وفاة المنشد السوري حسن الحفار .. أشهر بلابل الإنشاد في حلب
توفي، الإثنين 23 آذار، المنشد السوري، الحلبي، حسن الحفار الذي يعد آخر شيوخ الطرب في بلاد الشام وعملاق الإنشاد الأصيل، ومحيي الموشحات الأندلسية والحلبية، وأحد أشهر بلابل مدينة حلب الصداحة في الإنشاد الديني والغناﺀ التراثي والمواويل الشجية بعد تعرضه لوعكة صحية.
ولِد المنشد الحفار عام 1943، في حي ساحة بزة في حلب،
وتربى في كنف عائلة ملتزمة، حيث يقول عن نفسه: إنه “تربى في عائلة مشايخ، كان عندهم زاوية الحفار، وكان يتردد على زوايا أخرى، كالزاوية الهلالية، والبادنجكية وغيرها”.
كان المنشد بعمر لا يتجاوز الـ 12عاماً حين بدأ يتعرف على المنشدين الكبار في تلك الزوايا، كالمعضمي والحمامي والتفنكجي، ومعلمهم المنشد صبحي حريري صاحب الخامة الصوتية النادرة والقوية.
وتمرس في مجالي الإنشاد والتجويد القرآني، ليصبح مؤذناً في الجامع الأموي الكبير في حلب وصوته الذي ثقب صمت المدينة قبَيل الصلاة، لفت المعلِّمين الكبار الذين تبنوا طاقاته، بينهم المنشدون صبري مدلل وبكري كردي وعبد الرؤوف حلاق.
درس الحفَّار أصول الإنشاد والتجويد ومقامات الموسيقى العربية الكلاسيكية، إضافة إلى إلمامه بالتراث الغنائي الحلبي من قدود وموشحات وقصائد وأغناه بإضافاته التطريبية المنمقة، غير المبالغ فيها.
أسّس بعدها فرقته الخاصة من منشديي وعازفي آلات موسيقيَّة قرعيَّة (مزاهِر)، وراح يُحيي الأمسيات الطربية في حلب، ومن أبرز حفلاته خارج مدينته، زياراته الثلاث إلى فرنسا برفقة معلِّمه صبري مدلل 1975 و1995 و1999.
ومن حفلاته أيضاً، الحفلة البيروتية ضمن مهرجان “موسيقى ــ1” بدعوة من جمعية “عِرَب” في نيسان 2006. يومها أطرب الحضور قبل أن يستدعي دراويش التراث المولوي لتَفتل وتؤمِّن الجرعة الأخيرة المطلوبة لبلوغ النشوة الروحانية.
وبعد رحيل عميد المنشدين الحلبيين صبري مدلَّل، بات الشيخ حسن الحفّار أبرز الشيوخ الأحياء على صعيد تراث الإنشاد الصوفي بلُغتَيْه الدينية والدنيَوية.
وعالمياً، التفت “معهد العالم العربي” في باريس إلى حسن الحفَّار وخصَّه بألبوم استثنائي، لا مثيل له في الـ”كاتالوغ” الضخم الذي غطى العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
الإصدار الذي حمل عنوان “وصْلات حلب” وضمّ ثلاث أسطوانات، يليق بصاحبه ويعطي فكرة شبه كاملة عن فنّ الغناء الحلبي عموماً و”طقوس” الحفار وميزاته خصوصاً.
وكان أداء الحفار عبارة عن عمل متقن إلى أقصى حدود، يعكس معرفة مطلقة بأسرار المهنة، كذلك يدل على تناغم قلّ نظيره بين الفرقة وشيخها، ليحافظ على هذا النهج طوال حياته، إلى أن تعرض لوعكة صحية في العام الماضي فارق على إثرها الحياة.