41 عاماً على مجزرة كلية المدفعية في حلب .. الحكاية الكاملة
في 16حزيران 1979 أقدم عناصر “الطليعة المقاتلة” الجناح المسلح لتنظيم “الأخوان المسلمين” وبتسهيل من السفاح ابراهيم الضابط المناوب حينها،على دخول قاعة التدريب في كلية المدفعية وإطلاق النار على 200 طالباً أعزل، استشهد منهم 32 وجُرح 54 ، وانسحب منفذو العملية الوحشية بسلام.
الحكاية من البداية
لم يكن صيف عام 1979 في حلب صيفاً عاديا كما غيره، فمع مطالعه شهدت المدينة مجزرة مدوية رسمت خطوطاً جعلت هذا العام ليس كما سبقه، وذلك بعد ليلة 16 حزيران التي دعا فيها “النقيب ابراهيم اليوسف” وهو الضابط المناوب في كلية المدفعية طلاب الضباط الذين كانت تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً لاجتماع مع مدير الكلية، ليتوافد مئات الطلاب الضباط للاجتماع في القاعة.
كان حينها اليوسف يُعد لمذبحة وحشية مع رفقائه في جماعة “الإخوان المسلمين”، مذبحة شكلت نقطة بداية لعشرات المذابح الأُخرى، بعد أن اجتمع الطلاب في السابعة والنصف من مساء ذلك اليوم تنفيذاً لأوامر الضابط المسؤول عن أمنهم وحمايتهم وانتظروا دخول مدير الكلية عليهم.
وماهي إلا دقائق حتى دخل مجموعة من المسلحين بلباس عسكري يتقدمهم المسؤول في “الطليعة المقاتلة” الجناح المسلح “للإخوان المسلمين” السفاح عدنان عقلة.
وقف المهاجمون أمام الطلاب الضباط العزل، وقبل لحظات من ارتكاب المجزرة قاموا بتمييز الضحايا طائفياً، ثم أفرغوا رصاصهم في صدورهم وقلوبهم.
كان ضحايا سفاحي “الطليعة المقاتلة” في مجزرة المدفعية شباناً في بداية حياتهم، حيث لم تكن معرفتهم العسكرية مكتملة، ولم يشاركوا بعد في أي مهام، ليصبحوا بعد تلك الدقائق ضحايا المجزرة وبقيت ذكراهم لتدل على وحشية الحدث.
وقال وزير داخلية سوريا، آنذاك، عدنان دباغ معلقاً على جرائم “الإخوان” حينها: “لقد تحرك هؤلاء بعد اتفاقية سيناء مباشرة وتصاعدت أعمالهم الإجرامية بعد زيارة السادات للقدس ثم بعد توقيع اتفاقيات الذل والعار مع العدو الصهيوني، وبدأوا بمسلسل الاغتيالات في بعض المدن السورية ”.
ولم ينكر القاتلون فعلتهم بل كتبتوا على سبورة القاعة التي حدثت فيها المجزرة أنهم الفاعلون وهو ما أكده لاحقاً زعيم جناح الحركة الإرهابية العسكري عدنان عقلة وباقي أفراد التنظيم بمن فيهم إبراهيم اليوسف.
وقامت بعدها السلطات السورية بحملة اعتقالات وملاحقات بحق عناصر التنظيم بعد المجزرة التي تبعتها مجازر أخرى منها “مجزرة الباصات، ليهرب بعدها قادة الجماعة إلى خارج البلاد ويتركوا “عناصر الطليعة المقاتلة” ما أثار امتعاضهم الشديد ودفعهم للهجوم على قيادة الجماعة الهاربين.
وقال السفاح عدنان عقلة في رسالته الشهيرة بتاريخ 11/6/1980 مخاطباً قادة “الجماعة” الهاربين: “ومن غادر البلاد دون إذن مسبق من قيادة الطليعة، متولٍ من الزحف يحتاج إلى توبة جديدة… ويستوي في هذا كل الناس وراء الحدود… واستفتوا أنفسكم”.
وتمكنت السلطات السورية من ملاحقة مرتكبي المجزرة واحداً تلو الآخر فوصلت إلى عبد الراشد حسين، وماني خلف، ويحيى النجار” خلال ساعات وألقت القبض عليهم وحوكموا وأعدموا.
ومن ثم لاحقت حسن عابو وكان قائد التنظيم في حلب حيث تم اعتقاله وإعدامه بعد محاكمة، من ثم خاضت مواجهة مسلحة مع مسهِّل دخولهم للكلية والقائم على المجرزة ابراهيم اليوسف في أحد منازل حلب وقُتل هناك، وكذلك قتل عدنان عقلة.
وقبل مقتل اليوسف اعتقلت السلطات السورية زوجته عزيزة جلود التي كانت حاملاً بابنها اسماعيل وبقيت في السجن ثلاثة أشهر قبل أن يُطلق سراحها وتُنجب إسماعيل، وتابعت حياتها، حتى أنها في عام 2013 أدلت بشهادتها عن لقاءات بين زوجها وشقيق مرشد “الإخوان” علي صدر الدين البيانوني.
وقالت: إن “هذه اللقاءات تمت في بساتين حلب وكان سببها رغبة البيانوني بتوسيع الكتلة البشرية العسكرية للتنظيم وضم “800” مقاتل جدد”، مضيفة أن “البيانوني والقيادات التي معه تركت الشبان المقاتلين لمصيرهم وهربوا إلى الخارج”.
يذكر أنه في آب من عام 2016 أطلقت المجموعات المسلحة والمنتمية لفكر “الإخوان المسلمين” اسم السفاح “ابراهيم اليوسف” على هجوم شنته على كلية المدفعية في حلب “غزوة ابراهيم اليوسف”، وتكرر المشهد من جديد حيث أودى هذا الهجوم بحياة عشرات الطلاب الضباط والمجندين المرابطين في كلية المدفعية.
بينما تابع ابن “إبراهيم اليوسف” ويدعى “ياسر” السير على خطى والده، وأضحى قيادياً في تنظيم “نور الدين زنكي” الإرهابي أحد حلفاء “جبهة النصرة”.
تلفزيون الخبر