منهم الفارابي والبارودي ونزار قباني .. ماذا تعرف عن تُربة الأَعلام بدمشق ؟ .. “باب الصغير”
تقع وسط مدينة دمشق، وهي مدافن ذات شهرة لأنها تضم مشاهير من الشخصيات الراحلة في مختلف العصور، وتعد تربة “باب الصغير” الأشهر لأنها تقوم في وسط المدينة، وتضم أكبر عدد من الشخصيات التاريخية والمعاصرة.
وصلت تربة باب الصغير إلى وضعها الحالي عبر حقب طويلة من الزمن، بدأت بعد دخول العرب إلى مدينة دمشق، وكانت تربة المدينة آنذاك تقوم قرب الباب الشرقي وهي معروفة الآن بتربة الشيخ رسلان.
ثم أخذ الفاتحون يدفنون موتاهم في الأماكن التي سكنوا فيها، وهي أماكن متفرقة من قرى دمشق، أصبحت الآن في قلب المدينة مثل عرنوس والبرامكة، واستخدموا البقع القريبة من أبواب دمشق لدفن الموتى مثل باب الفراديس وتعرف الآن بتربة الدحداح، والبقعة القريبة من باب الجابية وتعرف الآن بتربة الباب الصغير.
واستمدت التربة تسميتها من الباب الصغير أحد أبواب دمشق الواقع في الجهة الجنوبية من دمشق القديمة، ويطلق عليه أيضا باب الشاغور، وهو من الأبواب السبعة الأصلية، بناه وجدده الرومان ورُمم في عهد نور الدين، وأقيم عنده مسجد ومئذنة.
ابتدأت التربة بمجموعة من الترب الخاصة، ولا تزال حتى الآن تضم عدداً منها، وشهدت بداية التوسعة بمبادرة من ست الشام أخت صلاح الدين حيث قامت بوقف بستان لها لدفن المتوفين من أهل المدينة.
ونسبت التربة إلى الباب الصغير لأن الامتداد الأوسع لهذه التربة كان أقرب إلى الباب الصغير منه إلى باب الجابية، وهي بوضعها الحالي تمتد بين باب الصغير وقريبا من باب الجابية وتصل إلى باب المصلى.
وتتألف تربة الباب الصغير، حسب تقسيم محافظة دمشق، من تربتين يفصل بينهما طريق يصل إلى الباب الصغير يدعى جادة الجراح أما على أرض الواقع فهي تتألف من ثلاثة أقسام حيث تنفصل التربة الثانية إلى قسمين بشارع صغير يدعى زقاق التربة.
وتم ترميم سور تربة باب الصغير وتجديد مداخلها عدة مرات، أشهرها التجديدات التي تمت بعد الاستقلال حسب اللوحات الموضوعة في مداخلها، وكان التجديد الأول عام 1947، والتجديد الثان عام 1992، وتم التجديد الثالث عام 2002 بعدها قامت محافظة دمشق بمشروع ترميم وتوثيق المقابر الأثرية.
وتضم تربة باب الصغير بقسميها أضرحة لشخصيات تاريخية منها شخصيات دينية وقيادية وعلمية وثقافية تفخر بها مدينة دمشق.
وفي جنوب التربة خارج سورها قبر المؤرخ ابن عساكر صاحب موسوعة تاريخ دمشق، ودفن في التربة الأولى أيضاً عدد من الخلفاء الأمويين عرف منهم الوليد وهشام ابني عبد الملك بن مروان.
وفي العصر الحديث هناك عدد من الساسة والأدباء والفنانين دفنوا في هذه التربة، ومنهم شكري القوتلي أول رئيس بعد الاستقلال وفخري البارودي صاحب الأناشيد الوطنية، وفيها أشهر شعراء العصر نزار قباني، ومن الفنانين عبد اللطيف فتحي ومحمود وناجي جبر ومكرم صبا المحمودي المعروفة باسم صبرية.
وبعيداً عن معاني الموت وسوداويتها، تعتبر تربة باب الصغير شاهداً حياً على القيمة الحضارية والإنسانية لدمشق خاصة والشام عامة، حيث تضم في ترابها شخصيات مؤثرة في وجدان الناس على مر التاريخ، وشخصيات لها بصمتها في التاريخ، وأسماء لها مكانة رفيعة في العلم والأدب والفن.
روان السيد- تلفزيون الخبر