“نهض من تحت الرماد”.. المجتمع الأهلي السوري يتكاتف في كارثة حرائق الغابات
ليست المرة الأولى التي يتعاضد فيها الشعب السوري خلال الأزمات التي مرت ولا زال يتعرض لها بشكل مستمر، من حرب وكوارث وأخيراً حرائق الغابات السورية التي اتهمت آلاف الدونمات، وعاثت خراباً في بيوت وأملاك وأراضي وأرزاق السوريين.
ومع بدء الكارثة وخلال الساعات الـ 48 الأولى، انتشرت مبادرات أهلية فردية، وأخرى من فرق تطوعية لتساند الأهالي المتضررين، كل باختصاصه ومقدراته.
سوريون سخّروا سياراتهم لإجلاء الأهالي
مع اتساع دائرة الحرائق في سوريا، تحرك العديد من السوريين بشكل فردي، إلى المناطق والقرى المعرضة للاحتراق لإغاثة الأهالي فيها، ونقلهم لمناطق أكثر أماناً.
وبدأت أرقام الأفراد ونشاطهم ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يعلن فيها كل شخص عن مكان تواجده، والمنطقة التي يمكنها أن يصل إليها.
ولأن المصائب لا تقع فرادى فوق رؤوس الشعب السوري، كانت عقبة تأمين البنزين للسيارات التي تقل الأهالي المتضررين، تشكل عائقاً أمام هذه المحاولات الفردية.
وفي الوقت الذي يحاول كل فرد من هؤلاء القيام بواجبه الإنساني، أصبح يطلب نداء لتأمين المادة حتى تستمر عملية المساعدة، كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بطلب البنزين حتى لا تنقطع المركبات على طريق الأراضي المتضررة.
بيوت السوريين مفتوحة للجميع
أعلنت عشرات العائلات السورية عن فتح منازلها أمام الأهالي المتضررين من الحرائق، لتتشارك كل أسرة ما لديها من قوت يومها، مع الأسر الأخرى.
ومع هول الكارثة التي حلت بأرزاق السوريين في البيوت والمحاصيل والممتلكات، تناست خلال اليومين الأخيرين معظم الأسر ضيق حالها الذي يخنقها كل يوم في تأمين لقمتها، ومن غير توانٍ، استقبلت ما يمكن استقباله لمساندة بعضهم البعض.
وساهمت العديد من الأسر السورية، بتقديم الطعام من خبز وماء وكعك ومعلبات وما يمكن، للأسر المتواجدة في مراكز الجمعيات الأهلية، إضافة للمساهمة من أهالي القرى المتضررة بإطفاء النيران وعمليات الإجلاء برفقة فرق الإطفاء ورجال الجيش العربي السوري.
فرق تطوعية تساند رجال الإطفاء والأسر
ما إن استعرت الحرائق، حتى أعلنت عشرات الفرق التطوعية عن انطلاقها لتؤدي دوراً مسانداً لفرق الإطفاء والجيش العربي السوري، ومساعدة الأهالي.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، خدمات كل فريق حسب اختصاصه، حيث أعلنت “الأمانة السورية للتنمية”، عن تقديمها دعماً لمئة أسرة متضررة من الحرائق، والتي تضررت منازلها على إثر موجة الحرائق، من خلال نقلهم وتأمينهم وفتح منارات الأمانة في عدة مناطق أمام الأهالي”.
وذكرت “الأمانة”، وفقاً لما نشرته عبر صفحتها الرسمية عبر “فيسبوك”،أن “المساعدة جاءت ضمن الاستجابة السريعة لحالات الكوارث بالتعاون مع الأهالي والمؤسسات المجتمعية والمحلية”.
وأضافت أنها “تمكنت من المساعدة في إخماد بعضاً من الحرائق المشتعلة والوصول للأسر الأكثر تضرراً في مناطق الحفّة، وجبلة، والقرداحة، وبانياس، والدريكيش والقدموس وريف حمص الغربي”.
من جهتها، أعلنت المنصة الطبية السورية “ميددوز”، عن “تخصيص خط طوارئ لمساعدة الأهالي المحاصرين بالنيران”، واستمرت المنصة بتقديم نصائح سريعة تفيد في مجال “الإسعاف الأولى لحالات الإصابة المتوقعة، إضافة لعدد من الخطوات المساعدة في حال اضطرت أي أسرة لترك منزلها”.
وفتحت كل من “جمعية فضا للتنمية”، و”جمعية قسمين الخيرية”، و”مؤسسة بصمة شباب سوريا”، و “جمعية الشباب الطيب”، وعشرات الفرق الأخرى، كلٌ في مناطق انتشاره، أبواب مقراتها ومراكزها لإيواء الأسر التي اضطرت لترك منازلها، وتقديم ما يمكن من خدمات ومأوى.
وكان أعلن منتجع “نسمة جبل”، عن فتحه أبواب المنتجع أمام الأسر المتضررة والتي يمكنها الوصول للمنتجع، لتقديم المأوى والطعام بشكل مجاني أمام كل الأسر المتضررة.
تحرك حكومي خجول في بعض المراكز
على الصعيد الحكومي، أطلقت عدة جهات مبادرات للمساندة في أزمة الحرائق، منها “نقابة المحامين السورية”، التي قالت في بيان لها أنها “قررت فتح باب التبرع بكافة فروع النقابة عن طريق رؤساء الفروع أو من يفوضونهم، وفتح باب التبرع بالنقابة المركزية بشكل مباشر”.
وجاء في البيان “إضافة مبلغ 1000 ليرة على كل وكالة يتم تنظيمها بين 11 تشرين الأول الجاري و11 تشرين الثاني المقبل، على أن يعود ريعها للمساهمة بإغاثة المتضررين، مشيرة إلى أنها ستتعاون مع الجهات الرسمية لإيصال المبالغ كاملة للمتضررين”.
ومن جهة أخرى، أعلن رئيس “اتحاد غرف الصناعة السورية”، فارس شهابي، عبر حسابه في “فيسبوك” أن “غرفة صناعة حلب تستقبل التبرعات لمساعدة النازحين بسبب الحرائق، مؤكداً أن التبرعات المادية والعينية من لحف وشراشف وغذاء ودواء وغيره، ستصل إلى مستحقيها بإشراف غرفة الصناعة”.
“التراس” جماهير الرياضة يتحرك للمساندة
تحركت عدة نوادي رياضية سورية، وجماهيرها، لتأدية دوراً بعيداً عن الرياضة والتشجيع، بالمساعدة في أزمة الحرائق.
وكان التراس نادي تشرين الرياضي، في اللاذقية، السباقين بإعلان وضع كامل الإمكانيات البشرية والمادية بخدمة الأهالي، ومساندة فوج إطفاء اللاذقية (الشريك الانساني لنادي تشرين) في عملية إخماد الحرائق.
وأعلنت نادي “حطين الرياضي”، وضع مقر النادي تحت تصرف الجهات المعنية و”استعداد النادي لإستضافة عائلاتنا المنكوبة في مقره إضافة لتأمين كافة المستلزمات الضرورية لهم “، وفق ما أعلن عنه عبر الصفحة الرسمية للنادي.
الجدير بالذكر أن مئات القرى السورية في ريف محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص، تشهد حرائق في المناطق الزراعية، لا يزال بعضها مستمرا منذ أكثر من 48 ساعة.
ولا تزال النيران مستعرة في مناطق عديدة في ريف اللاذقية حتى تاريخه، مخلفة ضحايا والعديد من حالات حروق واختناق، وخسارة في المحاصيل الزراعية، أهمها الزيتون، والغابات.
لين السعدي – تلفزيون الخبر