لا نص ولا إخراج ولا مونتاج .. مسلسل”أحلى أيام” يمثل “اسوأ أيام” الدراما السورية
“أخطاء إخراجية فادحة”، و”خلل في المونتاج” و”تسلسل أحداث غير منطقي”، هذه بعض الأسباب التي أجبرت قناة أبو ظبي عن التخلي عن عرض مسلسل “أحلى أيام” رمضان الماضي وهو من تأليف “طلال مارديني” وإخراج “سيف الشيخ نجيب”.
هذه الأخطاء الكارثية اضطرت فريق العمل إلى الكثير من التعديلات، فضلاً عن تصوير بعض المشاهد الإضافية، وما إلى هنالك، لكن الكارثة الحقيقية هي أن المسلسل أقل ما يُقال عنه أنه باختصار نشر لغسيلنا الدرامي الوسخ على الفضائيات لأسباب كثيرة.
أول دواعي هذا الكلام، هو النص السطحي الذي جاء استمراراً للسطحية في الجزأين الأول والثاني من “أيام الدراسة” وكأن الشخصيات الرئيسية في العمل تأبى بعد أن دخلت معترك الحياة العملية إلا أن يحافظوا على تفاهتهم وانحطاطهم الأخلاقي وسماجتهم.
شخصيات الأصدقاء الأربعة “لؤي.. معتصم النهار”، “يزن.. يامن الحجلي”، “محجوب.. خالد حيدر”، و”غسان.. طلال مارديني” باتوا الآن في الإمارات، بحيث أن غلاظاتهم وكثافة دمائهم ولا أخلاقياتهم لم تعد محصورة ضمن أسوار جامعة دمشق وأحيائها وإنما تمددت أفقياً وشاقولياً.
أفقياً عندما أصبح الأصدقاء في الإمارات، بحيث بدو كـ”الطرش” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بلا أدنى عقلانية، وشاقولياً أن ما قد يقبله البعض داخل الجامعة وبين الطلاب، لم يعد مقبولاً نهائياً بين أشخاص يفترض أنهم أنهوا مراهقتهم وولدناتهم.
لكن على ما يبدو أن أهم ما يتسم به هذا العمل هو تصوير جميع المواقف التي يمر بها أولئك الأصدقاء بأقصى درجات سطحيتها تحت مسمى “الكوميديا لايت”، وكأن القائمين على “أحلى أيام” فهموا هذا النوع الدرامي بأنه تسخيف السخيف، أي مضاعفة السخافة في السلوكيات والأداء وحتى في حركات الكاميرا.
ولم تنقذ مواقع التصوير الفخمة والسيارات آخر موديل والأزياء من تجميل الصورة العامة للمسلسل، بحيث أنه لم يكن “خفيف نضيف” كما ظنَّ صُنَّاعه، بل على العكس تماماً “ثقيل وسخ” لأنه يرسخ قيماً غاية في الرداءة من الخيانة، إلى السرقة، إلى تشيئ الآخر، وتسليع الأنثى…
الدناءة الأخلاقية تستمر من خلال تفاصيل “أحلى الأيام”، فـ”غسان” يهمل “زوجته.. مديحة كنيفاتي” وابنهما من أجل المذيعة الجميلة التي جسدتها الممثلة المصرية “روجينا”، و”لؤي” يستغل وسامته لخوض مغامرات عاطفية وخداع الصبايا وسرقتهن.
أما “يزن” فبدا جائعاً باستمرار كأنه لم يأكل في بيت أهله، بينما “محجوب” فمحجوب عن الفهم دنيا وآخرة، وخارج عن التغطية المتوازنة لشخصية شاب في بداية الثلاثينات، والأنكى أنه لم يتم استغلال النقص ومكامن الضعف في الشخصية لصالح الكوميديا المفترضة.
الحلقة الواحدة تقارب الخمسة وأربعين دقيقة كاملة من السماجة، والملل، وقلة الأحداث، وابتعادها عن الواقعية، والأنكى تظهير صورة الشباب السوري بما فيهم نجوم الميديا على أنهم مجموعة من السخيفين السمجين قليلي الحياء و”المبوجقين” والسُّذَّج.
رداءة ما بعدها رداءة، على صعيد النص غير الناضج، والأداء التمثيلي الفاقع بسذاجته وافتقاره لأدنى درجات الاحترافية، فثمة فهم خاطئ للكاريكتر الذي ينبغي أن ينبع من داخل الشخصية وليس فقط في سلوكياتها الخارجية.
وما يزيد الطين بلة، هو الإدارة الإخراجية الباهتة لـ”سيف الشيخ نجيب” والتي اقتصرت في كثير من الأحيان على وضع الكاميرا من دون أن يكلف خاطره ولو ببعض الكلوزات أو البانات، بينما المونتاج فكان عبارة عن تلصيق المشاهد وراء بعضها، وكأن العمل كله “من ساسه لراسه” قائم على التفكير السخيف.
ولا نعلم كيف رأت شركة “رؤية فنية.. Art Vision” أن في ذلك المسلسل “رؤية”، رغم أنه لم يصدق فيه شيء سوى أنهم جعلوا لسان حال معظم الجمهور يردد كلمات أغنية الشارة بصوت حسين الديك: “شو تعبنا وبكينا.. ومرقت شدّة علينا”.
تلفزيون الخبر