أبو أحمد الهاشمي.. ستينيّ يلتقط رزقه ببيع البوشار في حارات حمص القديمة
على أصوات فرقعة وانفجارات لطيفة، ورائحة تصل مسافات بعيدة إلى أنوف الأطفال في مدرسة مجاورة، اتخذ أبو أحمد الهاشمي (68 عاماً) من شارع فرعي في حمص القديمة مكاناً لالتقاط رزقه من بيع البوشار.
ينتظر بلهفة انتهاء الدوام المدرسي ويسرع في تحضير وملئ أكياس البوشار استعداداً لسماع جرس الرزق، فعشرات الأطفال يهرعون كما جرت العادة إلى السباق نحو عربته وشراء كيس أو اثنين.
ولمنع وصول الرطوبة إلى حبيبات البوشار في الطقس البارد، يرتب أبو أحمد أكياس البوشار تحت أشعة الشمس كي يحافظ منتجه على “القرمشة” المطلوبة وإلا فالأطفال لن يشتروا منه.
ويحكي الرجل الستيني لتلفزيون الخبر عن ممارسته لهذه المهنة منذ ست سنوات، بعد أن قضى عقوداً يواجه نار الفرن المخصص لصنع وبيع المناقيش، فلم يعد بإمكانه الوقوف 12 ساعة كما في السابق “والعمر ألو حقو”، يقول أبو أحمد.
وبشكل مفاجئ، يُسمع صرير محرك قادم من اتجاه الطنجرة المعلقة وسط العربة بعد أن وضع كمية من الذرة، ليبين أبو أحمد أنها مروحة مخصصة لتقليب البوشار وتجنب احتراقه”.
أما المسافة من مكان سكنه في حي باب الدريب وصولاً إلى حمص القديمة فليست أكثر من “تدريجة” يدفع بها عربة رزقه وسط الحارات أملا ً ببيع بعض أكياس البوشار وغزل البنات.
وكغيرها من المهن، تأثر باب رزق أبو أحمد بارتفاع الأسعار، فكيلو كيس الورق أصبح يتجاوز 25 ألف ليرة، وكيلو الذرة 20 ألف، دون الخوض في تأمين الغاز وإصلاح البطارية وغيرها حسب قوله.
واستعداداً منه لقرب شهر رمضان، حضّر أبو أحمد الخطة البديلة للعمل، فالبيع سيقلّ إلى حدوده الدنيا في الحارات مع بدء الصوم، لكن “الله الرزّاق” وسيتجه إلى سوق الدبلان في فترة ما بعد الفطور وقبل السحور لبيع ما يستطيع.
ولأن الحاجة أقسى ما يمكن أن يعانيه الإنسان في ظل الأوضاع الراهنة، يؤكد أبو أحمد وهو الأب لأربعة أبناء أن العمل مستمر مع كل شهيق يتنفسه، وما من شيء معيب في أي مهنة طالما تسلك طريق الكسب الحلال.
عمار ابراهيم-تلفزيون الخبر