نُصِّب ملكاً على العراق.

Image may contain: one or more people, cloud and outdoor

و تتابعت الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم، وانصهرت في بوتقة اليهودية أكثر من سبعين جنسية من مصر واليمن، والحبشة والعراق والهند وأوربا وروسيا وأمريكا وغيرها.

وفي عام 1948، ارتفع عدد اليهود من خمسين ألف مهاجر إلى ستمائة وخمسين ألفاً، ثم تتابعت الهجرات من كل أنحاء العالم.

حيث تمكن اليهود من استغلال تلك القصاصة المزعومة المسماة “بالوعد” الصادرة عن “آرثر بلفور” المعروف بقربه من الحركة الصهيونية، ومن ثم صك الانتداب.

إضافة إلى قرار الجمعية العامة عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين ليحققوا حلمهم بإقامة “إسرائيل” في الخامس عشر من أيار عام 1948.

ولم يستسلم الشعب الفلسطيني للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرضها الحركة الصهونية وعصاباتها على الأرض، بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936.

وتكرس هذا “الوعد” واقعاً حقيقياً في عام 1948 عبر إقامة كيان الاحتلال “الإسرائيلي” بدعم وتسهيل وتآمر واضح من الاحتلال البريطاني لتبدأ النكبة التي عاشها ولا يزال الشعب الفلسطيني حتى اليوم.

حيث وقع جزء منهم تحت الاحتلال وبات عرضة لإجراءاته التعسفية ومجازره المستمرة فيما شرد القسم الأكبر وهجر من أرضه ليعيش مآسي اللجوء والشتات في مختلف بقاع الأرض.

واعتبر بعدها هذا الكيان الغاصب عضواً في الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى، لتغتصب “إسرائيل” أرض فلسطين وتنشأ عليها، وتغتصب المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية، وتبطش بمن تبقى من الشعب الفلسطيني على أرضه دون رحمة.

وتابعت حركات المقاومة الفلسطينية مسيرتها، وبدأت الانتفاضات والثورات في وجه العدو، وتجلى الحجر كسلاح أبيض واجه به الفلسطيني منذ نعومة أظفاره دبابات العدو، لتصبح المقاومة فكر وعقيدة لدى الفلسطيني فكان منهم من حارب بالسلاح ومنهم من حارب بالقلم.

وبعد قرنٍ وأعوام على هذا الوعد المشؤوم ما زلنا نعيش حتى الآن الآثار الكارثية التي تمخضت عنه وما تبعه من تداعيات حيث يواصل العدو ”لإسرائيلي” جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.

مستنداً إلى دعم سياسي وعسكري واقتصادي غربي وعجز كامل في منظومة المجتمع الدولي ومؤسساته وتهافت العديد من الأنظمة العربية على التطبيع معه، كان أكثرها بروزاً وآخرها ما حيك مو مؤتمرات تطبيعية مع الإمارات والسودان

يذكر أن رئيسة وزراء بريطانيا “تيريزا ماي” قالت، في وقت سابق، أثناء الرد على أسئلة خلال جلسة لمجلس العموم البريطاني: “إننا نشعر بالفخر من الدور الذي لعبناه في إقامة إسرائيل ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية لوعد بلفور بفخر”، بحسب تعبيرها.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى