“المرأة مربية الرضيع ومعلمة اليافع ودليل الشاب ورفيق الرجل”.. شعار مجلة سوريّة صدرت عم 1930
قبل نحو 90 عاماً، قررت سيدة سورية لم تتجاوز السادسة والعشرين، وتهوى الصحافة والأدب، إنشاء صحيفة شهرية بعنوان “المرأة”، بشعار يحمل في مضامينه معاني وأدوار هذا الكائن شريك الرجل ونصفه الهام، وعماد حياته.
هذه السيدة هي نديمة المنقاري، المولودة في حلب عام 1904، كما يشير موقع “دار الوثائق الرقمية التاريخية”.
درست المنقاري الفرنسية بمدرسة الأرمن الكاثوليك، وتابعت تعليمها في دار المعلمات ( مدرسة معاوية حاليا)، وتخرجت منها عام 1926، لتتعين معلمة ابتدائية.
تزوجت من الشيخ عطاء الله صابوني وهو كاتب صحفي ومفكر، سبق له أن أصدر مجلة (الفجر) الحلبية عام 1927م ومجلة (المكنسة)، وكانت الزوجة الثانية له.
انتقلت السيدة نديمة للعيش في حماه وفقا لعمل زوجها، حيث قامت بتدريس اللغة الفرنسية، وشرعت في ممارسة هوايتها الأدبية والصحفية، فأنشأت في حماة مجلة (المرأة) الشهرية في 13-10- 1930.
وكانت المجلة تحت شعار: (المرأة مربية الرضيع ومعلمة اليافع ودليل الشاب ورفيق الرجل) لتكون بذلك ثاني مجلة سورية تعنى بشؤون تحرر المرأة، بعد مجلة “العروس” التي أصدرتها الأديبة ماري العجمي بحمص سنة 1910.
صدرت المجلة بـ32 صفحة من القطع الصغير، واستمرت في الصدور لمدة عام واحد، ثم توقفت.
بعدما انتقلت نديمة للسكن في دمشق بسبب ظروف عمل زوجها، عادت المجلة إلى الصدور ثانية عام 1947في أربعين صفحة من القطع المتوسط وبدعم كبير من زوجها عطا الصابوني، فظهرت بحلة طريفة وبثوب جديد، وحجم كبير.
وكانت مجلة شهرية مصورة للثقافة والأدب والفن، كما تتضمن صفحتين ملونتين للأزياء.
كان مديرها حمدي طربين صاحب مطابع الهلال بسوق الحميدية بدمشق، وجاء في تعريفها على صفحاتها (لسان حال المرأة الحديثة في عهدها الإنشائي الجديد، ورسالة النهضة الثقافية العامة والأدب الرفيع ).
كتب فيها من الكتاب والأدباء: (محمود القاضي، نديم الملاح من حلب، جميل سلطان، فؤاد الشايب، عبد الغني الدقر، أحمد الصافي النجفي، محمد المبارك، شوكة موفق الشطي، علي حيدر الركابي، ومنير العجلاني من دمشق).
كما كتب فيها عبد الرحمن خليل من حماة – إحسان القواص للتعريب – الدكتور الحلبي عبد الوهاب حومد – حافظ الجمالي – خلدون الكتاني من لندن – منير الحامد من حمص – زهير مهرات من حمص – فاتح المدرس الفنان التشكيلي العالمي الذي اشتهر بعدها وهو من حلب – أديب النحوي من حلب وآخرون.
كما ظهرت أسماء نسائية كثيرة على صفحاتها منهن: (معزز البياتوني – سميحه المصري – منيرة علي المحايري – نعيمة المغربي – عفيفة الحصني – ليلى سامي البكري – نهلة هادي من بيروت – فاطمة الجيوشي طالبة – حورية خطيب في مجال التعريب.
طرحت المجلة أكثر من مرة مواضيع إشكالية مثل (بين السفور والحجاب) بقلم المحامي إبراهيم مجاهد الجزائري، وأخرى بقلم حافظ الجمالي، غير أن المجلة عادت وتوقفت مرة ثانية.
عملت نديمة المنقاري في الإذاعة السورية بدمشق في أربعينيات القرن العشرين، وقامت ببث البرامج الهادفة إلى توعية المرأة.
وقامت ببعض النشاط المسرحي فأسست فرقة مسرحية اسمها “الحمامة البيضاء” واهتمت بـرقص السماح.
كتب فارس الخوري ذات يوم لنديمة المنقاري: (صدور هذه المجلة من جديد بعث في نفسي فرحاً واغتباطاً.. وأرجو أن أجد فرصة مواتية أدون فيها ما يجول في خاطري حول هذه الشؤون وأقدمه للنشر في مجلتكِ العزيزة التي أرجو لها على يدكِ كل النجاح وأعظم الازدهار).
عادت نديمة إلى حلب، واكتفت بعملها كمدرسة، حتى أحيلت إلى التقاعد، ووافتها المنية عام 1991، عن عمر ناهز سبعة وثمانين عاماً.
تلفزيون الخبر