“زهرة شبابي أكلتها البقرة”..عبارة “فيسبوكية” تحكي الواقع في اليوم العالمي للشباب في سوريا
ببضعة كلمات ساخرة كتلك الواردة في العنوان، يلخص الكثير من الشباب السوري واقع حالهم المتردي، والمصير الأسود الذي آلت إليه أحلامهم في بلاد لم تعرف نهايةً لأوزار الحرب بعد.
ما هو اليوم العالمي للشباب؟
يحتفل العالم سنوياً بتاريخ 12/8 بـ “يوم الشباب الدولي”، وأقر في 17 كانون الأول عام 1999 من قبل الجمعية العامة
للأمم المتحدة في قرارها 120/54، عملاً بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب.
وتم تحديد هذا اليوم بمثابة تذكيراً بدور الشباب وبهدف تفادي الصعوبات التي يواجهونها حول العالم ومحاولة حل المشاكل التي تعترض طريقهم.
“شباب مين..بدنا نسافر”
طرح تلفزيون الخبر سؤالاً على عدد من الشباب السوريين حول آمالهم وأحلامهم وطموحاتهم، لتكون الإجابة الكاسحة دون أي تردد هي السفر والهجرة بنسبة تجاوزت 90% من العينات.
أحمد ( 22 عاماً، طالب هندسة في جامعة البعث) قال لتلفزيون الخبر إن: “السفرة مأمنة بعد التخرج”، وما هي إلا فترة قصيرة وأغادر فيها البلاد إلى غير رجعة، فلا شيء مبشّر بتحسن الأوضاع هنا”.
وأضاف حسان (28 عاماً، موظف) : “رغم التزامي بالوظيفة إلا أنني أحلم بالسفر ليل نهار، وأبحث دائماً عن أفضل الفرص المتوفرة، فالراتب هنا أشبه بالصدقة وبات من الجدال العقيم الخوض في هذه المسألة”.
واختصر الشابان الأفكار الرئيسية لكل من وجه إليهم السؤال، فالسفر هو الحل والأمل والمنقذ والمسعى، في ظل أوضاع قد تكون قاتمة أكثر في الأيام القادمة، وتخوف لخصه كثيرون بعبارة “الله يستر من يلي جاي”.
هل كنا “عايشين قبل الأزمة”
يدور النقاش كثيراً بين جيلين، اختزن أحدهما في ذاكرته بعض ما عاشه قبل سنوات الحرب من الرحلات و”زمن الرخص”، وآخر ولد وعاش وكبر بين مصطلحات المؤامرة والأقطاب والأحلاف والحصار وقيصر وغيرها.
ولا يخفى أن الأزمة السورية جاءت لتعمق مشاكل الشباب وتضع العراقيل والتحديات أمامهم، ووقع الشباب السوري بين واجب الدفاع عن وطنهم، والدراسة والعمل والتأجيل من جهة أخرى.
فمنذ سنوات، والشباب السوري يعاني من مشاكل جمة، قلة فرص العمل لمختلف المستويات، وضعف الرواتب للذين يتم توظيفهم في قطاعات الدولة أو القطاع الخاص بشكل أفضل نسبيا ً.
مصطفى الخضر (موظف) قال لتلفزيون الخبر: “توظفت منذ 8 سنوات بعد إنهائي للخدمة العسكرية، ولم أعتقد أن الراتب سيبقى هكذا دون أي زيادة، الأمر الذي دفعني إلى فتح مشروع خاص ببيع المواد الغذائية فالراتب “الله يكون بعونو”.
طلاب الجامعات..والمستقبل الغامض
لا ترغب ميس الريم (طالبة في السنة الثالثة في كلية التربية) بالتفكير في فترة ما بعد التخرج، وقالت لتلفزيون الخبر: “إن مجرد التفكير بما بعد هذه المرحلة يعد مرعباً نتيجة ما نراه من معاناة في إيجاد وظيفة تلبي طموحاتنا التي درسنا من اجلها”.
بينما تعود مرح (مهندسة زراعية_ 27عاماً) خلال حديثها لتلفزيون الخبر إلى ما عاشته في مخيلتها خلال الطفولة عن مرحلة الشباب واعتبارها فترة تحقيق الأحلام و النجاح.
وقالت مرح: “كبرنا لنجد أنفسنا في دائرة من الظروف الصعبة التي لا نهاية لها، ففي كل يوم نصحو على همٍ جديد يضيف على وجهنا علامات الكبر والعجز”.
وتابعت مرح: “لم نعرف من فترة الشباب سوى تحمل المسؤوليات، ونهدر طاقتنا في عمل لكسب ما يبقينا على قيد الحياة دون إي مجال للترفيه والاستماع بالحياة أسوة بباقي سكان العالم”.
وتابع إيهاب (32 عاماً): “معاناة الشاب مضاعفة، فإنه يدرس ومن ثم يتخرج، وماذا بعد؟ “ينقع شهادته ويشرب ميتها”، وبالتالي إما أن يذهب إلى خدمة العلم ويتأخر مستقبله أو يسافر إلى خارج سوريا، وتهريباً في معظم الأحيان للخلاص
من سوء الأوضاع “.
“الفيسبوك” مرآة الإحباط
ولأن الإطالة بالفقرات والأمثلة والمشاهدات لا يمكنها إغناء هذه المادة -المغعمة بالإحباط- أكثر مما ذكر، بل إنها ستزيد صورة واقع الشباب سواداً، ويكفي أن يؤخذ “فيسبوك” كمرآة رصد لمعنويات الشباب المنهارة.
فمجرد أن يطلع المرء على تعليقات الشباب ذكوراً واناثاً على المنشورات المتعلقة بالوضع الاقتصادي، كي يشعر بالإحباط والضياع الذي تعانيه هذه الفئة، فلا مستقبل العمل براق للذكور ولا أمل تحقيق الذات والزواج مؤمن للإناث.
طاقات هائلة..والزلزال يشهد
وبعيداً عن الجو السلبي المحيط بواقع الشباب السوري، لا يمكن نكران وتهميش قدراته الخلاقة الهائلة في شتى المجالات، ولعل الزلزال المؤلم الذي ضرب محافظات سورية في السادس من شباط الماضي خير شاهد على صلابته وعزيمته.
فمنذ ساعات الكارثة الأولى، هبت فئة الشباب للمساعدة بنجدة المتضررين، من إزالة آثار الركام وتأمين الطعام والشراب والمأوى لهم، وتنظيم عشرات الفرق من مختلف المحافظات صورة ناصعة ستبقى في الأذهان.
مواقف الشباب خلال فترة الزلزال أثبت للجميع قدرتهم وطاقاتهم، ودورهم الأساسي في المجتمع على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي يواجهونها في حياتهم اليومية، في شاهد ودرس عملي يستحق العمل لأجلهم بعيداً عن “التبييض والتنظير وبيع الوطنيات”.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر