١٢ منتحراً في اللاذقية منذ بداية العام الحالي
بات سماع خبر انتحار شاب هنا أو فتاة هناك خبراً عادياً يمر على أسماع اللاذقانيين مرور الكرام، لأنه لم يعد حدثاً مستغرباً أو جديداً لتكرار حدوثه، خاصة منذ بداية العام الجاري.
وتقسم جرائم الانتحار المزاج الشعبي إلى قسمين، فمنهم من يأخذ على المنتحر إقدامه على هذه الفعلة بوصفها مشينة وتخالف شريعة الله، ومنهم من يلتمس للمنتحر سبعين عذراً ويلوم الظروف التي دفعته للانتحار.
حرية شخصية
بسمة (طالبة جامعية) قالت لتلفزيون الخبر: “لا أعتقد أن أحداً يقدم على الانتحار وهو يعيش حياة طبيعية بدون أي مشاكل أو ضغوط أفقدته القدرة على الاستمرار بالحياة”.
وبرأي بسمة، “الانتحار قرار شخصي وللشخص الذي يقدم عليه مطلق الحرية بغض النظر عما يقوله المجتمع وما يعتقد به، لأن الناس لا يجيدون سوى التنظير وصف الشعارات ولا يمرون بما يمر به الشخص قبل أن ينتحر”.
فداء (موظفة) شاطرت بسمة الرأي، وأضافت: “لا يكفي ما يعانيه الذي يقدم على الانتحار من الضغوط التي دفعته للإقدام على ذلك، وإنما يعاني ذووه بعدها من لوم الناس والروايات التي يؤلفوها ويتداولها”.
تنمر مجتمعي
في المقلب الآخر، قال كمال (موظف) لتلفزيون الخبر: “لا شيء يبرر إقدام أي شخص على الانتحار، لا أعتقد أن هناك أحد لا يعاني ولا يتعرض لضغوط، فهل معنى ذلك أن نقدم جميعاً على الانتحار؟”.
وبرأي كمال “لا يقدم على الانتحار سوى الشخص الضعيف الذي لا يستطيع مواجهة ظروف الحياة، ناهيك عن التنمر الذي سيواجهه أهله من المجتمع”.
أم سامي ذهبت إلى أبعد من الرفض المجتمعي لجريمة الانتحار، لتتساءل: “ماذا يستفيد الشخص الذي يقدم على الانتحار سوى الهروب من عذاب الدنيا إلى عذاب الآخرة”.
وأضافت: “لا أحد ينكر أن الحياة صعبة جداً، إلا أن الحال واحد على معظم الناس فهل يعقل أن ننتحر جميعاً أم نصبر”، وتابعت: “لا شيء يدوم فكل الضغوط والمشاكل تحل وتمر”.
اللافت أنه في الوقت الذي ازدادت فيه جرائم الانتحار، اختلفت الدوافع بين حب وفشل وخيبة وضغوط مالية واجتماعية وعدم رغبة بالاستمرار بالحياة.
زيادة ملحوظة في حالات الانتحار
بينت رئيس الطبابة الشرعية في اللاذقية الدكتورة “منال جدع” لتلفزيون الخبر أن “أعداد حالات الانتحار منذ بداية العام وحتى تاريخه بلغت ١٢ حالة في مدينة اللاذقية فقط، باستثناء مناطق جبلة والحفة والقرداحة لعدم إعداد احصائية بالحالات حتى تاريخه”.
وأشارت “جدع” إلى أن “العام الحالي شهد ازدياداً واضحاً في عدد حالات الانتحار وخاصة خلال فصل الصيف”.
ولفتت “جدع” إلى أن “حالات الانتحار التي تم تسجيلها منذ بداية العام وحتى تاريخه هي لشباب تتراوح أعمارهم ما بين ٢٤- ٤٠ عاماً”.
وعزت “جدع” الأسباب وراء زيادة عدد حالات الانتحار إلى “الضغط النفسي، الأمراض النفسية بالإضافة إلى إمكانية توفر السلاح”.
الذكور أكثر انتحاراً
بدوره، أكد الدكتور يوشع محمود عمور، اختصاصي بالأمراض النفسية وعلاج الإدمان، لتلفزيون الخبر أن “الذكور ينتحرون أكثر من الإناث مع محاولات انتحار أكثر وفاشلة عند الإناث”.
وأضاف” أن ٩٠٪ من المنتحرين يعانون من أمراض نفسية في مقدمتها الاكتئاب المسؤول عن ٧٠٪ من حالات الانتحار والباقي بسبب الأمراض النفسية الأخرى كالفصام وثنائي القطب واضطرابات ما بعد الصدمة واضطرابات الشخصية”.
وفيما تتعدد أنواع الانتحار وأسبابه ووسائله لإنهاء الحياة، يبقى الانتحار فعل يرفضه المجتمع مهما كانت الدوافع والمبررات له بوصفه معيباً وفق الأعراف المجتمعية ومحرماً وفق الشريعة السماوية.
تلفزيون الخبر _ اللاذقية