اقتصاد

ماذا تعنى المضاربة على العملة ؟ وماذا يفعل المضاربون ؟


شهد سوق صرف الليرة السورية خلال الأيام الماضية، ارتفاعاً ملحوظاً لأول مرة خلال الأزمة، حيث تجاوز صرف الليرة عتبة 750 ليرة مقابل الدولار الواحد.

وترك ارتفاع الدولار السوق السورية بحالة غير مستقرة، ما شجع التجار على اللعب بسوق الصرف عبر المضاربة بالليرة (تجارة العملة) وتحويلها إلى سلعة.

ولشرح قضية المضاربة في السوق، وأسبابها، قال رئيس قسم المصارف والتأمين في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان لتلفزيون الخبر: “إنّ “المضاربة تعني قيام مجموعة من التجار بتخصيص مبالغ مالية معينة لبيع وشراء العملات الأجنبية بهدف تحقيق الأرباح”.

وأشار كنعان إلى أنّ “ذلك يحدث كما هو الحال في عملية بيع وشراء السلع والخدمات، ومن ثم يقوم المضاربون بشراء العملات الأجنبية بهدف بيعها من جديد بأسعار أعلى”.

وأضاف، “لكن هؤلاء التجار استطاعوا أن يجمعوا مبالغ مالية ضخمة بوجه غير حق لأن البنك المركزي أو الحكومة تتدخل عندما يرتفع السعر، وبهذه اللحظات يكون التجار قد باعوا ما لديهم من دولارات وحصلوا على العملة السورية”.

ولفت إلى أنّ “ضغط الحكومة على التجّار والصرافين يدفعهم للقبول بالسعر الأدنى، وبهذه اللحظات عندما يهبط السعر يكون لديهم ليرات سورية كثيرة، وبالمقابل لدى صغار المضاربين وصغار المدخرين دولارات”.

واردف كنعان “فيضطر صغار المضاربين وصغار المدخرين إلى بيعها خشية من هبوط السعر بنسبة عالية، فيعاود المضاربون لشراء ما باعوه بأسعار عالية، وشرائه مرة ثانية بأسعار متدنية، ما يشير وكأن الدولة تقف إلى جانب هؤلاء لدعمهم عند ارتفاع السعر وعند انخفاضه أيضاً”، أي (أنهم يربحون بالحالتين).

وأوضح أنّ “المضاربة على العملة المحلية وزيادة الطلب على الدولار يكون بهدف تمويل المستوردات لأن حجم المستوردات السورية يصل سنوياً إلى 8 مليار دولار، في حين أنّ حجم الصادرات يصل إلى 2.5 مليار دولار وحجم الحوالات الخارجية يصل إلى 3.5 مليار دولار”.

وبيّن كنعان أنّه “وفي حال تم جمع كلاً من الصادرات مع الحوالات الخارجية، فإنها لا تعادل المستوردات، ما يوضح حجم العجز السنوي يصل إلى 2 مليار دولار، ما يؤدي إلى الضغط على سعر الصرف ويؤدي إلى هبوطه”.

ولفت إلى “وجود مضاربين من الدول المجاورة في (لبنان والأردن)، موضحاً أنّ “كلاً من البلدين قاموا بخدمة المضاربين من خلال رفعهم لسعر الفائدة على الليرات اللبنانية والدولار للمبالغ المتدنية، حيث أصبحت تتراوح ما بين 8 – 9 – 10 بالمئة للدولار”.

أمّا بالنسبة للمبالغ المالية العالية والتي تزيد عن 20 مليون دولار، فقد تم رفع نسبة الفائدة عليها للمودعين إلى 13.5 بالمئة من حجم الوديعة”.

ولفت كنعان إلى أنّ “هذه الفوائد المغرية تجذب المضاربين من سورية وحتى من أوروبا ليقوموا بتوظيف أموالهم في لبنان، وبنفس الوقت يوجد في لبنان شركات تأمين على الودائع (ضمان الودائع) تضمن هذه الودائع مقابل رسوم مالية بسيطة”.

وأشار إلى “الصعوبات المادية والمعنوية التي يعاني منها المستثمرون عند تأسيس مشاريع جديدة أو توسيع مشاريعهم القائمة وكذلك الصناعات الحرفية، الأمر الذي يدفع هؤلاء المستثمرين للإحجام عن الاستثمار في الظروف الراهنة”.

وأكّد على أنّ امتناع المصارف وعدم تحفيز منح القروض للمنشآت الصناعية والسياحية والحرفية خشية من عودة مشكلة القروض المتعثرة لأن إجراءات منح القروض ما زالت قديمة ومتخلفة، بالإضافة إلى إنّ إجراءات التحصيل أيضاً ما زالت قديمة ومتخلفة.

وأردف كنعان، “كما إنّه لا يسمح بالتأمين على الودائع حالياً أو القروض أيضاً، لذلك ترتفع نسبة الخطر لدى البنوك المقرضة الأمر الذي دفعهم لتجميد الأموال بدلاً من إقراضها”.

ولفت إلى “وجود فروقات كبيرة بين أسعار صرف الحوالات بالسعر الرسمي وسعر السوق السوداء، حيث وصل إلى 200 ليرة وهذا الأمر لا يشجع على زيادة حجم الحوالات الخارجية القادمة إلى سوريا، كما لا يشجع الحكومة على تخفيض الأسعار للسلع التي يتم تمويلها بالأسعار المنخفضة فتكون الحكومة تحت رحمة التاجر بحجج واهية غير اقتصادية.

وختم كنعان “أن السلع التي تم تمويلها بسعر 434 ليرة تباع بنفس السعر الذي تم استيرادها به”، ومن هنا لم تستطيع الحكومة إيجاد حل لهذه الفارق الذي يحصل عليه بعض التجار من خلال نفوذهم التجاري أو السياسي في الدولة.

تلفزيون الخبر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى