الدبّ بقيمة راتب والهدية غاز ومازوت.. “فالنتاين” السوريين لهذا العام مختلف

منذ بداية شباط، وقبل موعده بأيام عديدة، بدأت علامات الحيرة تظهر والاسئلة تدور في ذهن دانيال (28 عاماً، عامل)، فعيد الحب بات وشيكا ً ولا مهرب من مناسبة تنتظرها حبيبته على أحر من الجمر، كما قال لتلفزيون الخبر.

فالشاب العاشق منذ عامين ونصف، الخارجُ لتوه من عائق الخدمة العسكرية في وجه ارتباطهما رسمياً، وجد نفسه أمام معضلة مادية كبيرة مع قرب الفالنتاين، فالحب موجود دائماً لكن الجيب فارغ معظم الأحيان، حسب تعبيره.

“مافي أحلى من الحب، بس الحب بدو عملة”، يذكر دانيال عبارة يرددها الكثير من الشبان بمختلف أعمارهم هذه الأيام، فما فائدة كثرة الكلام النظري دون هدية تعبر عملياً عن كمية تلك المشاعر، يضيف الشاب.

عطورات، دببة، مكياجات، ألبسة وغيرها الكثير من الهدايا المتنوعة، المغلفة بأشرطة حمراء ملائمة لطقوس وتقاليد العيد الذي حل ثقيلاً هذا العام، ثقل تكاليف الحياة دون استثناء، ولو في عملة “كلو هيّن” يقول الشاب لتلفزيون الخبر.

 

ليتخذ الشاب قراره النهائي بمساعدة صديق يثق بقراراته الاقتصادية، فالدب من الحجم الصغير بسعر 50 ألف ليرة مضاف إليه عبوة عطر متوسطة الجودة بخمسين ألف ليرة أخرى، ووردة حمراء “على راس البيعة” بعشرة آلاف، مع عزيمة في إحدى كافيهات الحضارة كفيلة بحل هذه الأزمة، رغم أن تكاليفها ستكون بالدين”، حسب تأكيده.

 

الإقبال على الشراء ضعيف

 

أدى التضخم الاقتصادي في البلاد الى ارتفاع الأسعار في الأسواق السورية، وتراجع معه إلى الإقبال على شراء الهدايا للاحتفال بمناسبة عيد الحب، حسب تأكيد عدد من أصحاب محال الهدايا في مدينة حمص.

 

وقال آدم (صاحب محل مكياج وهدايا) في حي الزهراء لتلفزيون الخبر إن: “الحركة خفيفة وتكاد تكون شبه معدومة رغم اقتراب موعد هذه المناسبة التي كانت فيما مضى فرصة سانحة للربح الجيد”.

 

وأوضح آدم أن: “أكثر الهدايا رواجاً هي الدبدوب ويتراوح سعره ما بين 25_ 400 ألف ليرة حسب حجمه وجودته، والبالون على شكل قلب أحمر ب10 آلاف ولا ننكر أنها أسعار مرتفعة قياساً بالراتب الحكومي أو الأجر اليومي لغير الموظفين”.

 

وأشار البائع إلى أن: “كثيرون يستعيضون عن شراء الهدايا المكلفة بأخرى أقل تكلفة، كنقش اسم الحبيب على لوح خشبي أو على كوب كبير مع صورته بما لا يتجاوز 20 ألف ليرة، أو شراء الساعات والقلادات والأساور وبعض اقلام الحمرة والمكياج”.

 

البعض يراه مناسبة هامة.. وآخرون “نحب المازوت أكثر”

 

قال محمد (موظف) لتلفزيون الخبر إن: “الاحتفال في هذه المناسبات من عيد الحب وعيد الأم ورأس السنة أصبح من المنسيات، أو يمكن القول تناسيناه عمداً نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق وعدم تناسبها مع الدخل الشهري”.

 

من جهته، شدد أبو علي (من سكان حي العباسية بمدينة حمص) على أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة تتطلب التغاضي عن بعض الطقوس والمناسبات، فأي هدية لن يقل سعرها عن 200 ألف ليرة، وهو مبلغ كاف لشراء مخصصات مازوت التدفئة”.

 

أما رؤى (موظفة، 29 عاماً) أكدت في حديثها لتلفزيون الخبر أن: “الحب في هذه الأيام يواجه صعوبات كثيرة كي يستمر، ولهذا السبب يستحق أن نحتفل به مع الاشارة إلى أنه ليس مناسبة سخيفة ولا يخص العشاق وحدهم كما يعتقد البعض”.

 

وأضافت رؤى: “اشتريت هدية لخطيبي لأنني لا أرغب أن يمر عيد الحب دون احتفال رمزي بسيط حسب الإمكانيات طبعاً، وكانت الهدية كنزة وعبوة عطر بقيمة 200 ألف ليرة”.

 

وأشارت رؤى إلى أنه: “من المهم انتقاء الهدية بعناية، كي يشعر الآخر بأنها نابعة من القلب وعندها لن يكون ثمنها المادي مهماً، وشخصياً أحب جميع الطقوس التي تعبر عن الحب والاحتفال بها لأن الحياة صعبة بما يكفي”.

 

وطغتْ أعباء الحرب الاقتصادية على مشاعر السوريين خلال السنوات الماضية، وبات انتظار رسالة مخصصات المازوت أكثر قوة من شوق المحبوب، وحبّ جرة الغاز أكثر لهيباً، ليمتلك ذوو الدخل الجيد وحدهم ترف تبادل الهدايا في بلادٍ تاه فيها “سانت فالنتاين”.

 

عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر