كيف تعامل السوريون مع خبر موت عبد الحليم خدام .. هل يستر الموت الخيانة ؟
لم يهزّ خبر موت نائب الرئيس السابق، عبد الحليم خدام، السوريين، بقدر ما أثار مشاعر السخط والنقمة، في رحيل من أستغل منصبه في بناء ثروة طائلة من أموال السوريين، ليصبح بعدها شريكاً بسفك دمائهم .
ومع أنه لا شماتة في الموت، حسب إجماع السوريين، لم يلقَ الراحل كلمة “الرحمة عليه” من أي طرف، فهو الذي تقلد مناصب عديدة في سوريا، طوال أكثر من 30 عاماً، رحل بمنصب “خائن”، فلم يكفه ما جناه، بل أنهى حياته كأداة ساهمت بحصار سوريا، وفرض العقوبات عليها، ولم يحظَ حتى باحترام الذين لجأ إليهم، بعد خيانته.
وأعاد الكثيرون التذكير، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بماضي خدام، حيث كتب الدكتور أمجد بدران على صفحته الشخصية في “فيسبوك ” مستعرضاً مناصب خدام، خلال حياته والتي “أنهاها بمنصب خائن، وأتقن منصب الخيانة لدرجة تحالفه، وهو البعثي السابق، مع الإخوان المسلمين في “جبهة الخلاص”، وهم من تركوا الحلف معه، حيث لم يتحملوا البعثي الخائن”.
ولفت بدران إلى أن “يوم وفاة خدام يوافق يوم تحرير جوبر لمن نسي”.
وبلهجة تهكمية كتب “مروان راحي” أيضاً في “فيسبوك” : التعازي في بيت الوسط في بحر الأسبوع، وسبت وأحد في المختارة”، في إشارة إلى علاقة خدام ببعض المسؤولين اللبنانين الذين شاركوا في الحرب على سوريا.
ولم يفت آلاف السوريين، مع إعلان خبر وفاته، التذكير بأنه ورغم المناصب التي تقلدها، لم يكتب التاريخ أنه قدم خدمات لأحد من الشعب، حتى أبناء محافظته أو مدينته الساحلية “بانياس”، بل كان جل همه صنع الثروات وتكديسها، ليأتي بعد عشرات الأعوام ويتباكى على الشعب السوري، من مكان لجوئه، وهو الذي تورط بأكبر قضايا الفساد المعروفة في سوريا”، حسب ما أشار أحد التعليقات.
وأشار أحد الإعلامين العرب إلى لقاء جمعه بخدام عشية وفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد، حيث أجاب منزعجاً، حين سأله عن رأيه باستلام الرئيس بشار الأسد سدة الحكم في سوريا، بأنه “أصبح خارج اللعبة”.
مما يوضح بأن “طموحه السياسي”، كان البقاء رئيساً مدة تتجاوز ال 37 يوماً الانتقالية، وهو ما يفسر انشقاقه عن بلده بعد سنوات قليلة، مستغلاً مقتل رفيق الحريري وموجهاً التهمة لبلده.
وكان عبد الحليم خدام شغل عدة مناصب في سوريا، حيث عُيّن محافظاً للقنيطرة خلال عدوان حزيران ،1967، وهو الذي أعلن في بيان عبر إذاعة دمشق، سقوط المدينة تحت الاحتلال “الإسرائيلي”.
واستلم عام 1970 منصب وزير الخارجية في سوريا، حتى عام 1984، حيث تم تعيينه كنائب لرئيس الجمهورية.وفي عام 2005، أعلن خدام انشقاقه عن الدولة السورية، بعد إقصائه عن الحياة السياسية السورية فعلياً، وذلك عبر لقاء تلفزيوني بثته قناة “العربية” السعودية.
وشهد خدام في المحكمة الخاصة برفيق الحريري،ضد بلاده، في محاولة لإلصاق التهمة بها ، بعد أن بنى ثروات من استغلال نفوذه فيها على حساب السوريين.
لجأ بعدها خدام إلى فرنسا، حيث أقام في قصر “أوناسيس” الذي تفيد مصادر بأنه كان هدية من رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
وفي عام 2006 أعلن من بلجيكا، عن ما سمي وقتها ب”جبهة الخلاص الوطني”، التي ضمت جماعة “الإخوان المسلمين” السورية، وخدام وعدداً من الشخصيات المعارضة بهدف تغيير النظام في سوريا، والتي تفككت بعد ثلاث سنوات، دون أن يكون لها أثر يذكر في الداخل السوري.
وفي 17 آب 2008، أصدرت المحكمة العسكرية الجنائية الأولى بدمشق، قرارها رقم 406 بالحكم غيابياً على خدام 13 حكماً بالسجن لمدد مختلفة، أشدها الأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة.
وجاء الحكم بتهمة المؤامرة على اغتصاب سلطة سياسية ومدنية، وصلاته غير المشروعة مع العدو الصهيوني، والنيل من هيبة الدولة، وإضعاف الشعور القومي، وصنع الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها إلى العدوان على سوريا.
وعرفت سوريا خلال تاريخها، وخلال سنوات الحرب العديد ممن باعوا بلدهم طمعاً بالسلطة والمال، أو ملاحقة وعود أجنبية بمكاسب وومناصب بعد “سقوط الدولة السورية” المنتظر، مثل المنشقين رياض الأسعد وياسر العبود وغيرهم.
ومن التاريخ غير البعيد، قصة طيار سوري يدعى بسام العدل، هرب بطائرته الميغ 23 عام 1989، وانتهى به الأمر إلى البحث عن الطعام في القمامة ، والتشرد والقيام بمخالفات جنائية وذلك بعد ان استغنت المخابرات “الاسرائيلية” عن خدماته والقت به في الشارع”.
ويحكى أنه ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ، ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ، ﺿﺎﺑﻂ ﻧﻤﺴﺎﻭﻱ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺃﻋﺎﻧﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻤﻌﺮكة ﺿﺪ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎ، ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻳﺘﻘﺎﺿى ﺍﻟﺜﻤﻦ، ﺭﻣﻰ ﻟﻪ ﺑﺼﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎﻭﻱ: ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺣﻈﻰ ﺑﻤﺼﺎﻓﺤﺔ ﻳﺪ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ، ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ “ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻷﻣﺜﺎﻟﻚ، ﺃﻣﺎ ﻳﺪﻱ ﻓﻼ ﺗﺼﺎﻓﺢ ﺭﺟﻼً ﻳﺨﻮﻥ ﺑﻼﺩه”.
تلفزيون الخبر