بوقاحته المعهودة ..الإعلام العالمي يتجاهل حرائق سوريا
بينما تعاني سوريا واحدة من أكبر الحرائق في تاريخها الحديث، وبينما يتساقط بساط البلاد الأخضر في جوف النيران، تغيب تلك الكارثة الإنسانية عامدة متعمدة، عن أهم الوسائل الإعلامية في العالم، وكأن شيئا لم يكن.
يبدأ الصحفيون نهار عملهم عادة، برصد أبرز الأخبار التي تهم المتلقي، حيث يقومون بجولتهم المعتادة على المواقع العربية والعالمية.
جولة مقدارها 10 دقائق فقط على المواقع الإخبارية الأساسية، كانت كافية صباح السبت لأي صحفي، او أي متابع عادي ليلاحظ نظرة الإعلام العربي والعالمي، لسوريا والسوريين.
فبينما تتسابق تلك الوكالات و المواقع والمنصات الإخبارية، من “سي ان ان” و “بي بي سي” و “رويترز” إلى التباكي على حرائق استراليا وكاليفورنيا، إنفجار لبنان، وزلزال حتى في الواق واق، تتعامل تلك المنصات “المهنية والموضوعية” بتجاهل تام وبرود تجاه حرائق الغابات والاحراج في سوريا.
وعلى مبدأ “رفع العتب” تتحدث “سي إن إن” مثلا عن الحرائق التي حدثت يوم الجمعة، في لبنان وسوريا و”إسرائيل”، لتأتي فقط في سياق الحديث على ذكر حرائق سوريا، بجملة ما يحدث في بلاد الشام، وبمعلومات عامة لا تضاهي حجم الكارثة.
ويغيب ذكر الكارثة السورية تماما في “رويترز” و “بي بي سي”، وكأن سوريا غير “موجودة على الكوكب”
اما القنوات والمواقع الناطقة بالعربية، والتي دخلت يوما إلى تفاصيل التفاصيل، في أخبار سوريا والسوريين، والتي كانت في ذروة الحرب على سوريا، تميز بسهولة بين “خربة الفوقا وخربة التحتا”، وتشبع أي نقطة جغرافية، تحليلا جيوستراتيجيا، ولوجستيا، وديموغرافيا، فقد سجلت هذه المرة “غياب” في دفتر أوجاع أهل سوريا.
“الجزيرة”و “العربية” و”سكاي نيوز”، اللواتي دخلت في مرحلة ما إلى مراحيض السوريين، تجاهلت تماما ذكر تفاصيل أكبر حرائق تشهدها سوريا في تاريخها، فلا يوجد هنا “قبعات بيض” ولا “فصائل مممولة من الشيخ”.
اللافت أن خبر انفجار مستودع محروقات، في أحد أحياء بيروت، كان عنوانا أساسيا في معظم المواقع العربية، رغم أن النار التي أتت على المستودع، هي من جنس النار التي أتت على ارزاق السوريين وتعب عمرهم.
وليس هذا الصمت الإعلامي سوى انعكاس لتوجهات الراي العام الدولي، والذي لم يسجل طيلة الأمس ولو تصريحا واحدا عن كارثة سوريا، صادرا عن مسؤول أوروربي أو أميركي، ممن يتغنون صباح مساء بحرصهم على حقوق الإنسان، أو حتى حقوق البيئة.
الأمر ليس صدفة، فقد تكرر في محطات عدة، ولكي لا نذهب بعيدا، يكفي أن نرصد تعامل تلك الوسائل “المهنية” مع أبرز قضايا 2020، سواء مع أزمة انتشار كورونا في سوريا، أو مع غلاء المعيشة الكبير الذي عصف بها، وحتى مع الحرائق السابقة في شمال البلاد وجنوبها.
وليس آخر تلك المحطات التجاهل شبه التام لقضية عطش الحسكة، والذي تناولته محطات مناوئة للاتراك ك”العربية مثلا” من باب “النكايات الصبيانية بين شيوخ الخليج، واخوان تركيا”.
ويربط السوريون بين تجاهل تلك الوسائل الإعلامية “المريب”، وبين كون مشغلي تلك الوسائل ومموليها، يصنفون كمستفيد أكبر، من الحرائق التي تنهك الإقتصاد السوري، المنهك أصلا بفعل عقوباتهم
وحصارهم الإقتصادي.
وتعطي تلك التغطية المنحازة، “وتجاهل حدث ما يعد انحيازا موصوفا” صورة عن طريقة مقاربة تلك الوسائل للقضية السورية برمتها.
يذكر أن سوريا تتعرض منذ مطلع الصيف، لموجات حرائق متعددة، منها ما يضرب محاصيل القمح، ومنها ما يأتي على غطاء البلاد الأخضر، وأشجار السوريين المثمرة، في محافظات الحسكة و دير الزور و السويداء وحمص وحماه وطرطوس واللاذقية.
تلفزيون الخبر