أول كتاب عن “كورونا”.. المفكر المغربي “إدريس هاني”: قد يفعل كوفيد19 ما لم تستطعه الأمم المتحدة
أرسل المفكر المغربي “إدريس هاني” مخطوط كتابه “فيلو- كورونا.. كوفيد19 يحرك الموجة الرابعة للحداثة” إلى المطبعة، وهو أوّل كتاب يتطرق لجائحة كورونا من أكثر من زاوية تؤطّرها الرؤية الفلسفية.
يجيب الكتاب على سؤال المستقبل، وما بعد كورونا، ومصير الإنسان، بتحليل “سيكولوجيا الإنسان المحجور”، ورصد تفكك الأنظمة الاجتماعية، وتحولات السلطة، ومركزية البيت باعتباره مأوى الوجود.
يسافر الكاتب “هاني” في مناحي شتّى فلسفية وعلمية وسياسية واقتصادية وسيكولوجية وأنثربولوجية وأدبية ولاهوتية، حيث يرصد مختلف مناحي هذا التحول المفترض الذي فرضه كوفيد 19 الذي جسد في نظر الكاتب “مستوى من المكر الطبيعي الذي يناهض مكر التاريخ بالمعنى الهيغلي”.
كما أظهر المفكر المغربي كيف استطاع كورونا أن يحرّك الموجة الرابعة للحداثة، مؤكّداً على الطابع التجاوزي الذي تفجره الحداثة ضدّ مراكزها، بحثاً عن ممكنات تنتجها من الهامش عند كل منعطف تاريخي جائحي، وفي هذا يلمّح لما بعد الموجات الثلاثة للحداثة كما وصّفها ليو ستراوس.
يقول إدريس هاني: “الجائحة قد تكون بمثابة تدريب جماعي وكوني لاستقبال مُوجبات انقلاب الذّهن البشري، وهذا الانقلاب لا يتحقق إلاّ بانزياحات كونية وجوائح وطواعين وارتجاجات بيئية، فكورونا استطاع أن يضيف إلى سجلّ التاريخ جرحاً نرجيسياً لا يقلّ عن الجروج النرجسية التي أحصاها “فرويد” منذ “كوبرنيكوس”.
تجلى هذا الجرح اليوم بحسب “هاني” في جملة قضايا كاستعادة المركزية للحق الطبيعي، وتقويض النزعة العولمية والاستهتار بالخيال، حيث يرى الكاتب أنّ الخيال وحده الذي صمد في الجائحة، حيث ساهم في رفع المناعة والمعنويات الضرورية لمناهضة الوباء بعد أن ساهم العقل والأرقام في تعزيز الشعور بالاكتئاب.
وفي تصريح لتلفزيون الخبر قال إدريس هاني: الهدف من هذا الكتاب هو تحرير الوعي في زمن الجائحة التي نتمنى أن يمر بأقل الخسائر. “زمن كورونا” هو يمتلك العديد من المؤشرات التي يمكن أن تظهر فيما بعد، فقد يفعل ما لم تستطعه الأمم المتحدة، والنظام الدولي، وحينها يمكن اعتبار الناس الذين قضوا في هذا الطريق شهداء التحول الجاري اليوم نحو نظام عالمي جديد”.
وأكد المفكر المغربي نهاية العمل بالنموذج الحضاراتي الذي رسمه “هينتنغتون” في كتابه “صراع الحضارات”، فالعزل الحاصل الذي تصبوا إليه نظرية الصدام لاسيما في موضوع الهجرة، حققته من زاوية أخرى “الصحة العالمية” عندما وضعت العالم من دون تمييز في حجر صحّي.
وينبِّه المفكر المغربي إلى أنه لم يعد بالإمكان الحديث عن نهاية التّاريخ تماماً بالمعنى الذي ذهب إليه “فوكوياما” في زمن التّسيّب الرأسمالي بعد أن تأكّد أنّ الغرب بات قلقاً، وبعد أن باتت الصين تعرض خدماتها الصحية والإنقاذية على أوروبا العجوز.
يقول “هاني”: “من ينقذ العالم من كورونا هو من يملك كتابة التاريخ البشري، وما خفي على هنتنغتون في نظرية الصّدام وعلى فوكوياما في نظرية النموذج الأخير هو الطواعين التي فرضت برنامجاً مختلفاً يجعل المجاعة في مراكز الوفرة والرأسمال أمراً وارداً بالفعل”.
يذكر أن إدريس هاني من مواليد عام 1967 في مدينة “مولاي إدريس” المغربية، وتنصب انشغالاته المعرفية على القضايا الكبرى ذات العلاقة بالفكر الإسلامي ومن مؤلفاته “سُرّاق الله”، “الإسلام والحداثة”، “محنة التراث الآخر”، “حوار الحضارات”، وغيرها الكثير.