ثلاثة قرارات مختلفة في ظرف أسبوع .. أين يذهب الخبز في حلب ؟
يعد تأمين مادة الخبز الشغل الشاغل لأهالي مدينة حلب حالياً، في ظل صعوبة الحصول عليها، وازدحامات شديدة على الأفران، لتزيد القرارات التي من المفترض أن تنظم وتؤمن المادة “الطين بلة”، بسبب تغيرها بشكل مفاجئ كل يوم أو اثنين، تاركةً المواطن في حيرة من أمره.
ومنذ إصدار الحكومة السورية قرار إغلاق الأسواق التجارية ليتبعها قرار حظر التجول الجزئي، صدر عن المعنيين في حلب ثلاثة قرارات متتابعة ومختلفة حول عملية تأمين الخبز للمواطن.
وكان أول قرار يقضي بتنفيذ آلية جديدة تقوم على توزيع إنتاج الأفران على المحلات التجارية في الأحياء السكنية، ليتمكن المواطن من الحصول على المادة عبر المحلات الموجودة في حيه، تخفيفاً للازدحامات على الأفران ومنعاً للوقوف على طوابير الخبز الطويلة التي انتشرت بكافة مخابز المدينة.
وعلى الرغم من أن القرار لاقى استحسان الأهالي الذين رأوا أنه “يحل مشكلة كبيرة ويختصر جهداً كبيراً”، أصدرت المحافظة في اليوم الذي كان من المفترض تنفيذ القرار فيه، قراراً “بالتريث في التنفيذ”.
وعللت المحافظة سبب التريث بـ “ورود العديد من الشكاوى حول عدم تمكن المواطنين من التسجيل عند المعتمدين، والاعتراضات حول أداء بعض المخاتير لآلية اختيار المعتمدين التي كانت تفتقر إلى الموضوعية وتراعي مصالح بعض الاشخاص بعيداً عن المصلحة العامة ولاتلبي الاحتياجات الفعلية للأخوة المواطنين”.
واستمرت بعد ذلك الازدحامات على الأفران، بل زادت بشكل كبير مع بدء تطبيق حظر التجول الليلي، ليصبح الحصول على ربطة الخبز “حلم” للمواطن المزاحم للطابور الطويل.
وبحسب ما أكده العديد من الأهالي لتلفزيون الخبر، فإن “الازدحامات التي تحصل لم تعد المشكلة الوحيدة، فنسبة قليلة فقط من المنتظرين يتمكنون من الحصول على المادة”.
ولم تمضِ أيام على قرار “التريث” الذي أصدرته المحافظة، عاشها المواطن بحالة تشتت كبيرة لعدم معرفته كيف يؤمن الخبز لعائلته أمام الازدحامات التي تحصل وتشديدات الإجراءات الاحترازية ضد كورونا، حتى ظهر قرار آخر يقضي بأن “عملية التوزيع تتم عبر سيارات جوالة تنتشر في كامل أحياء مدينة حلب”.
وشهد اليوم الذي بدأت به عملية تطبيق هذا القرار، الخميس 26-3-2020، عشوائية كبيرة وفشل نقله العديد من الأهالي لتلفزيون الخبر.
وذكر عدة مواطنين أن أحياءهم في كرم الجبل والأنصاري ومساكن السبيل وغيرها “لم تصل لها أي سيارة”، على حين أشار آخرون من حي سيف الدولة إلى أن “لجنة الحي لم توزع الخبز عبر السيارات وتم افتتاح مخبز سيف الدولة للأهالي”.
وأكد مواطن آخر أن “فرن الزبدية الاحتياطي فتح منافذ البيع على المواطنين أيضاً، رغم قدوم سيارة من أجل تحميل الخبز وتوزيعه في الأحياء، ولم نعد نعلم ما يحدث ومن أين يجب أن نحصل على الخبز، ليتوجه أفواج من السكان بالنهاية إلى الأفران وتعود الازدحامات”.
ويعد افتتاح بعض أفران مدينة حلب نوافذها لبيع المادة أمراً مخالفاً لتعليمات محافظة حلب التي دعت إلى توزيع الخبز عبر السيارات وإغلاق منافذ البيع في الأفران حينها.
وما كان واضحاً وجود حالة من التشتت، لم يعرف سببها، بتطبيق أو الالتزام بالقرارات، ليكون هناك أفراناً تعمل وأخرى مغلقة، مع اختفاء السيارات الجوالة، أو رؤيتها تعبر دون معرفة وجهتها.
وتبع هذه الحالة إصدار محافظة حلب القرار الثالث لها خلال أسبوع، والقاضي بـ “فتح منافذ البيع في كافة الأفران العامة البالغ عددها 11 والخاصة البالغ عددها 96، مع مراكز وصالات السورية للتجارة، من أجل توزيع الخبز على المواطنين”، أي أننا عدنا للمربع الأول.
وأشارت المحافظة إلى أنه “تمت زيادة مخصصات المحافظة بـ 30 طن إضافي من الطحين، بسبب الضغط والطلب المتزايد على مادة الخبز، ونتيجة عدم كفاية المحافظة من مادة الطحين”.
ويجب الإشارة هنا إلى أن عملية توزيع مادة الخبز بين كل قرار وآخر، تكون ضعيفة جداً، بتأكيدات العديد من المواطنين، ولعل أحد الأسباب لذلك كما ذكر سابقاً هو “حالة التشتت التي حصلت مع توالي القرارات وتغييرها”.
إلا أن السؤال الذي طرحه معظم أهالي حلب عبر تلفزيون الخبر هو “أين يذهب الخبز في حلب؟ فعملية الإنتاج لم تتوقف يوماً والمعاناة وعدم القدرة على الفوز بربطة خبز أمر موجود بكافة المناطق وأمام جميع الأفران، وإن كانت النسبة الأكبر من المواطنين أمام الأفران لم تحصل على المادة.. “فأين هو خبز حلب؟”.
وبالإضافة لما سبق، وبناءً على قرار استثناء الفعاليات الإنتاجية من الإجراءات الاحترازية وحظر التجول، فإن كافة أفران حلب، والمحافظات السورية ككل، لا تتوقف عن العمل بل بإمكانها الاستمرار بالإنتاج بسهولة أكبر مساءً، لعدم وجود مواطنين.
ويتجدد بذلك السؤال المطروح: “أين هو هذا الإنتاج؟.. وهل يعقل أن 107 أفران لا تستطيع تجهيز الخبز مساءً وتوزيعه صباحاً بما يضمن عدم تشكيل الازدحامات؟”.
وإن كانت الأفران تعمل طيلة فترة المساء بإنتاج المادة، لماذا يضطر المواطن للوقوف طيلة اليوم في أمل ضعيف بحصوله على ربطة خبز؟”.
أما عن الجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع المادة على المواطنين بالمجان كمبادرات تطوعية، فيجب أن لا ننسى أنها تحصل على المادة في النهاية من قبل الأفران ذاتها إلا أن هذا الأمر لا يفسر بشكل كامل نفاذ إنتاج الأفران.
وحتى وإن كان الأمر صحيحاً، فإن النتيجة تكون بوجود فشل أيضاً لدى بعض تلك الجمعيات في المشاركة بتخفيف معاناة المواطن مع الخبز.
والدليل على ذلك هو أن عدم توفر المادة أمر واضح وما زال مستمر، والشكاوى والمناشدات من الأهالي حول إيجاد حل لمشكلة الخبز تعلو وتكثر، فكما هناك عدسة توثق عمل تلك المبادات وهي تطرق أبواب الناس، هناك عدسات تصور “محشر” الأهالي على أبواب الأفران.
ونهايةً يناشد أهالي مدينة حلب عبر تلفزيون الخبر المسؤولين من الحكومة السورية بإيجاد حل نهائي وسريع لمشكلة الخبز في حلب التي عصفت بهم لتزيد معاناتهم، خصوصاً أن هذه المعاناة تزداد أكثر لمن توقفت أعمالهم تقيداً بالإجراءات المتخذة لمكافحة فيروس “كورونا”.
تلفزيون الخبر