الألمان..نهاية أمة عظيمة في كرة القدم
لا يتعلق الأمر هنا بكلمات قد يصفها البعض بتشويق البدايات، مع كثير من المبالغة، بل هو عنوان صحيفة “بيلد” عن خيبة الأمل الكبرى للألمان بعد الخروج من مونديال قطر.
في وقت كتبت فيه مجلة “كيكر” أيضاً أن المنتخب الألماني أصبح “قزماً” في كرة القدم، وأنه لم يعد فريقاً من النخبة.
في ألمانيا، كل شيء يدعو للقلق، والمتابع الجيد للفريق يعرف جيداً أن تروس “الماكينات” لم تعد تعمل بالكفاءة الفنية نفسها، خيبات متتالية لفريق شارك بجميع نهائيات المونديال، باستثناء نسختين.
تراجع ملحوظ لبطل العالم في أربع مناسبات، وبطل أوروبا ثلاث مرات، لم تفلح محاولات يواكيم لوف للإنعاش، وفشلت كل مساعي هانزي فليك لتعديل المسار.
في انتظار ما يمكن أن يقدمه الوافد الجديد، يوليان ناغسلمان، لإصلاح الخلل قبل استضافة ألمانيا ليورو 2024.
منتخب ألمانيا وبعد تواجده الدائم في المربع الذهبي بكأسي العالم وأوروبا، بين 2006 و2016، ناهيك عن تتويجه بمونديال 2014 على أراضي البرازيل، عاش خيبة تلو الاخرى في السنوات الخمس الأخيرة، منذ 2018.
ليتحول من فريق لا يشق له غبار، بكثير من المواهب، مع كرة القدم الشاملة، تحت قيادة يواكيم لوف، الذي أثبت مراراً أنه “الرجل المناسب في المكان المناسب”، بعيداً عن سوء النهائيات، إلى آخر تائه، لا يعرف أين السبيل، ولا يملك من صفات المنتخبات الكبرى، سوى اسمه، وفقط.
تراجع مخيف بدء تدريجياً ما قبل 2018 وتجلى في مونديال روسيا حيث ودع حامل اللقب البطولة من دور المجموعات في أسوء خروج له منذ أكثر من 80 عاماً رغم امتلاكه تشكيلة ضمت تسع لاعبين بين أبطال العالم في مونديال 2014.
وفي خريف 2020 تلقت ألمانيا هزيمة تاريخية أمام إسبانيا بسداسية في دوري الأمم الأوروبية، وأسوء هزيمة لها منذ ما يقارب تسعين عاماً، قبل أن يشهد يورو 2020 الإقصاء من دور الثمانية، وكانت المرة الأولى التي لا يبلغ فيها المنتخب الألماني ربع النهائي في بطولتين كبيرتين توالياً.
رحل لوف وجاء فليك الذي كان يعيش ذروة تألقه مع بايرن ميونيخ لكنه لم يستطع وقف انحدار ألمانيا إلى الحضيض منذ 2018 لتنتهي قصته بالفشل.
وقاد فليك المنتخب الألماني في 25 مباراة تعرض لستة هزائم وتعادل في 7 مناسبات، وأخفق “المانشافت” تحت قيادته في دوري الأمم الأوروبية كما فشل في تجنب الضربة الموجعة التي تلقتها الماكينات بالخروج من دور المجموعات للمرة الثانية على التوالي في مونديال قطر دون أن ننسى الخسائر الكبرى ودياً، وأبرزها أمام اليابان برباعية.
ولا يمكن الوقوف على سبب في عينه لتفسير التراجع الحاد للمنتخب الألماني، لكن في ألمانيا هناك مدرستان فكريتان، الأولى ترى أن الفشل هو مجرد عرض لمرض طويل الأمد للسياسة التي يتبعها اتحاد الكرة في إدارة اللعبة، وعدم القدرة على إنتاج لاعبين بالجودة والتنوع الذين تتطلبهما المنافسة على الساحة العالمية.
أما المدرسة الأخرى، ترى أن بعض الأشياء المحددة للغاية تسير بشكلٍ خاطئ، وأن فليك بالأخص فشل لأنه أراد تطبيق أسلوب اللعب الذي كان يعتمد عليه مع بايرن ميونيخ ناهيك عن تراجع مستوى بعض اللاعبين منذ فترة.
هذا واعتبر “كارستن راميلو” لاعب المنتخب الألماني السابق، أن تراجع منتخب بلاده بسبب العقلية وغياب الروح السابقة، محذراً من أن الموهبة وحدها لا تحقق لك الفوز.
بينما يرى “باستيان شفاينشتايجر” أن فترة تدريب “بيب غوارديولا” لبايرن هي أحد الأسباب وراء تراجع ألمانيا في الساحة الدولية بسبب التغيير في الأسلوب الذي أضفى على كرة بايرن وتأثر به المانشافت في التبعية.
وتطورت الكرة في العالم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولم تعد هناك الفوارق الكبيرة التي كانت من قبل، ولم تعد تبدو مشكلة الماكينات تقتصر على تغيير مدرب وقدوم آخر بل يتعلق الأمر بمنظومة كاملة.
لكن الألمان وبما لديهم من قواعد ثابتة وإمكانات، فإنهم قادرون على العودة بشكل جيد وسريع وخاصة أن لديهم منتخب أولمبي وشباب جيدين مع القدرة إدارياً على الإصلاح فهل ينجح يوليان ناغلسمان والجيل الحالي من اللاعبين في استعادة هيبة “المانشافت”.