رهام سليمان .. طالبة “كفيفة” تحرز المرتبة الأولى على حلب في “البكالوريا” وتتحدث عن “مفاجأتها” القادمة
كما كان لصدور نتائج شهادة الثانوية العامة في سوريا نكهة خاصة هذا العام، عبر “مفاجأة” وزير التربية للطلاب بإعلانه صدور النتائج خلال مقابلة له على التلفزيون السوري، فإن نتائج طلاب حلب بحد ذاتها كان لها نكهة خاصة أيضاً، مع حصول طالبة “كفيفة البصر” على المرتبة الأولى في الفرع الأدبي.
وأبهرت الطالبة الأولى على مستوى مدينة حلب “رهام سليمان” الجميع بحصولها على المركز الأول بمجموع 2626 من 2800، على الرغم من إعاقتها التي لم تمنعها من التميز والتفوق على الجميع.
وتميز الطالبة “الكفيفة” لم يتوقف على نتيجتها فحسب، بل إن إصرارها وصل لـ “عدم رضاها” على مجموعها الذي حققت فيه المركز الأول على مستوى حلب، لتقدم اعتراضاً لمديرية تربية حلب على نتيجة مادة اللغة الانكليزية.
وخلال حديث الطالبة المتفوقة رهام مع تلفزيون الخبر، قالت: “قدمت اعتراضاً على نتيجة مادة اللغة الانكليزية لأني أعتقد أن هناك خطأ في جمع العلامات، وفي حال لم استفد من الاعتراض سأقوم بتقديم المادة في الدورة التكميلية”.
وبينت رهام أن “تعامل المراقبين والمرافقين في المركز الامتحاني كان جيد جداً، من ناحية كتابة المرافق للإجابة وإعادة مراجعة ورقة الإجابة واعطاءنا الوقت الكافي للإجابة والمراجعة”.
ووجهت رهام رسالة إلى زملاءها الطلاب المتقدمين للامتحان ولكل طالب سيتقدم له بأن “الهدف هو الأساس، فكل شخص يضع نصب أعينه هدف سيصل له ولا يجب أن يمنعه عنه أي شيئ”.
وأضافت: “الفشل ليس النهاية، فالأمل هو من يقود رحلة الوصول إلى الهدف، فيجب على الشخص المثابرة والمحاولة عدة مرات، حتى لو ظهرت أمامه عوائق”.
وتابعت: “المحاولة مرة واثنتين وثلاثة ستثمر بالنهاية بما أنها مبنية على الأمل والجهد الذي مهما كان كبيراً لن يضيع”.
وبما أن رهام كانت “سيدة المفاجآت”، فإن مفاجأتها التالية هي بالفرع التي تطمح لدخوله، وهو “الأدب العربي أو الأدب الانكليزي”، على الرغم من مجموعها المرتفع الذي يخولها دخول أفرع أخرى.
وحول ذلك شرحت رهام أن هدفها هو “الوصول للدراسات العليا في أحد فروع الأدب العربي أو الانكليزي، وأعلم أن مجموعي يسمح لي الدخول بأفرع أعلى، لكن هدفي وما أحبه وأرى نفسي فيه هو أن أكون أستاذة في إحدى الفرعين”.
وتابعت رهام: “أنا أحب اللغات وأبدع فيها، وكان لوالدي الدور الأكبر في حبي للغة الانكليزية، فهو منذ صغري كان يدرسني الانكليزية، حتى في امتحانات التاسع، وأرغب أن أكون مثله أدرس الآخرين اللغات أيضاً”.
وأردفت رهام: “شكري الأول لنجاحي هو لعائلتي وأبي وأمي وإخوتي الذين لم يعاملوني يوماً على أنني مختلفة، وكانوا الدعم الذي لا ينتهي لي، ومن ثم يأتي ما قدمه لي أساتذتي في مركز المكفوفين والمعهد التي درست فيها”.
وأضافت رهام: “لم أشعر بأي مكان درست فيه أني مختلفة، بل على العكس، كانت المحبة والتشجيع والاهتمام من أساتذتي ومدرائي ورفاقي هو ما زاد من عزيمتي وإصراري”.
أما والدة رهام السيدة صالحة سطاف تحدثت عن فخرها بنتيجة ابتنها قائلةً : “الحمد لله بالفعل لكل مجتهد نصيب، ولا يمكن لأحد أن يفتخر بابنته كما افتخر برهام حالياً، وأنا أشكر كل من كان داعماً ومساهماً في نجاح ابنتي”.
وأشارت إلى أن “تفوق رهام كان واضحاً منذ الصف الثامن، وعلى الرغم من ظروف الحرب التي قدمت فيها رهام امتحانات التاسع، كان نتيجتها ممتازة، بمتابعة حثيثة من والدها لتحصل على مجموع 305 من أصل 310 في التاسع”.
وشكرت سطاف “أساتذة رهام جميعاً لما بدر منهم من اهتمام ومتابعة أثمرت بجهودهم، بالإضافة للمعاملة الممتازة التي لم تختلف عن معاملة أي طالب طبيعي”.
وعن رغبة رهام بدخول كلية الأدب العربي أو الانكليزي، نوهت سطاف بأن “هذا القرار ناتج عن محبة رهام للغات، وأنا سعيدة بأن يكون هكذا قرار بيدها، فالمحبة للفرع الذي ستدرسه هو ما سيجعلها ناجحة به”.
بدوره أشاد مدير التربية في حلب ابراهيم ماسو، خلال حديثه لتلفزيون الخبر، “بالاصرار الذي تملكه رهام والتفوق والمثابرة على الرغم من أنها كفيفة البصر”.
وأضاف ماسو: “التطلع للهدف والعزيمة النقية للوصول إليه تكسر كافة العقبات التي من الممكن مواجهتنا، وهذا ما أثبتته لنا رهام”.
وأشار ماسو إلى أن “الطالبة رهام سليمان حضرت لمديرية التربية، برفقة والدتها، من أجل تقديم اعتراض على مادة اللغة الانكليزية، وسيتم متابعة الموضوع والتأكد من النتيجة”.
أما مدير معهد المكفوفين بحلب ياسر رحمون، فبين أن “رهام منذ دخولها للمعهد أثبتت تفوقها، فهي الطالبة التي لا تكتفي بمنهاجها فقط، بل تتوسع بالمراجع الخارجية وتأتي بأسئلة واستفسارات لأساتذتها”.
وذكر رحمون أن “نتيجة رهام كانت متوقعة من قبلنا، ونبارك لها ولعائلتها توفقها المميز، فهذه النتيجة هي ليست فخر لرهام فقط، بل فخر لنا أيضاً”.
ويقدم الطلاب المكفوفين والصم والبكم امتحانات الشهادات العامة “بنفس الأسئلة الموضوعة لباقي الطلاب، وبذات المراكز الامتحانية أيضاً، أي أنه لا يوجد أي فرق بنظام الأسئلة بينهم وبين باقي الطلاب”.
وبحسب ما شرحه مدير التربية فإن “الاختلاف الوحيد هو بكيفية التلقين والإجابة عن الأسئلة، حيث يتم تعيين مرافق لكل طالب، يتغير بكل مادة منعاً للمحاباة، وهو من يقوم بتلقين الطالب الأسئلة، وكتابة الإجابة التي يخبره بها”.
وأشار ماسو إلى أن “الفرق الوحيد في الأسئلة تكمن بالتي تحتاج لرسم، وهو سؤال واحد أو اثنين، يتم استبداله بسؤال شفهي، وبنفس علامة السؤال الأصلي”.
وأعطى ماسو مثالاً في مادة الجغرافية، “حيث يتم الاستعاضة عن سؤال الخريطة بسؤال شفهي للطلاب المكفوفين”.
يذكر أن المناهج الدراسية للطلاب المكفوفين تكون ذاتها المناهج السورية العامة، باختلاف طريقة طباعتها التي تتم بلغة “البرايل” الخاصة بالمكفوفين.
وفا أميري – تلفزيون الخبر