“البنزين الحر” بـ 1300 ليرة.. وأهالي حلب يطالبون بـ “نظام الأرقام”
في مشهد غير معتاد بعاصمة الاقتصاد السوري، خلت شوارع مدينة حلب بشكل ملحوظ من السيارات وتحولت الحركة المرورية في مختلف مناطق وأحياء المدينة شبه معدومة.
ويقابل هذا الوضع عشرات الآلاف من السيارات المصطفة على الطوابير أمام محطات الوقود، والتي تبيت معظمها هناك، في أزمة وقود مستمرة دون أدنى تحسن.
وتمتد طوابير السيارات في مدينة حلب على مد النظر، وبكافة محطات الوقود فيها، بمشهد لا يمكن وصفه سوى بـ “الموجع”، يتزامن مع شبه انعدام للحركة المرورية في الشوارع، بما فيها وسائل النقل الجماعي العامة والخاصة والتكاسي.
وتكاد بالنتيجة حركة المواطن في مدينة حلب تصبح “مشلولة” بسبب أزمة البنزين الحالية التي يمكن اعتبارها الأشد بين كافة الأزمات السابقة التي عصفت بالبلاد طيلة سنوات الحرب.
وحاولت محافظة حلب اتخاذ عدة إجراءات لتخفيف أو تسيير عملية التوزيع بشكل أكثر سلاسة، إلا أن هذه الإجراءات لم تجدي نفعاً ملحوظاً، كما يراها بعض المواطنين “غير نافعة”.
وبدايةً كانت عملية تقسيم المحطات بين السيارات العامة والخاصة، حيث حصرت المحافظة عملية تعبئة البنزين للتكاسي والبيك آب والسوزوكي بـ 7 محطات مخصصة، بينما باقي السيارات تقوم بالتعبئة بباقي المحطات المتبقية.
وعدا عن تغير ألوان الطوابير بين “طابور بالأصفر والأبيض” و”طابور ملون”، لم يطرأ أي تحسن أو تخف الصعوبة بتعبئة البنزين، لتعلن المحافظة بعد أيام إعادة افتتاح محطات وقود مغلقة بسبب مخالفات سابقة عليها، بهدف تخفيف الازدحامات، وتوزيع المادة ليلاً ببعض المحطات.
إلا أن كافة تلك الأمور لم تجدي نفعاً أيضاً، (مع التنويه بأن آلية التوزيع ليلاً ليست مستقرة) فالازدحامات ما زالت بأشدها، بل أصبح يتخللها بعض التجاوزات للدور من قبل بعض الأشخاص، ما زاد الطين بلة، ليتبعها (وبشكل ليس بغريب) ارتفاع سعر ليتر البنزين في السوق السوداء لحوالي 1300 ليرة سورية.
هذا والسعر المذكور لبنزين السوق السوداء، هو إن وجد بالأصل، فحتى تأمين 10 ليتر منه يعد أمراً صعباً جداً، إلا أن السؤال ذاته يتكرر من قبل المواطنين بكل مرة: “كيف يتوفر هذا البنزين في الوقت الذي لا تكفي به المخصصات عمل محطات الوقود حتى ظهر اليوم؟”.
وبالعودة لمحطات الوقود، فإن ساعات الانتظار على الطوابير لم تعد أمراً معروفاً أو متوقعاً، وعلى الأغلب ستنتهي “عالفاضي”، دون تمكن المواطن من تعبئة سيارته بسبب إغلاق المحطات أبوابها، وهنا لديه أحد الحلين، العودة للمنزل بهمه أو إبقاء سيارته في الطابور لليوم الثاني، بهمٍ آخر يمكن أن يستمر ليومين حتى.
وأمام ملاحظة أن لا تحسن، ولو حتى طفيف، يحصل في أزمة بنزين حلب، فإن عدداً كبيراً من المواطنين طالبوا عبر تلفزيون الخبر من محافظة حلب اتباع نظام الأرقام الذي كان معمولاً به خلال الأزمات الخانقة التي طالت المدينة خلال سنوات الحرب.
ويتوقع المواطنون أن تكون هذه الطريقة الأنسب حالياً لمواجهة هذه الأزمة، خصوصاً مع شدتها، مستذكرين أن هذا النظام خفف بشكل كبير سابقاً من الازدحامات التي كانت تحصل على الأقل، وضبطت التجاوزات بنسبة ما.
ويجب هنا الإشارة إلى أن أزمات المحروقات التي طالت على مدينة حلب طيلة سنوات حربها والحصار الذي فرض عليها، أكسب المدينة خبرة في التعامل مع وضع الأزمة، بدلالة أن هناك العديد من الاختناقات والأزمات التي حصلت سابقاً، وانتهت بغضون أسبوع أو أقل، وكان أهم أسبابها اعتماد نظام الأرقام.
ويقوم نظام الأرقام على تقسيم أيام الأسبوع بين السيارات التي تنتهي لوحاتها بأرقام زوجية أو فردية لتعبئة البنزين كل بحسب أيامه المخصصة، الأمر الذي يطالب به أهالي حلب حالياً ويرون أنه “الأنسب في ظل هذه الأزمة، فعلى الأقل ستنخفض الازدحامات، وينظم التوزيع، خصوصاً أن المشكلة الحالية هي بضعف الكمية ونقص التوريدات”.
يذكر أن أزمة البنزين الحالية لا تقتصر على مدينة حلب، رغم أنها بدأت فيها منذ أكثر من 15 يوماً، وامتدت لتطال مدينة اللاذقية بعدها، ومن ثم ظهرت واضحةً وبشكل مفاجئ في كافة المحافظات السورية، لتكون بأشدها مع إعلان وزارة النفط تخفيض مخصصات المادة لكافة الفئات المدعومة وغير المدعومة، مع تخفيض الأيام بين كل تعبئة وأخرى.
وفا أميري – تلفزيون الخبر