حلب تودع أحد أعظم أساطينها المعاصرين .. بشير الكاتب في ذمة الله
رجلٌ استثنائي وقامة متنوعة المعارف تودّعه اليوم مدينة حلب، الطبيب والأستاذ بشير الكاتب الذي توفي عن عمر 87 عاماً في حي الشهباء بحلب، تاركاً وراءه مدرسة طبية زاخرة بعد أن درس ودرّس الطب بكل ماتحمله هذه المهنة من إنسانية ونبل.
نشأ الكاتب في منطقة الفرافرة بحلب، ودرس في مدارسها الحكومية إلى أن وصل إلى المرحلة الثانوية التي درسها في ثانوية المأمون في ذات المنطقة، وانتقل بعدها إلى المرحلة الجامعية في السنة الأولى بجامعة دمشق.
ثم انتقل إلى جامعة “اسطنبول” التي كان يذهب إليها بقطار الشرق السريع حيث كان حينها من أسهل المواصلات بين حلب وتركيا، ليتابع فيها دراسته الجامعية، وحاز منها على إجازته الجامعية.
درس الطب في اسطنبول على أيدي أساتذة أغلبهم من الألمان، عندما كانوا، حينها، فارين من الحكم النازي، وأنهى دراسة الطب باختصاص جراحة عامة في جامعة اسطنبول وبعدها اهتم بالجراحات الدقيقة، وكان يطمح بإجراء الاختصاص الدقيق في انكلترا.
وعاد إلى حلب في أواخر الستينات ليخدم مدينته في الوقت الذي كانت فيه جامعة حلب حديثة التأسيس، وكان من روادها الأوائل، وبدأ العمل بها تحديداً عام 1969، وأجرى في تلك السنوات أول عملية قلب في المدينة.
وكان الطبيب الراحل، وقتذاك، يعمل في مشفى القديس لويس في حلب وعمل على إجراء عمليات القلب المغلق، وأدخل إلى حلب العلاجات التي لم تكن واردة كالتنظير القصبي والتصوير الظليلي في سبعينيات القرن الماضي دون أن يحدث معه اختلاطات أو مضاعفات.
ليتبوأ بعدها ما تستحقه تجربته العلمية الحافلة من أستاذ الجراحة الصدرية والقلبية في جامعة حلب، إلى عميد كلية الطب في حلب من عام 1983 إلى عام 1989.
كما ساهم الكاتب في تأسيس عدة مؤسسات وجمعيات صحية في مدينة حلب، وكان مديراً للجمعية السورية لمكافحة السل والأمراض التنفسية بحلب.
إضافة إلى أنه شغل رئيساً فخرياً للجمعية السورية لتاريخ العلوم، وأنجز عام 1980 أول كتاب باللغة العربية في الجراحة الصدرية والقلبية، واهتم بتاريخ الطب عند العرب وشارك في مؤتمرات تاريخ العلوم، وكان عضواً لمجلس نادي السياحة والسيارات بحلب.
يذكر أن الطبيب الراحل بشير الكاتب يندرج من عائلة تشتهر بالعلم فوالده أحمد الكاتب أول سوري يحوز على شهادة الدكتوراه في الصيدلة في سوريا، وجدّه محمد بشير الرئيس الأسبق لمحكمة الاستئناف في (دولة حلب).
تلفزيون الخبر