من هم أكبر الرابحين وأكبر الخاسرين من إجراءات مكافحة كورونا في سوريا ؟
في الوقت الذي تضررت فيه قطاعات اقتصادية عدة بسبب تفشي فيروس كورونا حول العالم، انتعشت قطاعات أخرى، ليتحقق المثل القائل: “مصائب قوم عند قوم فوائد”، ولا يختلف الحال عنه في سوريا التي اتخذت الحكومة فيها مجموعة اجراءات وقرارات طالت انعكاساتها مجمل فئات السوريين.
مع الإجماع شبه التام على ضرورة الحجر الصحي المنزلي وفرض القيود على الحركة والتجمعات، يطل شبح “الجوع” على فئات واسعة، تعتمد في عيشها على عمل يومي، ولسان حالهم يقول “إذا اشتغلنا اليوم أكلنا، وإذا ما اشتغلنا نمنا جوعانين”، بالعامية السورية.
وينضوي تحت هذه الفئة قسم كبير من السوريين ممن يوصفون بصغار الكسبة، مثل أصحاب وسائل النقل الجماعية والعاملين عليها، وعمال المهن والمطاعم والمياومين أو أصحاب التكاسي ومغاسل السيارات ومحلات التصليح، إلى جانب أصحاب الأكشاك والبسطات والمحلات التجارية الصغيرة، الريفية منها على وجه الخصوص.
ويقول أحد أصحاب ورشات تصليح السيارات العاملة في الريف، لتلفزيون الخبر إن ” القرار الذي ألزمهم بالإغلاق ترك أثراً كبيراً على العمال الذين انقطع رزقهم، وأصحاب السيارات الذين لا تتوافر لهم بدائل كثيرة للإصلاح في الريف، ولن يتمكنوا من الوصول إلى المدينة لإصلاحها مع بدء الحظر الكلي بين الريف والمدينة”.
ومع إعلان محافظة دمشق، قرار استثناء أصحاب محلات تصليح الإطارات من الإغلاق، لم يعرف الباقون من زملاء المهنة في باقي المحافظات ماهو وضعهم بالضبط، فهم بحاجة للعمل وسكان المنطقة بحاجة لخدماتهم، وهم ” ليسوا ممن يحتشد لديهم الناس بطبيعة الحال”، حسب تعبيرهم.
من يربح من حظر التجول في سوريا؟
يتربع على عرش المستفيدين من إجراءات الحد من انتشار الفيروس، التجار، على اختلاف مستوياتهم وبنسب متفاوتة، فتجار الجملة ومن يقف خلفهم من كبار التجار المتحكمين بمفاصل التصنيع والاستيراد، هم المستفيد الأكبر، والذي لا يبدو أن هناك من يستطيع ردعهم أو كبح جماح ما يفرضونه في الأسواق من أسعار كاوية .
ويشابه هؤلاء بعض أصحاب معامل ومستودعات المواد الطبية ، خاصة المعقمات والكمامات، وبعض الصيادلة ممن احترفوا سياسة الاحتكارخلال سنوات الحرب، ولازالوا يمارسونها في الظروف الحالية، متناسين أن “المرض لا يستثني أحداً”، وأيضاً بلا أي رقيب أو حسيب.
ثالث أهم المستفيدين من الحجر المنزلي هم أصحاب شركات الاتصالات والمزودين، وهؤلاء ربحوا على المستوى العالمي أيضاً، حسب ما يفيد موقع “سكاي نيوز” حيث “انتعشت أرباح شركات الاتصالات وخدمات التلفزيون عبر الإنترنت مع تفشي وباء كورونا”.
الذي أجبر ملايين البشر على البقاء في بيوتهم، وباتت شبكة الإنترنت والاتصالات الملاذ الآمن للتواصل بعد فرض التباعد الاجتماعي.
ويتوقع محللون أن تحقق شركات خدمات الفيديو عبر الإنترنت، مثل نتفليكس، أرباحا غير مسبوقة في ظل إقبال ملايين الناس من الجالسين في البيوت على شراء مثل هذه الخدمات من أجل التسلية والترويح عن أنفسهم خلال العزلة.
هل نطمع بأن تربح البيئة بعض الشيء في سوريا؟
عالمياً،تعد البيئة أول الرابحين من تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا، حيث توقفت آلاف المصانع حول العالم عن ضخ غازاتها السامة، مما أزال الغيمة السوداء عن مدن مثل ووهان وبكين في الصين وغيرها من المدن الصناعية الكبرى في العالم، كما خففّ فرض القيود على التنقل من كمية الأدخنة الصادرة عن السيارات.
ومع فرض حظر التجول الجزئي في سوريا، وإغلاق المطاعم والمقاهي ، ربما تحظى البيئة في سوريا بدورها، ببعض الراحة من عوادم السيارات ونفايات المطاعم والمحلات، وكذلك الشوارع والحدائق مما يرميه كثيرون بين جنباتها.
الغريب أن الكهرباء لم تربح!
ويستغرب السوريون أن قطاع الكهرباء لم يكن من الرابحين، خاصة بعد إغلاق الأسواق والمدارس والجامعات وغيرها من الفعاليات، التي “يفترض” السوريون أنها تستهلك قسماً كبيراً من الطاقة، و”يفترض” أيضاً بناء عليه أن تشهد تحسناً في المنازل، لكن ما حصل هو العكس، حيث استمر التقنين وتشغيل القواطع الترددية وفي بعض المناطق ازداد.
الجدير بالذكر أن مبادرات أهلية عدة شهدتها كثير من المحافظات والمناطق السورية، سواء على شكل تبرعات مادية لإعانة عوائل أثرّ الحجر على قدرتها على الكسب اليومي، أو التبرع لإيصال الحاجيات لأشخاص غير قادرين على الخروج أو الانتظار الطويل.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر