هل يدق مسلسل “بوشينكي” المسمار الأخير في نعش الدراما السورية؟
لن تكفي توصيفات مثل “الأسوأ”، “الأردأ”، “الحضيض”، لوصف “الدرك الأسفل” و”الإسفاف” و”الابتذال” و”السُّخف” الذي وصل إليه مسلسل “بوشينكي” تأليف “يسر دولي”، إخراج “نضال عبيد”، وإنتاج شركة “جود فيلمز”.
القصة تبدأ من نص “دولي” المتهالك، وفكرته المهلهلة، ونسيجه الدرامي المتهتك، ولغته السوقية بكل ما فيها من كلمات نابية، ومواقف مُخزية، لدرجة تحار فيها ما القصد من كل هذه “الشوارعاتية” في مسلسل واحد؟
وإذا كان الأساس بالياً، فمن الطبيعي أن تتوالى “الصَّفاقات الدرامية”، بحيث يتحول التمثيل إلى “مسخرة”، والممثل إلى “كراكوزاتي” شَتَّام وسليط اللسان، بينما المخرج يصبح مُجرَّد مُصوِّر لكل هذا الخزي الدرامي، من دون أن نعرف أين الـ”جود فيلمز” (أفلام جيدة) في ذلك؟
لا ندري أين “وزارة الإعلام” و”لجنة صناعة السينما” و”لجان مراقبة النصوص” من هذا الـ”بوشينكي” الذي يضرب بعرض الحائط أبسط المعايير الدرامية والأخلاقية والاجتماعية، ويتيح لبعض الجَّهلة والمهرجين السمجين باحتلال مساحة من البث على قنواتنا الوطنية؟
الصحفي “جوان ملا” يقول لتلفزيون الخبر: “الدراما السورية دخلت في مرحلة احتضار، لكن هناك أعمال تحاول أن تدق المسمار الأخير في نعشها، و”بوشينكي” أحدها، يُقال إنه “كوميدي”، لكن لا كوميديا فيه ولا هم يحزنون، إذ يعتمد على الاستهزاء والابتذال والتعري الواضح في محاولة بشعة لعرض أجسام أبطال العمل وكأنها مسابقة لأفضل مسلسل إباحي”.
ويستنكر “ملا” كيف تطور “يسر دولي” فجأة من كاتب منشورات “سخيفة” على فيسبوك حققت صدىً سلبياً، إلى كاتب سيناريو، مبيناً أن “مثل هذا التطور لا يحدث إلا في بلادنا العزيزة، نتيجة الواسطة وتمسيح الجوخ لصاحب رأس المال في شركة إنتاج ما”.
ويضيف الصحفي “جوان”: “المسلسل مسيء ليس فقط في قصته، وإنما بالشتائم التي تنطلق من أفواه ممثليه، مثل “فدّان حمار” أو “جحش حَنَكو” أو “بدُّو يصاحبها”…، وكأن الكاتب جمَّع الألفاظ النابية ليصبح “بوشينكي” المسلسل الذي يحتوي على أكثر العبارات المسيئة التي ينطق بها السوقيون، وكأنه يحاول دخول “غينيس” في ذلك”.
الناقد “جمال سامي عواد” يقول لتلفزيون الخبر: “توقع السوريون في هذا الموسم الرمضاني أن يشاهدوا دراما متواضعة، متقشفة، جريحة. لكن في الشيء المسمى “بوشينكي”، لم تكن الدراما مأزومة فحسب، بل مهزومة أيضاً. فهل هُزِم السوريون عسكرياً وسياسياً وثقافياً حتى نرفع الرايات البيضاء بهذا الشكل؟ بالعكس، فقد كنا كما عهدتنا شعوب الأرض، نقاتل ونصمد ونحاول البقاء حتى درامياً، وقد نجحنا في ذلك نسبياً”.
ويضيف: “لكن بعد أن أصبح “ما قبل الشويعر” المدعو “يسر دولي” كاتباً لسيناريو مسلسل يعرض في رمضان في قلب بيوتنا، فهذا والله إعلان لهزيمة تاق لها العدو”.
ويتساءل “عواد” عن ماهية التصنيف الذي استخدمته الرقابة في تقريرها لتقييم المسلسل؟ قائلاً: هو ليس كوميدياً، إذ أين الكوميديا في هذه السطحية والتفاهة والسخف العاجزين عن إضحاك شخص متخلف عقلياً. وليس اجتماعياً، فأين المجتمع في مجموعة من الموديلات تم جمعهم بدون أدنى مبرر درامي في فيلا فاخرة، لكي يتقيأوا كل هذه التفاهة؟”.
ويضيف الناقد “عواد”: “كما أنه حتماً ليس سياسياً ناقداً، لأن النقد السياسي والاجتماعي، لا يعني جمع عبارات ممجوجة ومستهلكة عائمة على سطح مستنقع مواقع التواصل، ومن كل اللهجات، ثم وضعها في سيناريو متهالك وغير مترابط، يقوم مخرج منفصل عن الواقع بتحويله إلى “شيء يعرض على الشاشة”، قائلاً: هذا الشيء إهانة للسوريين.. ارفعوا عنا الإهانة وأوقفوا عرضه”.
لعل الشيء الوحيد المناسب في هذا العمل هو اسمه “بوشينكي”، والذي يتخلى عن معناه كـ”منطقة ريفية” باللغة الروسية، ليركز على أنه المكان الأمثل في لعبة “الببجي” لإراقة الدِّماء وللموت، مع استبدال الدماء بالغثاثة والسخف وثقل الدم في هذا المسلسل “الفلتة”.
يذكر أن المسلسل من تمثيل: دانا جبر، كرم شعراني، يحيى بيازي، فرح خضر، يامن سليمان واللبنانية مابيل سويد.
تلفزيون الخبر