مرتان في اليوم لنبدو أجمل.. لماذا يكذب السوريون؟
قبل أن يكون الكذب ملح الرجال، كان سكّر البشر، من “بالعطلة عملنا باربكيو بالمزرعة” وهذه “المزرعة” عبارة عن غرفة بسقف “توتياء” وشجرتين، حتى “حبيبي هداني خاتم ألماس” عن البسطة بسوق “العنابة”.
الجميع يكذب فيما يخصّ حياته العاطفية، العملية والمادية، ويستثنى من الإحصاء رؤساء الحكومات وأعضاء الوزارات، فهؤلاء لا يقولون الصدق على الإطلاق، حتى إذا سألتهم عن الوقت.
كأن الكذب العامل المشترك الوحيد للبشر، تقول عالمة النفس كلودين بيلاند، مؤلفة كتاب “علم نفس الكاذب”، أن البشر يكذبون بمعدل مرتين في اليوم، لكنها كذبات بسيطة، مثل المبالغة بنتائج رحلة عطلة الأسبوع، عدم رؤية الموبايل، التأخر بسبب الزحام.
وهناك بعض المبالغات البسيطة الأخرى التي تتعلّق بنوعية طبخ الحموات والزوجات، نقصان الوزن و”طالعة بتجنني”، وهي من نوع المجاملات الاجتماعية المعتادة، لكنها ببساطة كذب.
نحن نتعلم أن نكذب منذ الصغر، مع أن القواعد اليومية للتربية في المدرسة والبيت تخبرنا أن نكون صادقين، لكن النظام الاجتماعي في الحقيقة لا يخبرنا ذلك بالضبط، إنما يخبرنا أن تكون كذباتنا “أفضل” وأقلّ انكشافاً.
نحن نكذب لنبدو أجمل في أعين الآخرين، لنحصل على شيء نريده أو كيلا نخسر شيئاً نحبه، وأيضاً هناك الكذبات الأنانية التي تتم للتلاعب بالآخرين والسيطرة عليهم وأيضاً إيذائهم، وتقع ضمن دائرة المرض النفسي.
وهناك الكذب الثقافي أيضاً، حين سألت منصة نيتفليكس المشتركين ماذا تفضلون للمشاهدة في الويك إند، أجاب 80%: فيلم وثائقي، في حين أنهم جميعاً شاهدوا الحلقات المعادة لمسلسل كوميدي.
الأكاذيب تحدث يومياً، خصوصاً مع الانتشار السريع لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أي مزحة خفيفة يمكن أن تتحول إلى حقيقة عبر عدد هائل من المراسلين الوهميين الذي يدعون أنهم كانوا موجودين وقت وقوع الحدث.
تقول كلودين إننا نعيش في عصر “انعدام الأمانة العرضي”، وبالرغم من أن العكس ما يجب أن يحصل، أي أن تقلّ الكذبات مع وجود هذا العدد الهائل من الشهود، إلا أن الكذب هو ما يتبقى في نهاية المطاف، لأن دماغ الإنسان مبرمج على الاحتفاظ بالغرائب والذكريات السيئة أكثر من الذكريات الجيدة.
وحسب الإحصائيات يكذب الرجل على زوجته بمكالمة واحدة كل عشر مكالمات، أما إذا كان الرجل عازباً فسيرتفع الرقم أكثر، وأيضاً 25% من السير الذاتية CV للمتقدمين للأعمال تتضمّن على الأقل كذبة واحدة.
لكن هذه الأكاذيب بمجموعها تزعزع استقرارنا وتجعلنا نتساءل عن صحّة ما نفعله، وما إذا كان من الجيد صنع علاقة ما بناء على كذبة؟ يتبقى فقط هذا الإحساس الفظيع بالكراهية لأنفسنا ونحن نتساءل لماذا كذبنا؟
في محاولتها لجعل أختي توافق على الزواج من ابنها قالت جارتنا: ابني لديه أكبر سيارة في المدينة، لم تكن تكذب على الإطلاق، فقط تخفي جزءاً من الحقيقة، فابنها كان يقود صهريجاً تابعاً لمؤسسة الإسكان العسكرية، كانت فعلاً أكبر سيارة في مدينة اللاذقية وقتها.
أشهر الكذبات عند السوريين/يات:
“ابني ذكي بس ما بيحب الدراسة”، “تقدّملي عشر مهندسين وخمس أطباء ورفضتهم”، “ما بستعمل أي كريم ولا بحط مكياج”، “هلأ خلص مدام، مرّي بعد كم يوم جايتني دفعة”، “ما شفت الميس كول”، “كنت نايم وتارك الموبايل ع الصامت”، “مات جدّي مبارح أستاذ”، “حليانة ونحفانة ياضرسانة”، وتبقى الكذبة الذكورية الأكبر “بحبك”، هي الأكثر شيوعاً.
محمد أبو روز – تلفزيون الخبر