سوق العقارات في سوريا: غياب الضوابط في اللاذقية.. والمتر من 200 ألف وحتى 1.3 مليون
شهدت أسعار العقارات في محافظة اللاذقية ارتفاعاً جنونياً خلال سنوات الأزمة، فسعر العقار بعد عشر سنوات من الأزمة ليس كما قبلها، حيث ارتفع أكثر من عشرة أضعاف.
والمنزل الذي كان حلماً يلهث وراءه نصف اللاذقانيون بات مستحيلاً بالنسبة للغالبية العظمى التي اعتقدت للوهلة الأولى عندما سمعت الأرقام المطلوبة، أنها تشتري منزلاً في باريس أو في لندن، وليس في اللاذقية.
رغم أن سوق العقارات في ظل انعدام آلية بيع وشراء واضحة ومحددة، محكوم بالعرض والطلب، إلا أن قلة الطلب مقابل وفرة العرض لم يدفع الأسعار للهبوط بل جعلها تشد عالياً بعيداً عن متناول الميزانية التي رصدها الكثيرون لشراء منزل ولو “كان من قريبو” وفي مناطق العشوائيات.
حسب تصنيف الحي، يتربع سعر المتر صدارة البازار ففي أحياء خمس نجوم كحي الأمريكان يبدأ البازار بمليون و200 ألف لكنه يقف عند عتبة المليون لأنه تصبح (ما بتوفي) مع صاحب العقار حتى لا يضرب سمعة الحي، فيما يقل سعر المتر كلما انخفض تصنيف الأحياء حسب النجوم.
نضال علوش متعهد وتاجر بناء قال لتلفزيون الخبر: “لا يوجد ضابط لأسعار المنازل، فمن يحدد الأسعار هو صاحب العقار نفسه، ولا دخل لأية جهة رسمية بتحديد قيمة المبيع، والارتفاع الكبير في الأسعار يعود إلى رغبة صاحب المنزل بمضاعفة أرباحه خلال فترة قصيرة جداً”.
ودلل علوش على كلامه “بصاحب منزل اشترى المتر بسعر 280 ألف وبعد شهر عرض المنزل للبيع وطلب بالمتر الواحد 500 ألف ليرة”، مشيرا إلى أن “تجارة العقارات باتت مربحة جداً”.
وأضاف علوش: “المشكلة أن أصحاب العقارات باتوا يغارون من بعضهم ويتنافسون في رفع سعر المتر، على مبدأ (أنو ما حدا أحسن من حدا)، واختلاف الأسعار يعود إلى اختلاف المنطقة، فسعر متر البناء في المناطق الراقية يختلف عن الأحياء العادية، والأحياء داخل المخطط التنظيمي ليست كالتي تقع خارجه”.
ونفى علوش أن “يكون لسعر صرف الدولار علاقة بأسعار العقارات، مؤكداً أنه وحتى لو هبط سعر الدولار إلى 100 ليرة فلن تنخفض أسعار العقارات، فالمنزل الذي كان ثمنه 7 مليون قبل الأزمة بات سعره اليوم أضعاف مضاعفة”.
وبرأي علوش أن “توسيع المخطط التنظيمي وإدخال أراض جديدة ضمن المخطط التنظيمي للمدينة سيؤدي إلى حركة بناء وعليه ستنخفض أسعار العقارات”.
وأشار إلى أن “أصحاب الأراضي ينتهزون حقيقة أنه لا توجد في المحافظة أراضٍ صالحة للبناء ضمن المخطط التنظيمي ما أدى بالضرورة لارتفاع سعر متر البناء، وغلاء العقارات بشكل عام، وخاصة في المناطق المنظمة”.
بدوره، عزا أحمد الشامي صاحب مكتب عقاري في مدينة اللاذقية لتلفزيون الخبر، “ارتفاع أسعار العقارات لعدة أسباب منها قيام الكثير من مالكي الأموال المجمدة إلى استثمار أموالهم في تجارة العقارات”.
وأضاف الشامي: “ناهيك عن ارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في اكساء المنازل من بلاط، دهان، سيراميك، ألمنيوم، خشب” وتابع: “من 3 شهور لليوم لم يعد هناك أي استقرار في سوق العقارات بسبب ارتفاع أسعار جميع المواد والسلع”.
وأردف الشامي: “رغم الإرتفاع الكبير في أسعار العقارات في اللاذقية إلا أنها مقبولة أمام أسعار العقارات في دمشق”، مدللاً أن “ثمن منزل في حي المزة أو دمر يعادل ثمن 3 أبنية في اللاذقية”.
ويتراوح سعر متر البناء بحسب تصنيف الحي وقرب المنزل من الشارع وبعده، وارتفاعه في الطوابق، إذ بين الشامي أن “سعر متر البناء في الأحياء الراقية كالأمريكان، المشروع الأول، المشروع الثاني، يبدأ بمليون ليرة وما فوق، ليصل سعر المنزل بمساحة 100 متر إلى 100 مليون ليرة”.
وأضاف الشامي: “أما في الأحياء المصنفة بالوسط كالمشروع السابع، مشروع شريتح، المشروع الثاني والتاسع، فيبدأ سعر متر البناء ب 700 ألف فما فوق للمنزل الجاهز، و500 ألف للمنزل على العضم”.
وأوضح الشامي أن التراوح في سعر متر البناء محكوم باكساء المنزل إذا كان سوبرديلوكس أم عادي، وإذا كان طابق أرضي أو طابق ثاني أو رابع”.
أما الأحياء المصنفة بالعادية، يشير الشامي الى سقوبين، المنتزه، الحمام، حيث لا يوجد سعر محدد لمتر البناء، لأن هذه المناطق فيها عقارات منظمة وعقارات مخالفة (عشوائيات).
وأوضح الشامي أن أسعار المنازل في هذه الأحياء يتراوح ما بين 15-50 مليون ليرة”، مشيرا إلى أن”منزل مؤلف من غرفة وصالون وفي منطقة مخالفة لا يقل سعره عن 15 مليون ليرة”.
وفي ظل عدم وجود آلية محددة لضبط سوق أسعار العقارات المحكومة بالعرض والطلب، يقول عضو المكتب التنفيذي في المحافظة المختص بقطاع الخدمات والبلديات المهندس حسام خوري لتلفزيون الخبر: “إحدى الحلول للحد من ارتفاع أسعار العقارات في اللاذقية وغيرها من المحافظات”..
وتابع ” هي إعادة تفعيل المرسوم التشريعي رقم ٨٢ عام ٢٠١٠ المتعلق بإعمار العرصات والذي يتضمن ضوابط مشددة فيما يتعلق بموضوع العقارات”.
وأضاف خوري: “تطبيق المرسوم يحد من تحكم أصحاب العرصات بأسعار العقارات، رغم وجود عوامل أخرى تساهم في ارتفاع الاسعار الحاصل كارتفاع سعر مادتي الاسمنت والحديد وغيرهما من مواد البناء”.
ويرى خوري أن “ما ذكر انفاً هو الوصفة الناجعة لإنصاف المواطن والحد من طمع أباطرة العقارات”.
ويبقى سوق العقارات في اللاذقية كما في غيره من المحافظات كبقية أسواق الاقتصاد الوطني يخضع إلى قوى العرض والطلب لتحديد سعر العقار بيعاً وشراء من جهة، وأسعار الإيجارات من جهة أخرى.
تلفزيون الخبر – اللاذقية