سوريون في الشوارع يواجهون فيروس “كورونا” بأذن من طين وأذن من عجين
رغم الاجراءات الاحترازية التي قامت بها الحكومة السورية، من إعلان تعطيل المدارس والجامعات حتى آخر شهر آذار، وجولات التعقيم على المرافق العامة وباصات النقل الداخلي، وتجهيز المراكز الصحية، قابل عدد كبير من السوريين هذه الاجراءات بالاستهتار وعدم المبالاة.
ولم يطرأ في شوارع دمشق على وجه الخصوص أي تغيير يذكر في الحركة العامة، سواء في الأسواق والشوارع أو الحدائق والتجمعات أمام الأفران، وصالات السورية للتجارة وغيرها من أماكن التجمع.
وسجل بعض التراجع في ارتياد المقاهي العامة، مردّه الأساسي منع تقديم الأراكيل في هذه المقاهي، فيما استمر تدفق “العائلات” على مختلف الأسواق، وكأن عطلة المدارس تحولت إلى فسحة ل “شم الهوا” بالنسبة للأهالي، غير عابئين باحتمالات الخطر الذي يحويه هذا “الهوا”.
ورصدت تجمعات اعتيادية، أمام الأفران، رغم القرار القاضي بعملها مدة 24 ساعة في كافة المحافظات، في محاولة تبدو غير ناجعة في دمشق لتقليص الازدحام أمامها.
ولم تكن المصارف أو صالات المؤسسة السورية للتجارة بحال أفضل، حيث لوحظ وجود حشود في عدة مراكز، دون مراعاة أبسط القواعد الصحية المطلوبة كارتداء كمامة، أو استعمال معقم أو ماشابه، في سلوك يساهم في تقليص أثر الجهود التي تبذلها الدولة السورية للوقاية.
هذا إلى جانب عدم تقيّد عدد كبير، خاصة من كبار السن، بأي تعليمات صحية من قبيل استخدام المناديل الورقية أثناء العطاس والسعال في وسائل النقل العامة، الأمر الذي اشتكى منه كثيرون، على اعتبار هذه الوسائل لايمكن الاستغناء عنها، أو تجنب الاقتراب والملامسة في أحيان كثيرة، إلى جانب استعمال النقود ومبادلتها مع كل ما تحمله هذه العملية من احتمال نقل الأمراض على اختلافها.
صورة أخرى، تناقلها بعض رواد “فيسبوك” من عدة مناطق سورية، تُظهر قيام أشخاص بالصلاة في الشارع، عقب قرار إغلاق المساجد أمام الصلاة الجماعية، والاقتصار على رفع الآذان، وأثارت استنكاراً واسعاً، “حسب تعليق أحدهم على الصورة.
ومع تسجيل العديد من الأوضاع التي ضرب بها البعض عرض الحائط، فيما تفعله الحكومة للوقاية ، تبدو حالة الهلع والخوف وتبادل الارشادات الطبية، ونشر الاشاعات، مقصورة على صفحات التواصل الاجتماعي، في حين تبدو الحياة عادية على الأرض، في معظم الأماكن.
السخرية والتنمر
وبدلاً من مراعاة قواعد السلامة الشخصية، راح البعض يقابلون من اتخذ مثل هذه الاجراءات، للحفاظ على سلامته، بالسخرية والاستهزاء، كما حصل مع عدي الذي خرج مضطراً لإنجاز عمله، وهو يرتدي كمامة، فكان أول من سخر منه أحد أصدقاءه، واعتبره “خويف زيادة”، على حد وصفه.
وقال عدي لتلفزيون الخبر، ” لا يعلم الغالبية أن أي إجراء احترازي شخصي، هو بالنهاية حفاظ على سلامة الجميع، فقد أكون أنا المريض وأحاول تجنب نقل العدوى إلى الآخرين، ينقصنا الكثير من الاحساس بالمسؤولية، وهذا كارثة في مثل هذه الظروف”.
واستغربت أمل وهي أم لولدين، سلوك بعض الأمهات اللواتي خرجن مع أولادهم إلى الأسواق، وكأن العطلة فرصة للتفسح، وقالت ” اذا مو خايفة على حالك خافي على أولادك، هاد الاستهتار يمكن ندفع تمنو غالي، معقول مو قادرين نضبط حالنا كم يوم بالبيت؟”.
واستنكرت كذلك السماح للأطفال بالخروج واللعب في الحارات،تحت ذريعة عدم القدرة على السيطرة عليهم ومنعهم، ” معقول ماعندك كأم أي وسيلة تلهيهم بالبيت، في كتير أنشطة بيتية ممتعة ومفيدة، ولو مو مفيدة معلش هالفترة، ضررها أقل من الإصابة بالفيروس”.
ورغم أن وزارة الصحة أعلنت مراراً عدم تسجيل أي حالة في سوريا حتى الآن، لم تستبعد وجود إصابات لم تظهر أعراضها بعد، خاصة مع انتشار المرض في كل البلدان المحيطة بسوريا، بدءاً من لبنان وهي الجار الأقرب والذي يختلط شعبه بالشعب السوري بشكل مشابه تقريباً لما بين المحافظات السورية.
لماذا هذا الاستهتار؟
سؤال يطرح نفسه، ويجيب عليه البعض بحجة “عدم وجود إصابات حتى الآن”، أو إلقاء الأمثلة والأحكام الدينية التي تعزو الأمر إلى القضاء والقدر وما شابه، وهي ثقافة تنتشر بفهم خاطئ، بين كثير من الناس” كما تعتبر لُجين.
أما السلوك الأخطر الذي لم يتراجع، خجلاً في أكثر الأحيان، فهو المصافحة والسلام بالأيدي أو تبادل القبلات بين الناس، وهو السبيل الأكبر لنقل أي عدوى من أي نوع.
إجراءات حكومية مشددة، مقابل إجراءات شخصية ضعيفة، قد تجعل الخطر كبيراً في حال ظهور إصابة، فما الذي ينتظره الناس؟ “ربما تسجيل مثل هذه الإصابة، ليبدأ الاحساس بنسبة الخطورة”، كما يشير أحدهم.
تلفزيون الخبر