كاسة شاي

“بيت الأبدية”.. المدافن التدمرية التي عكست اعتقادهم بالحياة بعد الموت

من خلال النحت والعمارة، دأب التدمريون على تجسيد معتقداتهم وعاداتهم وحفظ “صورهم الشخصية” آلاف الأعوام، ونقلت نماذج المدافن التدمرية المكتشفة فكرة آمن بها أهل حضارتها وهي الحياة بعد الموت.

أطلق التدمريون على مدافنهم اسم “بيت الأبدية”، وتميزت بفخامتها وجمال تصميمها والزخارف المتنوعة التي تزينها، وكان لكل أسرة مدفنها الخاص، بحسب مواقع تعنى بالآثار.

وبنيت المدافن التدمرية على ثلاث نماذج، المدافن البرجية المؤلفة من عدة طوابق، ومنها مدفن ايلابل ويمليكو وكيتوت، أما النموذج الثاني فهو “المدفن البيت”، وتمثل المنحوتات جزءاً أساسياً من محتوياته.

حيث وجد فيها تماثيل نصفية للمتوفي، أو منحوتات ذات طابع عائلي تصور صاحب المدفن مع أسرته، وغالباً ما يبدو صاحب المدفن مضجعا علي سرير فخم، ومن حوله زوجته وأولاده في أوضاع مختلفة.

ومن الممكن أن يوجد علي السرير مشاهد من حياة رب الأسرة قبل موته، مرتدياً أبهى ملابسه المطرزة وتتزين زوجته بأثمن الحلي والقلائد. وأطلق مؤرخو الفن على هذا النوع من المنحوتات اسم “مشهد الوليمة” ، أو “المأدبة الكبرى”.

أما النموذج الثالث للمدافن، هو المدافن الأرضية، ومن مثالها مدفن يرحاي بن بربكي التدمري ومدفن الأخوان الثلاثة الذي يتميز بالصور الجدارية الملونة التي تملأ جدرانه.

أما مدفن يرحاي فيعود إلى 108م، وتم نقله من وادي القبور في تدمر إلى المتحف الوطني في دمشق، ويعد من أبرز الآثار التدمرية فيه وأكبرها.

للمدفن واجهة مؤلفة من محرابين، تحتهما لوحتان تمثلان مائدة موتى، وإلى اليمين إيوان مسقوف ينتهي بمصطبة الأسرة الجنائزية.

وبحسب أحد العاملين في المتحف الوطني، فإن المنحوتات التي تظهر في المدفن وتمثل أسرة يرحاي التاجر التدمري الثري، تمثل أفراد الأسرة الذين تجاوزوا الثلاثين من أعمارهم، من الأحياء والمتوفين.

بطريقة أخرى يعبّر التدمريون عن إيمانهم بالحياة بعد الموت، وهي “الشعر”، حيث كانت النسوة إذا ما مات أحد التدمريين، يجتمعن حول أرملته الحزينة، ويلقين المرثيات، وكان مما يقلنه، “حُطّي مداسو تحت راسو، بلكي توالي الليل بوقْعِدْ”.

وتعني هذه التوصية الندبية أن يوضع حذاء المتوفى تحت رأسه، حيث ظن التدمريون أن الميت يمكن أن يستيقظ وحرصوا حتى على ألا يمشي حافيا في قبره.

رنا سليمان- تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى