ما هو الدستور ..تعرّف على الدساتير التي عرفتها سوريا
عرفت سوريا أول دستور مكتوب خاص بها منذ ما يقارب مئة عام، وللدساتير في البلاد أشكال مختلفة بوظيفة أساسية واحدة، فما هو الدستور وماهي مكانته، وماهي الدساتير التي مرت على سوريا؟.
الدستور في اللغة كلمة فارسية بالأصل دخلت اللغة التركية، ثم شاعت في اللغة العربية، وأصبحت لها عدة معانٍ تطورت مع الزمن.
ومن المعاني التي وردت في المعجم الوسيط لمفردة “دستور” أنه: “قانون أساسي لأمة من الأمم يتضمن طائفة القوانين القضائية والسياسية التي توجه العلاقات بين الرعية والراعي، وهو الدفتر الذي تجمع فيه أسماء الجند وقوانين الملك”.
أما اصطلاحاً فـتعرف الدساتير على أنها “العقد الاجتماعي الذي تمنحه الشعوب لنفسها، عملاً على تنظيم شؤونها العامة وتصميم نظم الحكم وتركيباته فيها، وهو ما يجعل من العملية الدستورية فرصة هامة للتعبير الصريح عن سيادة الشعب”.
والدستور هو الوثيقة التي تشكل القانون الأعلى للبلاد، والمرجعية لكافة القوانين والسامية عليها، ومبادئ هذه الوثيقة تنظم أهداف الشعب وحياته وكل مخالفة لها تعتبر باطلة، ولهذا تنص الدساتير في صلبها على تشكيل محكمة دستورية عليا لمراقبة تطبيق المواد التي أتت بها تلك الدساتير.
عرفت سوريا العديد من الدساتير تراوحت مدة العمل بموجبها باختلاف الأحوال السياسية التي سادت البلاد، حيث شهدت المرحلة ما بين عامي 1920 و1972 أربعة عشر دستوراً.
الدستور الأول وُضع عام 1920 من قبل المؤتمر السوري وسميَ بالقانون الأساسي للمملكة السورية.
وفي عام /1928/ ,وفي ظل الانتداب الفرنسي ,انتخب الشعب السوري جمعية تأسيسية قامت بوضع دستور للبلاد ,إلا أن المفوض السامي للاحتلال الفرنسي طلب إلغاء بعض المواد من مشروع الدستور، باعتبارها تتعارض وأهداف الانتداب لكن الجمعية التأسيسية رفضت ذلك، مما أدى إلى تعليق اجتماع المجلس التأسيسي إلى أجل غير مسمى ولم يصدر هذا الدستور.
وفي عام 1930 أصدر المفوض السامي الفرنسي دستوراً هو نفس المشروع الذي تقدمت به الجمعية التأسيسية عام 1928، مضافاً إليه المادة رقم 116 والتي نصت على “ما من حكم من أحكام هذا الدستور يعارض ولا يجوز أن يعارض التعهدات التي قطعتها فرنسا على نفسها فيما يختص بسوريا لا سيما ما كان منها متعلقاً بجمعية الأمم”.
وتم تعطيل هذا الدستور عام 1939 بعد سلخ لواء اسكندرون عن سوريا من قبل تركيا بتواطؤ فرنسي، وأعيد العمل به عام 1943.
بعد جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض سوريا ونيل الاستقلال، تم إلغاء المادة /116/ من دستور /1930/ وأعيد العمل بدستور عام 1928.
وصدر الدستور الخامس في سوريا عام 1950، بعد سلسلة الانقلابات العسكرية التي عرفتها البلاد، وأقرته الجمعية التأسيسية، واستمر العمل به حتى عام 1953، حيث صدر دستور أصبح بموجبه نظام الحكم رئاسياً، وتم إقراره باستفتاء شعبي.
بعد سقوط عهد الشيشكلي عام /1954/ ,أعيد العمل بدستور عام /1950/ الصادر عن الجمعية التأسيسية، وصدر دستور مؤقت عام 1958، في فترة الوحدة بين سوريا ومصر، واستمر العمل به حتى شهر أيلول عام 1960.
بعد الانفصال تم الرجوع إلى العمل بدستور عام 1950، إلى حين إقرار دستور جديد للجمهورية العربية السورية، والذي أبصر النور عام 1962، وصدر عن الجمعية التأسيسية التي انقلبت إلى مجلس نيابي.
بعد ثورة الثامن من آذار صدر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة عام 1964، دستور مؤقت، استمر العمل به حتى عام 1969، حيث أصدر حزب البعث العربي الاشتراكي دستوراً مؤقتاً آخر، وفي عام 1971 صدر دستور باستفتاء شعبي، شكل مشروع دستور ل(دولة اتحاد الجمهوريات العربية) المؤلفة بين (سوريا ومصر وليبيا).
وفي 13 آذار عام 1973، صدر الدستور الخامس عشر باستفتاء شعبي واستمر العمل فيه حتى عام 2012،ويعتبر الدستور الدائم الخامس في سوريا.
وينتظر السوريون اليوم أن تعقد اللجنة الدستورية التي توصلت الحكومة السورية و”الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية” إلى اتفاق بشأنها، أولى جلساتها في جنيف في الأسابيع المقبلة، لوضع مشروع دستور جديد للبلاد.
تلفزيون الخبر