“الزلزال الحلو” .. ماذا يتذكر السوريون عن إشاعة الزلزال عام 1999؟
بطبيعة الحال تترادف كلمة زلزال مع الدمار والكارثة، فحدوثه في مكان ما يعني حلول الخراب والخسارة التي قد تكون مادية وانسانية، وأقل ما يحدثه هو الرعب والخوف.
لكن شائعة الزلزال التي يذكرها السوريون جيداً منذ ما يقارب ال21 عاماً، تحولت إلى ذكرى “زلزال حلو” كما يصفونه حتى اليوم، أمضوا بسببها سهرة جميلة في الشوارع والساحات العامة.
في حلب وحمص واللاذقية وطرطوس، وربما مدن أخرى، تناقل الناس خبر حصول زلزال قريب، في زمن لم يكن لوسائل التواصل الاجتماعي وجود فيه، الهواتف الأرضية تكفلت بسرعة وصوله إلى المدن والأرياف، وخروج مئات الآلاف إلى الشوارع والحدائق، التي اعتبروها أكثر أماناً من البيوت المهددة بالسقوط في حال حصول الزلزال المزعوم.
ماذا حمل السوريون معهم؟
سؤال طرحناه في تلفزيون الخبر على عدد ممن يذكرون الحادثة، التي وقعت في شهر آب، وكان الجو حاراً ومناسباً للسهر في الهواء الطلق، والطريف أن أغلب الذين أجابوا لا يذكرون بالضبط إن كانوا أخرجوا أشياء مهمة كأوراق شخصية وغيرها، مع أن هذا من البديهيات في مثل هذه الأحوال، لكن ما يذكرونه جيداً أن معظمهم اصطحب معه “الأرجيلة” وعدتها والمتة وبعض المأكولات والمسليّات.
ويتذكر البعض أنه أخرج ما معه من نقود، وما خف وزنه كالذهب وماشابه، إلى جانب “جهاز الراديو” للبقاء على تواصل مع العالم والأخبار، أخبار الزلزال على وجه التحديد.
بملابس النوم خرجت معظم العائلات، البعض من سكان الأرياف خرج من منزله ليفترش ساحة الدار أو تحت بعض الأشجار ويتابع النوم، فخبر حدوث الزلزال وصل ليلاً وخلال أقل من ساعة وصل إلى الجميع تقريباً.
وتروي “ليدا” من طرطوس، لتلفزيون الخبر ” أذكر يومها أن جدتي هي الوحيدة التي لم تصدق، وقالت لنا : من كل عقلكم إذا في زلزال رح تعرفوا فيه قبل، رح يوصلكم خبر إنه جاي؟ وتابعت نومها بشكل عادي”.
ويبدو أن الكثير من كبار السن كان لهم موقف جدة ليدا، حيث لم يصدق غالبيتهم الخبر، ومثلهم بعض العائلات التي لم تغادر منازلها.
على الكورنيش البحري، وهو المكان الأخطر في حال حصول زلزال فعلاً، لما يمكن أن يسببه من موجات عاتية، قضى عدد كبير من السوريين سهرتهم “اللطيفة” في انتظار الحدث غير الاعتيادي، الذي جاءهم من “مجهول” لم يعرف حتى الآن من هو.
وتقول ريما، من اللاذقية: ” تصادف يوم خبر الزلزال مع عيد ميلادي، ومع أنني كنت صغيرة لازلت أذكر تفاصيله، وكنا نعتقد حينها أن الزلزال هو وحش كبير سيأتي ليلتهم الأرض كلها، وجلسنا طوال اللليل نترقب سقوط النجوم عند مجيئه”.
وفي اللاذقية، تحولت السهرة إلى “سيران” حسب ما تذكر لجين، وتقول: ” أذكر نزول البعض إلى المدينة الرياضية، وقمنا بإكمال السهرة بتحضير عشاء من المشاوي والتبولة وكأننا في سيران ونزهة، ولسنا في انتظار زلزال”.
محمود (60 عاماً)، يقول لتلفزيون الخبر: “أخرجت أطفالي إلى ساحة القرية، لم أكن مصدقاً للقصة لكن الخوف لابد مم أن يساورك من أن يكون الخبر صحيح بطريقة ما، وساعدنا الجو الصيفي على قضاء الليل خارجاً مع أجهزة الراديو التي تعمل على البطارية، وعند الفجر عدنا جميعاً للنوم”.
ويشعر كثير من السوريين اليوم بأن الزلزال حدث شبه عادي، وسط ما عاشوه منذ تسع سنوات وحتى الآن، الأمر الذي جعل القصة تنال نصيبها من السخرية، عبروا عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن شهدت سوريا عدة هزات أرضية خلال فترة قصيرة.
الجديد هذه المرة أن الحدث الزلزالي المتوقع، يترافق مع انتشار وباء كورونا في سوريا والعالم، وفي ظل حظر تجول جزئي، وإجراءات احترازية لمنع التجمعات، فإذا كان الكورونا من أمامكم، والزلزال من خلفكم، فماذا انتم فاعلون؟ يتساءل سوريون بسخرية وألم.
رنا سليمان _تلفزيون الخبر