أكثر من ٣٠٠ ألف سوري في السودان .. تذكرة إلى “الجحيم الرحيم” بلا فيزا
يعيش مئات الآلاف من السوريين في السودان، التي باتت من الدول القليلة في العالم التي تستقبل السوريين بدون الحاجة إلى فيزا لدخولها، ما جعلها وجهة للعديد من السوريين الراغبين بخوض تجربة حياة جديدة بعيدا عن آثار الحرب.
ويشكل الشباب النسبة الأكبر من السوريين في السودان، ويستقرون فيها، رغبة منهم في استمرار وضعهم بشكل قانوني، وحفظ خط العودة مع البلد، مستفيدين من استمرار عمل السفارة السورية في الخرطوم، وسندات الإقامة التي تمنحها.
وتتباين طموحات بقية السوريين في السودان بين خطط الاستقرار في البلد الأفريقي والإستثمار فيه أو الهجرة إلى دول أوروبية أكثر ثراء، أو التنقل تهريبا إلى مصر.
ووصل عدد السوريون الذين تدفقوا على السودان منذ بداية الحرب، إلى أكثر من 1,2 مليون شخص، غادر أكثر من ثلثيهم إلى وجهات مختلفة، وبقي نحو 320 ألفا، هم عمال وطلاب وأصحاب أعمال صغيرة ومستثمرين، بحسب “سكاي نيوز”.
ويشكل العاملون في المهن الحرفية، مثل النجارة والحدادة وأعمال الديكور، النسبة الأكبر من السوريين المقيمين في السودان، ذلك أنها المهن الأكثر قدرة على توفير ما تلزمه تكاليف المعيشة في السودان، مقارنة بباقي المهن الأخرى كالعمل في المطاعم والمحلات التجارية.
وازدهرت في العامين الماضيين، إجراءات حصول السوريين على الجنسية السودانية، وذلك عن طريق دفع مبالغ مالية لتسهيل الحصول عليها، رغبة منهم في دخول بلدان بجواز سفر سوداني، كون الجواز السوري يمنعهم من الانتقال إليها.
وتحدث أحمد، من القلمون، ل”سكاي نيوز “عن السبب الذي دفعه للقدوم إلى السودان، قائلا: “كان الهدف هو الحصول على جواز سفر يتيح لي دخول إحدى الدول الأوروبية”.
و قبل أن تكتمل جهوده، اندلعت شرارة الاحتجاجات في السودان، التي صاحبتها تغيرات كبيرة في طرق وآليات منح جوازات السفر، التي كانت مرتبطة بعمليات فساد كبيرة في السابق، ما أوقف الكثير من طلبات التجنيس.
ويذكر “عمر” أن انتقاله إلى السودان “وفر له قدرا كبيرا من حرية التحرك والبحث عن عمل، وذلك بسبب المعاملة الجيدة للسوريين هناك، سواء من قبل الجهات الرسمية أو المواطنين الذين يتميزون بقدر كبير من التسامح”.
واصطدم كثير من السوريين في السنوات الأخيرة بانهيار العملة المحلية ،الجنيه، أمام الدولار، بسرعة قياسية، فبينما كان الدولار الواحد يساوي 14 جنيه سوداني في بداية 2017 وصل اليوم إلى قرابة ال80 جنيه، وما رافق ذلك من ارتفاع أسعار معظم المواد الأساسية.
ويذكر بعض السوريون أن “كثيرا من السودانيين يتحدثون أمامهم عن رغبتهم بالهجرة من البلاد، بسبب التراجع الكبير في الاقتصاد المحلي، مثنين على قدرة السوريين على التكيف مع هذه الظروف.
وقال رجل أعمال حلبي يملك مصانع زيوت وحلويات، لـ”سكاي نيوز” ، إن السودان “يمكن أن يكون من الناحية النظرية واحدا من أفضل البلدان للاستثمار، إلا أنه خلال السنوات الماضية كان الأمر مختلفا، إذ كان عناصر النظام السابق يضعون العراقيل أمام المستثمرين، لإجبارهم على منح حصص لهم، مما تسبب في خسائر كبيرة للمستثمر وللاقتصاد السوداني أيضا”.
ويعد السودان نقطة التقاء بين سوريين تمنعهم الظروف من اللقاء إلا على أرض النيل، إذ يشهد بشكل دائم زيارات من سوريين مقيمين في أوروبا، بغية اللقاء بأهلهم، أو تثبيت عقود زواجهم، تمهيدا للبدء باجراءات لم الشمل إلى أوروبا.
ويجد كثير من السوريين صعوبة في التأقلم مع مناخ السودان الحار إجمالا، في حين تبدو الصعوبة الأكبر في عدم قدرة وسطي أجور العاملين في المهن الحرة، والذي يقارب 100 دولار شهريا، على تغطية مصاريف المعيشة في البلاد، خاصة ما يتعلق منها بأجارات المنازل والتكاليف الطبية.
يذكر أن السلطات السودانية بدأت بعد استلامها البلاد من الرئيس المعزول عمر البشير، إجراءات تقييد على السوريين الذين لا يحملون إقامات أو كرت عمل، بعد استثنائهم من هذه الشروط سابقا،قبل أن تتوقف الحملة بالتزامن مع تقديم الشرطة السودانية لتسهيلات من أجل حصول السوريين على الأوراق المطلوبة.