العناوين الرئيسيةعلوم وتكنولوجيا

“التقادم المبرمج”.. استراتيجية الشركات المصنعة لسلب الأموال

“التقادم المبرمج” “Planned Obsolescence” هو استراتيجية تستخدم من قبل الشركات المصنعة لتقليل العمر الافتراضي للمنتجات، مما يجعلها غير صالحة للاستعمال في فترة معروفة ومخطط لها مسبقا، وذلك لضمان الطلب المستمر عليها.

وظهر مفهوم “التقادم المبرمج” في عشرينيات القرن الماضي، عندما لاحظت كبرى الشركات المصنعة للمصابيح الكهربائية أن استهلاك الناس للمصابيح منخفض، فاتفق أبرز مصنعي المصابيح على توقيع اتفاقية “Phoebus Cartel” لتقليص أمد حياتها من 2500 ساعة إلى 1000 ساعة، مجبرين بذلك المستهلكين على الشراء المستمر.

وانتقلت العدوى بعد ذلك إلى منتجات أخرى، مثل الأدوات الكهربائية المنزلية والأجهزة الإلكترونية وحتى الكتب التي بدأت تشهد مصطلحات غير معروفة مسبقا مثل “مقدمة جديدة” و “طبعة محققة” والتي تندرج ضمن خداع المستهلك.

وعرّف المصمم الصناعي الأمريكي “بروكس ستيفنز” التقادم المبرمج بأنه “زرع الرغبة في امتلاك شيء أحدث قليلا وأفضل قليلا وأسرع قليلا مما نحتاج إليه”، كما شرح بأن “التقادم” يعني أن الشيء صار قديما، و”المبرمج” يعني أنه يسير وفق خطة معينة.

وللتقادم تقسيمات عدة منها، التقادم الوظيفي:
حيث تتم برمجة التوقف التام لأجهزة ما بعد عدد محدد من الاستخدامات، فمعظم الطابعات تحتوي على شرائح إلكترونية لتعطيلها بعد طباعة عدد محدد من الأوراق.

تقادم الجودة:
في هذا النوع يتم تصميم وتصنيع المنتجات بمواد ذات جودة منخفضة، وغالبا ما تكون تكاليف قطع الغيار والإصلاح مماثلة لكلفة الحصول على منتج جديد.

التقادم الجمالي:
يتعامل هذا الشكل من التقادم مع دماغ المستهلك ويحثه على الاعتقاد بأن المنتج الذي لديه قديم وذلك من خلال إصدار نسخة جديدة من نفس المنتج مع تحسين الشكل الخارجي، ومن أشهر الأمثلة الأجهزة الخلوية والأزياء.

تقادم برامج المعلوماتية:
حيث يصبح الحاسوب غير قابل للاستعمال لأنه لا يتماشى مع البرامج المعلوماتية الجديدة، فيصبح الجهاز قديما ويتم الترويج لاقتناء حاسوب جديد.التقادم عن طريق الإخطار:
حيث تقوم الشركة المصنعة بوضع إشارة على المنتج، لتخبر المستهلك بضرورة استبداله بعد مدة زمنية محددة، مثل فرشاة الأسنان التي تنصح الشركات المصنعة باستبدالها كل ثلاثة أشهر.

خطر التقادم على البيئة:
يشكل “التقادم المبرمج” خطرا كبيرا على البيئة، فبحسب “الأمم المتحدة” تصل حصيلة النفايات الإلكترونية سنويا إلى 50 مليون طن والتي تنتهي بحرقها أو تكديسها في مكبات نفايات مفتوحة أو دفنها تحت الأرض. بالإضافة إلى استنزاف المواد الأولية والمعادن غير المتجددة كالزنك والنيكل بهدف رفع الإنتاج.

مكافحة “التقادم المبرمج”:قامت فرنسا في عام 2015 بتبني قانون يجرم مختلف أشكال التقادم المبرمج، كما قامت “اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية” بحظر المنتجات التي تتضمن عيوبا مدمجة في الصنع وإجبار المصنعين على توفير قطع الغيار بعد سنوات من إطلاق المنتج في السوق، ووضع ملصقات عليها مدة حياة تقريبية للمنتج.

وفرضت “لجنة مكافحة الاحتكار الإيطالية” في تشرين الأول من عام 2018 غرامة قدرها 10 ملايين يورو على شركة “أبل” بسبب فرضها تحديثات لنظام التشغيل، مما أدى إلى إبطاء هواتف الشركة القديمة.

الجدير بالذكر أنه في عام 1932 اقترح سمسار العقارات والاقتصادي الأمريكي “برنارد لندن” تطبيق “تقادم السلع والمنتجات” لإنعاش الاقتصاد وحل مشكلة الكساد الكبير الذي كان يعصف بالولايات المتحدة الأمريكية.

 

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى