107 أعوام على “وعد بلفور”.. وعد من لا يملك لمن لا يستحق
مرّ عام و 27 يوماً على طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023 لم يستطع خلالها العدو ثني أهالي غزة عن التمسك بأرضهم ولا إنهاء وجود المقاومة.
كما مرّ أكثر من شهر على بداية عدوانه ضد لبنان الذي افتتحه بمجزرتي “البيجر”، ثم سلسلة اغتيالات طالت القيادات الأمنية والعسكرية الأولى في صفوف حزب الله، أبرزهم السيد حسن نصرالله، بالتوازي مع عدوان جوّي ضد المدنيين في جنوب لبنان والبقاع وبعلبك والضاحية الجنوبية، مع إطلاق عملية برية طالت جنوب لبنان.
وأراد الاحتلال “الإسرائيلي” من عدوانه على لبنان تدمير حزب الله وإرجاعه عن الشريط الحدودي حتى شمال الليطاني، لضمان عودة المستوطنين إلى شمال الأرض المحتلة وقطع جبهة إسناد غزة.
وبعد كل ما قام به الاحتلال من تدمير وتهجير في جنوب لبنان لم يستطع بفرقه الست التقدّم متر واحد عند الحافة الأمامية للحدود، بل تلقّى ضربات من مقاومي الحزب جعلته يسحب بعض الفرق ويعيد تقييم فائدة استمرار العملية دون تحقيق أهدافها.
وخلال عام كامل من المقاومة بوجه الاحتلال المدعوم بشكلٍ غير مسبوق عسكرياً ولوجستياً واقتصادياً من قبل الولايات المتحدة والقوى الغربية التي شاركت في بعض مفاصل الحرب على غزة ولبنان بشكلٍ مباشر تجلت جبهتي الحق والباطل بشكلٍ جلي بين وعدين الأول بانتصار المقاومين الصابرين والثاني بوعد “من لا يملك لمن لا يستحق”.
اليوم ومع مرور الذكرى 107 لما يسمّى “وعد بلفور” بلغ الصراع بين هذين المعسكرين أوجه، فما بينهما يبقى الحساب مفتوحاً حتى تحرير كامل الأراضي المحتلة في فلسطين وسوريا ولبنان.
ما هو “وعد بلفور”؟
حاولت بريطانيا استغلال دعم الحركة الصهيونية أثناء الحرب العالمية الأولى لترجيح كفة “الحلفاء”، إذ التقى المستشار العسكري والسياسي البريطاني السير مارك سايكس في شباط 1917 مع قيادات الحركة الصهيونية، وذلك في أول مفاوضات رسمية بين الطرفين فيما يخص موضوع فلسطين والسيطرة عليها.
وبدأت بريطانيا عبر وزير خارجيتها اللورد أرثر بلفور خلال الشهور التالية بعقد لقاءات بين قيادات الحركة وزعماء دول “الحلفاء” والتجهيز السري مع القيادات الصهيونية لصياغة بنود “الوعد”، وفي 31 تشرين الأول 1917 اتخذت الحكومة البريطانية بعد 4 اجتماعات رسمية مع شركاء الحرب قراراً بإعلان “الوعد”.
وقال “بلفور” حينها، إنه “كان من المرغوب أن يكون هناك إعلان مؤيد لتطلُّعات القوميّين اليهود، فيبدو أن الغالبيّة العُظمى من يهود روسيا وأمريكا والعالم مؤيدين للحركة الصهيونية فإذا ما قمنا بصياغة إعلان مؤيد لمثل هذا التصوّر، فيجب أن نكون قادرين على القيام بدعاية مفيدة إلى أقصى حد”.
وفي صبيحة 2 تشرين الثاني 1917 أرسل “بلفور” عبر اللورد “روتشيلد” إلى أعضاء الحركة الصهيونية رسالة من 4 بنود يتعهد من خلالها باسم ملكة بريطانيا بتأسيس “وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”، والتي كانت نسبتهم حينها بين 3 و 5% من نسبة الفلسطينيين، وهو ما عُرف لاحقاً باسم “وعد بلفور”.
ونصّ “الوعد” على أن “تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”.
وتابع نص “الوعد”، أن “على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”، وهو ما جرى إهماله لاحقاً والذي ساهم بترسيخ إنشاء كيان الاحتلال.
يُذكر أن ثبات المقاومة في لبنان وفلسطين جعل الاحتلال في حالة صدمة كبيرة، لا يدرك ماذا يفعل أكثر من التدمير والتقتيل بين المدنيين لكسر المقاومين دون جدوى.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر