قلق الامتحان وكيفية تجنبه والتغلب عليه
تتراوح درجات القلق بين القلق العادي الطبيعي المرتبط بظروف يومية، وبين القلق المرضي الذي تكون عواقبه سيئة، ومع اقتراب الامتحانات العامة تنتشر العديد من حالات القلق التي تؤثر على الطالب وتضيّع في بعض الأحيان تعبه ودراسته.
وفي دراسة أعدتها المرشدة النفسية أمل عبد السلام، أشارت إلى أن “القلق يعرف بأنه عملية انفعالية لها جانب شعوري، دون أن يكون لها مسبب في الظاهر، ويدفع إلى ظهوره عوامل باطنية داخلية، ولذلك يصعب على الطالب أن يعطي سبباً ظاهراً لقلقه”.
وعرّفت الدراسة قلق الاختبار بأنه “حالة نفسية انفعالية (طبيعية وليست مرضية)، تحدث قبل وأثناء الامتحانات، مصحوبة بأعراض جسمية ونفسية، من توتر وتحفز وسرعة انفعال وانشغال عقلي بأفكار سلبية، مما يقلل أحياناً من التركيز المطلوب للمذاكرة والاستعداد للامتحان، ويعطي نتائج سلبية”.
ولتجنب الوصول إلى حالة القلق الشديد، قالت المرشدة أمل لتلفزيون الخبر: إن “القلق الطبيعي يرفع مستوى التركيز والأداء، لكن إذا زاد مستوى القلق أكثر، أعطى نتائج عكسية وسلبية، مع الإشارة إلى أن هذا القلق يبدأ من فترة الانقطاع، ويتصاعد مع اقتراب الامتحان”.
وعن أعراض قلق الامتحان، بيّنت المرشدة أنه “يمكن معرفة أن الطالب يشعر بقلق الامتحان عندما يكون أداؤه في الامتحان منخفضاً عن أدائه في مواقف أخرى غير الامتحان”.
وأوضحت أمل “فإذا كان أداء الطالب مرتفعاً أثناء دراسته للمادة في الأيام السابقة للامتحان، ثم ينخفض أداؤه في الامتحان نتيجة ارتباكه ونسيانه للمادة التي درسها، فالأغلب أنه يعاني من قلق الامتحان”.
أما بالنسبة للأعراض النفسية، ذكرت المرشدة أن أهمها “التوتر والخوف والشعور بالضيق، وطغيان الأفكار السلبية بالفشل وعدم النجاح، إلى جانب سرعة الاستثارة والغضب، وقلة التركيز الناجم عن الأفكار السلبية المتسارعة، ما يؤثر على الذاكرة استقبالاً وتسجيلاً واستعادة”.
وأردفت عبد السلام “هناك من يشتكي أيضاً من حالة جمود في العقل (كما يصفها الطالب)، إضافة إلى فقدان الشهية للأكل واضطراب النوم”.
وترافق هذه الأعراض، أخرى جسدية لخصتها المرشدة بـ “تسارع في نبضات القلب، وجفاف الحلق وسرعة التنفس وزيادة التعرق وارتعاش الأطراف وبرودتها، يصاحبها في أحيان كثيرة ألام في البطن، وغثيان (خاصة لدى الفتيات)، وكثرة التبول وأحياناً الإسهال”.
وذكرت المرشدة أن “بعض مصادر قلق الامتحان هي عندما تكون دراسة الطالب غير كافية أو غير فعّالة، هذا يثير لديه الشعور بالذنب وبأن الامتحان موقف يتحدى إمكانياته وقدراته، وهو غير قادر على اجتيازه أو مواجهته”.
وأضافت المرشدة “كذلك الأفكار والتصورات الخاطئة عن الامتحان، وما يترتب عليه من نتائج، إضافة إلى تنبؤ الطالب المسبق بمستوى تقييمه من قبل الآخرين، والذي قد يكون تقديرهم السلبي له وتوقع الفشل والرسوب”.
وتابعت المرشدة “ويعتبر من أهم مصادر القلق، تعزيز الخوف من الامتحانات من قبل الأسرة، وفق أساليب التنشئة التقليدية خاصة التي تستخدم العقاب، مما يؤدي إلى خوف الطالب المضاعف من النتائج السلبية”.
كما أشارت المرشدة إلى أن “كون الطالب من أصحاب الشخصيات الضعيفة والقلقة أساساً، يزيد من من حدوث قلق الامتحان، كموقف الخوف من رد فعل الأهل وخيبة أملهم والعقاب أيضاً، واعتقاده بأنه نسي مادرس والقلق من نوعية الأسئلة وصعوبتها”.
وبينت أيضاً أن “القلق يحدث نتيجة التعلم من الآخرين، حيث إن الطالب يكتسب سلوك قلق الامتحان، تقليداً ومحاكاة لنموذج القلقين من الطلاب، خاصة المؤثرين منهم، يضاف إلى ذلك وجود حالة منافسة مع أحد الزملاء والرغبة القوية بالتفوق عليه”.
أما عن كيفية التغلب على قلق الامتحان، فقالت المرشدة “تبدأ محاولة تجنب القلق، من فترة الانقطاع، حيث يساعد الغذاء الصحي المتوازن وممارسة الرياضة”.
وتابعت المرشدة “إلى جانب اتباع طرق جيدة في الدراسة، وزيادة التفكير الإيجابي والثقة بالنفس في تجاوز درجة كبيرة من القلق، وينصح بطلب المساعدة من الأهل والمعلمين والمرشدين”.
وأشارت المرشدة إلى أن “أهم طرق الدراسة الجيدة تبدأ بتصفح الكتاب ككل، العناوين الرئيسية والفرعية، والرسومات التوضيحية والخرائط، ثم الانتقال إلى القراءة لفهم الأفكار عامة كل جزء على حدى، والانتباه إلى أهمية النطق بصوت مسموع لما نقرأ، لترسيخ المعلومات في الذاكرة”.
وأكملت “على الطالب مراجعة كل فصل ينتهي من قراءته، واختبر النفس شفهياً وكتابياً، والربط بين مواضيع المادة في شكل خريطة دراسية، تضمن تجمّع المعلومات مما يساعد على تخفيف ضغط الاستذكار قبل الامتحان”.
وطلبت المرشدة من الطالب أن “يتوقف عن التفكير في الأمور التي تؤثر عليه سلبياً، مثل التفكير بالرسوب والخوف الذي سيصيبه أثناء الامتحان”.
ونصحت المرشدة الطالب بـ “مخاطبة النفس ايجابياً مع نفسه وتشجيع نفسه مثل عبارات “أعرف أنه بإمكاني النجاح”، و ” اعتقد بأنني سأتذكر ما قرأته”، مع الانتباه إلى عدم وضع توقعات أعلى من إمكانياته الحقيقية”.
وأوضحت أمل أنه بالنسبة لما قبل الامتحان “يجب تجنب شرب المثيرات، لأنها تزيد الإجهاد، وتجنب الأكل قبل الامتحان بساعتين على الأقل، ويفضل تناول وجبة خفيفة، لأنه لدى تناول وجبة كاملة يندفع الدم من الدماغ إلى الجهاز الهضمي، وهذا يبطئ المقدرة على استرجاع المعلومات”.
يذكر أن امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي في سوريا تبدأ في شهر حزيران، وتستمر مدة 15 يوماً، وينقطع الطلاب عن الذهاب إلى المدرسة قبل حوالي الشهر من بدء الامتحان، وذلك للتحضير له بشكل أفضل، من خلال التفرغ لمراجعة ما تم دراسته خلال العام.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر