“Stop Excluding Syrians” .. طلاب سوريون ينتفضون بوجه العقوبات الأمريكية
مرت سنين والعقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية المفروضة على سوريا، وفي الوقت الذي تستمر أمريكا، بتوجيه الأنظار نحو الشق الاقتصادي فقط، يعيش السوريون مرارة العقوبات على قطاعات تطال حياتهم كأفراد، وتحرمهم من الوصول إلى أهدافهم عمل بعضهم عليها لسنوات طويلة.
وكان قانون “قيصر” الأخير، أغلق أبواباً أتاحت للأفراد إيجاد حلول بديلة، ولو كانت أقل فاعلية، لينهي أي فرصة ممكنة لتحسين الواقع المعاش بأي مجال كان.
ولعل واحد من المجالات المتضررة والتي لا تعترف الولايات المتحدة به أو تدعي عدم معرفتها، هو القطاع التعليمي، حيث حرم مئات الطلبة السوريين من إتمام دراستهم، أو الحصول على منح جامعية لمختلف المراحل، أو حضور ورشات أو فعاليات تعليمية، إضافة إلى الحرمان من مختلف أشكال التعليم الالكتروني المتاح للجميع حول العالم بشكليه المدفوع والمجاني.
الشباب السوري ينتفض في وجه العقوبات
بعد ما سببته العقوبات الأمريكية على سوريا والشعب السوري، من عقبات، قررت مجموعة من الطلبة السوريين إطلاق حملة تهدف إلى إيقاف إبعاد السوريين وحرمانهم من فرص التعليم.
وسميت الحملة بـ “Stop Excluding Syrians” والذي يعني “توقفوا عن إبعاد السوريين”، وأطلقها كل من السوريين جورج مراش طالب ماجستير في الصحة العالمية والعدالة المجتمعية ومقيم في لندن، وريم محمود، ناشطة نسوية سورية بعد مرورهما بتجارب في هذا المجال.
ويقول جورج مراش، أحد مؤسسي الحملة، لتلفزيون الخبر: إن “الحملة بدأت بعد حضوره أحد الاجتماعات التي تنظمها “UN” واقترحوا فيه نشر رابط لأخذ رأي الشباب حول العالم حول السياسات التي ستعمل عليها خلال 25 عام المقبلين، إلا أن الرابط الذي تستخدمه المنظمة غير متاح أمام السوريين”.
وعبر مراش في الاجتماع عن “بأسه من عدم إمكانية وصول الشباب السوري إلى الرابط”، مبيناً أن “الأمر أعمق من ذلك، فالطالب السوري “لا يمكن له أن يدفع بشكل الكتروني لأي جهة، ولا أن يفتتح حساب على منصة “تويتر”، أو ينضم إلى أي ورشة، وكل ما ذكر لا يتيح للمواطن السوري اختيار دولته “سوريا” على أي تطبيق، وكأننا موجودون في بقعة جغرافية لا يعترف بها العالم بأسره، الأمر مزعج وقاهر حقاً”.
وقرر الشابان إطلاق الحملة عبر منصات التواصل الاجتماعي، “فيسبوك”، و”تويتر” و”لينكدإن”، عبر صفحات وحسابات باللغتين العربية والانكليزية، حملت اسم الحملة، إضافة إلى موقع الكتروني قدموا تكلفته من مالهم الخاص، دون الحصول على أي دعم من أي جهة محلية أو دولية.
مئات الطلاب يشاركون قصصهم
لاقت الحملة التي ترفض تأثير العقوبات الاقتصادية الأمريكية، على قطاع التعليم بشكل خاص، لاسيما مع إدعاء الولايات المتحدة بأن العقوبات لأجل “السوريين” وحقوقهم، اهتماماً واسعاً من قبل الطلاب الذين ورد إليهم جواب من الجامعات حول العالم بالرفض لمرات عديدة.
ويشرح جورج أن “الطلبة السوريين بدأوا بمشاركة قصصهم عبر الحملة، لإيصال صوتهم ولمحاولة تغيير هذا الواقع، الذي يطال كل الشباب السوري الطموح”.
ويردف جورج “هناك نوعان من الرفض، أولها، رفض شهادة الثانوية العامة الصادرة عن الحكومة السورية خلال سنوات الحرب، وعدم الاعتراف فيها، ووضع احتمال أن تكون مزورة، بعد تقديم عدد قليل من السوريين شهادات مزورة بغرض اللجوء إلى بلد أجنبي”.
ويتابع “أما النوع الثاني من الرفض، فهو قائم بسبب عدم تحقيق الطالب السوري لشرط إتقان اللغة الإنكليزية والذي يعترف فيه من خلال امتحان معياري مثل “الأيلتس” أو “التوفل” أو “دولينغو”، بحسب كل جامعة”، وهو ما يتم حرمان الطالب السوري من تقديمه بشكل مباشر، أو عدم قدرة وصول الطالب السوري إلى الامتحان بسبب العقوبات على وطنه.
امتحان اللغة وتذوق الأمرين
يروي جورج، لتلفزيون الخبر حكايته مع تقديم امتحان اللغة الانكليزية قبل سفره، وما تخلله من عقبات، “في البداية كلف الأمر وضع مدخرات خمس سنوات كاملة من أجل الامتحان، الذي يقدم في لبنان، لا في سوريا”.
ويكمل مراش “اضطررت لتقديم الامتحان مرتين بالرغم من نجاحي في المرة الاولى، إلا أن الجامعة تحتاج لقبولي إلى نصف درجة إضافية، وكلفت هذه النصف درجة التقديم للامتحان مرة أخرى، والسفر كذلك إلى لبنان”.
ويوضح مراش أن “هذه العقبة تحرم الكثير من الطلبة السوريين حتى من التفكير بالتقدم إلى منحة مدفوعة، بسبب عدم امتلاكهم المال الكافي لتكاليف السفر والامتحان، والتي يمكن اختصارها بشدة في حال توافر الامتحان في سوريا، واقتصرت التكلفة على سعره فقط”.
“الكورونا” يزيد “الطين بلة”
تحدثت مجموعة من الطلبة السوريين، لتلفزيون الخبر، عما واجهوه ممن حجزوا موعداً في وقت قريب لامتحان اللغة في لبنان، بعد تفشي فيروس “كورونا” حول العالم.
وازدادت العقبات أمام هؤلاء الطلبة دوناً عن غيرهم، حيث بينوا أنه “لا سبيل للسفر مع إغلاق الحدود، بالرغم من أننا استوفينا جميع الشروط لتقديم الامتحان، وقدمنا بدفع تكاليفه أيضاً”.
ولم تنفعهم زيارة السفارة اللبنانية في سوريا، “فلربما يمكن تحصيل أمر ما منها يسمح لنا بالسفر، بل لم تستجب لأي محاولة من التواصل سواء بمبناها، أو عبر الهاتف، او البريد الالكتروني، ليبقى مصير الطلبة معلقاً دون أي جواب.
الطالب السوري والـ100 دولار
ما لا تعرفه الولايات المتحدة ما يضطر إليه الطالب السوري من تكاليف إضافية لتقديم امتحانه في دولة أخرى، فلا يكتف الطالب فقط بتسديد رسوم الامتحان.
ويقابل الطالب السوري، ما يعادل مئات آلاف الليرات، عدا عن المعاملات الطويلة لذلك، لاسيما في الوقت الحالي مع انتشار فيروس “كورونا”، ف100 دولار لتحليل “” كشرط للسفر، و100 أخرى للتحليل ذاته خلال رحلة عودته.
ويحتاج الطالب إلى ما يعادل تقريباً 100 دولار لرحلة الطريق ذهاباً، و 100 دولار أخرى لطريق العودة، عدا عن القانون السوري الجديد الذي يفرض تصريف 100 دولار لكل سوري قادم من الخارج، بسعر المصرف المركزي، وبذلك يخسر نصف قيمتها.
ويشرح الطلبة أنهم “في حال حجز موعد للامتحان، غالباً ما يضطر الطالب إلى السفر في ليلة سابقة، خوفاً من التأخر على الموعد، ويجبره ذلك على دفع أجرة إقامته في أحد الفنادق، عدا عن المصروف الذي يضطر إليه خلال السفر لأي طارئ إضافة لطعامه”.
التعليم الافتراضي.. والسوري شم ولا تذوق
فتحت جائحة فيروس “كورونا” مجالاً واسعاً أمام جميع سكان الكوكب، إلى رفع مهاراتهم، بعدما فتحت الكثير من المؤسسات التعليمية مواقعها الالكترونية لدورات ودبلومات وورشات تعليمية عن بعد وبشكل مجاني أحياناً، ومدفوع مرات أخرى، التزاماً بقواعد التباعد الاجتماعي، وتحويله لآخر افتراضي.
إلا أن السوريين لم يتمكنوا من الاستفادة من أي المواقع التي قدمت ذلك، والسبب العقوبات الأمريكية، فإما يحتاج الطالب لبرنامج “VPN” لاستخدام الموقع، أو تحديد موقعه الجغرافي في مكان آخر ليس صحيح لعدم توافر سوريا بين الخيارات، أو يضطر إلى أن يدفع له شخص آخر خارج البلاد التكاليف المفروضة، وإما أن يلغي فكرة التدريب أساساً.
ووصلت مدة إغلاق بعض المواقع التدريبية، إلى أكثر من عامين أشهرها موقع “كورسيرا”، الذي يهتم بتقديم فرص تدريبية بمجالات مختلفة”.
وقدم امتحان “آيلتس” فرصة التقدم لامتحان الكتروني، عرفت باسم ” IELTS indicator” في ظل انتشار فيروس كورونا، حرم السوريون منه بسبب عقبات عدة أهمها “الدفع الالكتروني، وبطء الانترنت، واحتمالية انقطاع التيار الكهربائي”.
“دولينغو” الحلقة الأخيرة
وكان آخر ما فرضت عليه العقوبات، تطبيق تعليم اللغات “دولينغو”، والذي يقدم امتحان لغة بدأت عدد من الجامعات بقبوله كخيار يثبت معرفة الطالب باللغة الانكليزية، ويختلف هذا الامتحان عن غيره بأنه يمكن تقديمه عبر الانترنت من خلال فتح كاميرا خلال مدة الامتحان من مكان تواجد الطالب، والالتزام بشروط الامتحان.
وكان كل سوري يرغب بتقديم الامتحان، يمكنه ذلك في حال قام شخص آخر خارج البلاد بدفع التكاليف، إلا أن الامتحان مسموح في سوريا، حتى تاريخ 31 تموز الماضي، حيث لم يسلم الامتحان من قبضة العقوبات الأمريكية، وتم إغلاقه أمام المستخدمين السوريين.
ولم تقتصر المشكلة فقط على حرمان الطلبة السوريين من الامتحان، بل حرم كذلك الطلبة من الحصول على نتائج الاختبار، لمن تقدموا قبل هذا التاريخ، وهو ما شكل مأزقاً لقبول الطالب في المنحة أو رفضه، ليذهب تعبه الممتد أحياناً لسنوات، هباءً، دون أي جدوى.
وتفرض الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية كما تزعم، على أصحاب رؤوس أموال سوريين، وعلى الدول التي تتعامل اقتصادياً مع سوريا، وتجمد أرصدة الشركات التي تعمل فيها أيضاً، كعقوبة على البلاد بسبب الحرب.
لين السعدي – تلفزيون الخبر