“نبيلة” الدراما السورية .. في ذكرى رحيل الفنانة نبيلة النابلسي
تجسد الفنانة الراحلة نبيلة النابلسي صحة مقولة “لكلٍ من اسمه نصيب”، فما إن يعبر اسم هذه الفنانة حتى تتجلى معاني النبل والطيبة والعفوية، نبيلة النابلسي السورية “الأم” التي تصادف يوم 29 حزيران ذكرى وفاتها.
رحلت الفنانة نبيلة النابلسي عن عالمنا في العام 2010، في دمشق التي ولدت فيها عام 1949، وشكل رحيلها أحد عتبات نكبة الفن السوري، فما كانت وفاتها حدثاً عابراً، كما لم يكن ما أنجزته خلال مسيرتها عابراً، فهي التي أخذت ركناً راسخا من ذواكر السوريين.
وبالحديث عن دور الأم في الدراما السورية يبرز اسم النجمة الراحلة نبيلة النابلسي التي كانت من أبرز النجمات اللواتي برعن بأداء دور الأم في عدد كبير من المسلسلات عبر مسيرتها الطويلة ومنها دورها في مسلسل “الفصول الأربعة” و”أمهات” و”ليس سراباً” وغيرها.
حيث كان دور الأم لدى النابلسي خياراً بحثت عنه في سن مبكرة، وهي التي تحدثت في أحد لقاءاتها عن محاولاتها اللجوء إلى المكياج في أدوار الأم الأولى التي قدمتها لتبدو مقنعة أكثر، لكن مع تقدم العمر كانت أدوار الأم تبدو الأكثر التصاقاً بها.
وهي التي أكدت في أحد حواراتها أيضاً أن “ولادة ابنها سامر في العام عام 1976 كان الحدث الأبرز الذي غيّر حياتها وأنها اختارت البقاء بجانبه ولم تعمل حتى ولادة ابنها الثاني أنس عام 1983”.
أما عن بداياتها، اكتشف الفنانة المخرج السوري نبيل المالح الذي لاحظ ملامح الحضور الفني فيها، فعرض عليها التمثيل في فيلمه المخاض، وتكرس اسم الفنانة نبيلة النابلسي كفنانة سينمائية مهمة تميزت في بعض أدوارها بالجرأة.
وارتبط اسمها بأهم الأفلام السينمائية في سوريا، حينها، لتعمل بعدها مع مخرجين من سوريا ومصر ولبنان، إلى أن خفت وهج الإنتاج السينمائي في سوريا، وتفرغت النابلسي لحياتها الزوجية وللأطفال.
فتوقفت عن العمل منذ منتصف السبعينيات حتى قررت العودة إليه ولكن هذه المرة من بوابة التلفزيون، وعملت في البداية مع المخرج غسان جبري في مسلسل “دموع الملائكة” للكاتب محمود دياب والمخرج غسان جبري عام 1983.
وكانت تعتقد، وقتذاك، أن عملها التلفزيوني لن يكون سوى محطة مؤقتة تشغل نفسها فيها لتعود إلى السينما، ولم تكن تعلم حينها أن نجوميتها الحقيقة ستكون من خلال التلفزيون، وغدت بعدها نبيلة النابلسي واحدة من الأسماء المهمة في الوسط الدرامي السوري، ومن أكثر الفنانات براعة في تقديم دور الأم بصدق وعفوية.
وكانت الفنانة “النبيلة” في كل مرة تضفي من روحها ما هو مختلف على النص المكتوب، لتخرج علينا بشخصية أم جديدة لا تشبه ما قدمته من قبل، على هذا النحو قدمت نبيلة النابلسي في التلفزيون العديد من الأعمال الدرامية منها “حمام القيشاني”، و”لك ياشام” و”الفراري”.
ومن أعمالها أيضاً “الأرجوحة” و”أحلام لاتموت” و”بيت العيلة” و”الفصول الأربعة” و”الحور العين” ومسلسل “أحقاد خفية” و”ليس سراباً” الذي كان آخر ما قدمته قبل مرضها.
وقدمت النابلسي في المسرح عدة أعمال هي “لحظة من فضلك” و”مطلوب مسؤول”، و”ناس التي تحت”، و”شباب آخر زمن” و”خيوط العنكبوت” وآخر أعمالها المسرحية كانت مسرحية “بكرا أحلى” التي قدمتها لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى العديد من الأعمال الإذاعية.
ليحل شبح المرض العضال على الفنانة نبيلة النابلسي قبل وفاتها بعامين، عاشتهم في العلاجات والابتعاد عن العمل بعد أن ختمت مسيرتها بمشاركتها في مسلسل “ليس سراباً” الذي لقي حضوراً وإعجاباً بين الجمهور السوري والعربي.
توفيت النابلسي في 29 حزيران 2010، عن عمر 62 عاماً، وشيعتها دمشق إلى مثواها الأخير، بحضور كثيف من الشخصيات الرسمية والفنانين والأصدقاء والمعجبين وتقدمهم وزير الإعلام السوري.
غابت الفنانة الراحلة عن عالمنا وعن الوسط الفني السوري، الذي ودع بعدها أيضاً أركاناً “كنبيلة” راسخة وصادقة وسوريّة بحق، رحلوا تباعاً تاركين أثرهم في كل منزل وقلب وعقل سوري.