بعد أن دمرته الحرب.. الحلّة الأثرية تعود إلى الجامع الأموي في حلب
شارف خبراء الترميم على الانتهاء من بعض الأجزاء الداخلية في الجامع الأموي بحلب، وذلك بعد أن انطلقت أعمال الترميم وإعادة التأهيل للجامع منذ نحو سنتين بدعم من دولة الشيشان.
ولعل الوقت الطويل المستغرق في إنجاز أعمال ترميم الجامع الأموي يبدو مبرراً، لا سيما وأن الخبراء والفنيين يتعاملون مع معلَم ديني وثقافي له خصوصيته الأثرية والحضارية التي لا يمكن تحريفها أو تعديلها.
يقول مدير الآثار المتاحف د. صخر العلبي لتلفزيون الخبر: “إنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الجامع الأموي بحلب للتخريب لكن المرة الأخيرة كانت الأشد ضرراً خلال الحرب، في حين جرت آخر عملية ترميم للجامع عام 2006 تزامناً مع تنصيب حلب عاصمةً للثقافة الإسلامية”.
مضيفاً: “قد يستغرب البعض من الوقت الطويل المستغرق في الترميم دون ظهور أي ملامح توحي بانتهاء الأعمال، لكن السبب لا يمكن لأحد معرفته سوى من هم يتعاملون مع تلك الأعمال عن قرب”.
موضحاً: “السبب ببساطة أننا نعمل على استخدام الأحجار الأثرية ذاتها بعد اختبار مدى صلاحيتها وتحملها لسنوات قادمة، وذلك احتاج مننا وقتا طويلا في معرفة موضع كل حجرة قبل سقوطها والكيفية التي سترتب وفقها مع الأحجار الأخرى”.
وعن مراحل العمل يقول العلبي لتلفزيون الخبر: “بدأنا بالأماكن الأكثر ضرراً والأكثر إلحاحاً، ثم انطلقنا بمرحلة توثيق وتصوير طبوغرافي للأحجار الأثرية، وكانت هناك أجزاء متهدمة تماماً، وأجزاء أخرى متهدمة جزئياً وأخرى متهدمة بشكل بسيط، ذلك أملى علينا طبيعة التحرك في العمل”.
وتجري أعمال الترميم في الجامع الأموي بخبرات سورية بحتة وأيادٍ عاملة من السوريين مما وفر فرص عمل للكثيرين على المدى الطويل وفتح المجال أمام الحرف التقليدية لتنشط من جديد.
وكان قد انتهى الفنيون من ترميم الواجهات الحجرية لمداخل الجامع والتي كانت متضررة بفعل الرصاص والشظايا المتطايرة فيما تم الإنتهاء من تصنيع الخشبيات المزخرفة والأبواب التي حرص الفنيون على إعادة تصنيعها بنفس السماكة والمواصفات المحددة.
وبحسب مدير الآثار والمتاحف فقد تم الإنتهاء من أعمال ترميم الجهة القبلية المطلة على الصحن الخارجي للجامع، مع إنجاز التمديدات الصوتية والكهربائية اللازمة.
أما عن المئذنة المتهدمة فيقول العلبي لتلفزيون الخبر: “إن المئذنة تطلبت مجهودات مضاعفة لا سيما وأنه يتم استخدام الأحجار القديمة ذاتها مع تصنيع بعض الأحجار المماثلة لتعويض النقص في بعض الأحجار”.
مضيفاً: ” أنه تم إنجاز حوالي 20 في المئة من المئذنة ولازالت تحتاج لوقت لا بأس به لتظهر ملامحها بشكل كامل”.
وعن احتمالية وجود تكهفات أو مياه جوفية في الطبقات الأرضية للجامع فقد تبين بعد السبر أن لا وجود لذلك بحسب ما أوضح مدير الآثار والمتاحف.
وفي سياق متصل يتحدث العلبي عن بعض الصعوبات في تأمين المواد اللازمة للبناء بسبب ما فرضته العقوبات الاقتصادية على البلاد، فضلاً عن الكلس والذي تشتهر به مدينة حلب، وكون أن مناطق استخراج الكلس تقع خارج سيطرة الدولة فقد اضطروا إلى استيراد الكميات اللازمة من مصر حسب قوله.
وتستمر أعمال الترميم والبناء في عدة أجزاء من الجامع الأموي بشكل متوازٍ ما بين الداخل والخارج ومحيط الجامع، في وقت يبدو فيه الانتهاء من تلك الأعمال غير معروف بعد.
يذكر أن أعمال ترميم الجامع الأموي تجري بإشراف لجنة متخصصة يرأسها محافظ حلب، وتضم خبراء من جامعة حلب ومدراء الآثار والمتاحف والمدينة القديمة وعدد من المهندسين.
نغم قدسية – تلفزيون الخبر – حلب