الرئيس الأسد: الإرهاب هو من دمر في سوريا والصمود الحقيقي هو صمود الشعب
أكد الرئيس بشار الأسد أن الإرهاب هو من قام بالتدمير في سوريا ومن يتحمل المسؤولية هو من وقف مع الإر-هاب ومن نوى على الحرب، من خطط لها ومن اعتدى، وليس المعتدى عليه أو من دافع ضد الإرهاب.
وأوضح الرئيس الأسد خلال لقاء متلفز مع قناة “سكاي نيوز عربية” أنه “من الناحية النظرية كان ممكن تفادي هذه الحرب لو أننا خضعنا لكل المطالب التي كانت تُطلب أو تُفرض على سوريا بقضايا مختلفة، في مقدمتها التخلي عن الحقوق السورية، وعن المصالح السورية”.
وأضاف الأسد أن “رؤيتنا كانت الدفاع عن المصالح السورية، وعن سوريا في وجه الإرهاب، وعن استقلالية القرار السوري، فلو عدنا بالزمن إلى الوراء فسوف نبني ونتبنى السياسة نفسها”.
وأشار الرئيس الأسد في حديثه إلى أن حجم الدمار الذي حل في سوريا لم يكن متوقعاً، مضيفاً “لم نكن نعرف ما هي الخطط المحضرة، ونعلم منذ بداية الحرب أنها ستكون حرباً طويلة، وليست أزمة عابرة كما كان يعتقد البعض، ولكن التفاصيل لا، لا أحد يتوقعها”.
واكمل الأسد “كل من لا يخشى الخطر هو إنسان غير طبيعي وغير متوازن، فالخوف هو جزء من طبيعة الإنسان، لكن الخوف له أشكال تتراوح ما بين الهلع والتوجس وما بينهما، لم نصل لحد الهلع هذا بكل تأكيد، لم أكن أنا المستهدف كشخص، كان الكل مستهدفاً، كلنا كنا نسير في هذه الشوارع والطرق والقذائف تسقط على مدى سنوات، حتى ونحن في منازلنا، لذلك يصبح الخوف والقلق جزءاً من اللاوعي”.
وتابع الأسد: “كان لدينا في سوريا وعي للسيناريوهات التي وُضعت وسُوقت في الإعلام لكي تخلق حالة من الرعب، لذلك لم تكن هذه السيناريوهات في عقولنا بشكل عام، وخاصة أننا كنا نخوض معركة وجودية، المستهدف لم يكن القذافي كانت ليبيا، والمستهدف لم يكن صدام حسين كان العراق، والمستهدف لم يكن الرئيس بشار كانت سوريا”.
وبين الرئيس الأسد: “عندما تحدثوا عن ضرورة رحيل الرئيس السوري، كانت الصورة بالشكل الآتي: بأن المشكلة هي مشكلة شخص، لذلك لا يمكن أن يكون هذا الشخص أهم من الوطن، وبغض النظر عن مواصفاته وصفاته يجب أن يذهب، هذه الصورة كنا واعين لها في سوريا بشكل عام ليس أنا فقط، وإنما كدولة وكمواطنين، لذلك لم يكن هناك مطالبات داخلية برحيل الرئيس عن السلطة”.
وأكد الأسد: “عندما يرحل رئيس عن المنصب، يرحل عندما يريد الشعب له الرحيل وليس بسبب ضغط خارجي أو بسبب حرب خارجية، فعندما يكون بسبب داخلي هذا شيء طبيعي، أما عندما يكون بسبب حرب خارجية، عندها يكون اسمه هروباً وليس تخلياً عن السلطة، والهروب لم يكن مطروحاً على الإطلاق”.
وحول تضرر المدنيين خلال الحرب، أجاب الرئيس الأسد: “إذا افترضنا أن الدولة هي من كانت تقوم بالقتل والتهجير فهي تتحمل المسؤولية، ولكن هناك إرهاب وكانت الدولة تقاتل الإرهاب، والإرهاب هو الذي كان يقتل ويدمر ويحرق”.
وتابع الأسد: “لا توجد دولة حتى ولو كانت تُسمى دولة بين معترضتين سيئة، تقوم بتدمير الوطن، هي غير موجودة حسب معلوماتي، إذاً فالإرهاب هو من قام بالتدمير، الدولة دورها بحكم الدستور والعرف الوطني أن تدافع عن الدولة، فهل هذا يعني أن مواجهة الإرهاب هي التي دمرت الوطن، فلو تركنا الإرهاب تعمر الدولة؟! هذا كلام غير منطقي”.
وحول دور الأصدقاء، أوضح الرئيس الأسد في اللقاء: “فمن الطبيعي أننا عندما طلبنا من أصدقائنا أن يقفوا معنا، فلأننا بحاجة لهذا الدعم، فوقوفهم معنا كان له تأثير مهم في صمود سوريا، هذا شيء من البدائه، لكن لا يمكن للأصدقاء أن يحلوا محلنا في الحرب وفي المعركة وفي الصمود، هذا شيء أيضاً من البدائه، لكن الصمود الحقيقي هو صمود الشعب”.
وقال الأسد عن العلاقات مع الدول العربية إنها “منذ أن تكوّن عندي الوعي السياسي قبل أربعة عقود، هي علاقات شكلية، لماذا؟ لسبب بسيط، لأننا بطريقة تفكيرنا ربما على مستوى الدول، أو هي ثقافة عامة لا أدري، لا نطرح حلولاً عملية ولا نطرح أفكاراً عملية لأي شيء، نحب الخطابات والبيانات واللقاءات الشكلية، هذه طبيعة العلاقة”.
وتابع الأسد: “فعودة سوريا هل ستكون شكلية أم غيرها، هذا يعتمد على طبيعة العلاقات العربية – العربية. هل تغيرت؟ لا أعتقد أنها تغيرت بالعمق هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، طالما أنه لا توجد حلول للمشاكل فإذاً العلاقة ستبقى شكلية”.
وأضاف الرئيس الأسد: “مشكلة العرب أنهم لم يبنوا العلاقات على مؤسسات؛ لذلك لم يبنوا مؤسسات، وإذا تحدثنا عن العلاقات الثنائية فهي ضعيفة لهذا السبب والعلاقة الجماعية عبر الجامعة العربية، لأن الجامعة العربية لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي”.
وعرّف الرئيس الأسد المعارضة بأنها “المعارضة المصنّعة محلياً لا المصنعة خارجياً، المصنعة محلياً يعني أن تمتلك قاعدة شعبية، وبرنامجاً وطنياً، ووعياً وطنياً. فكل المواصفات الأخرى مع الجهل لا تكفي. الوعي الوطني والنية الوطنية الصادقة”.
وأكمل الرئيس الأسد: “كلمة خارج لا تعني السوء، قد يكون معارضاً داخلياً ومرتبطاً بالخارج، وقد يكون معارضاً بالخارج ولكنه مرتبط بالوطن، فالقضية لا علاقة لها بالخارج والداخل، لها علاقة بأين تكمن انطلاقتك، من الشعب أم من المخابرات الأجنبية هذا هو السؤال فقط”.
وفي ملف اللاجئين، قال الأسد إنه “خلال السنوات الماضية عاد إلى سوريا أقل من نصف مليون بقليل ولم يسجن أي شخص من بينهم، لماذا توقفت هذه العودة، توقفت بسبب واقع الأحوال المعيشية، فكيف يمكن للاجئ أن يعود دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة هذا هو السبب”.
وتابع الأسد: “بالنسبة لنا في سوريا أصدرنا قانون عفو عن كل من تورط بالأحداث خلال السنوات الماضية، طبعاً ما عدا الجرائم المثبتة التي فيها حقوق خاصة حقوق الدم كما تُسمى”.
وذكر الرئيس الأسد أن “هناك حوار بيننا وبين عدد من الجهات في الأمم المتحدة المعنية بالجانب الإنساني، وبدأنا نناقش معهم بشكل عملي مشاريع العودة، وكيفية التمويل، وما هي متطلباتها بالتفاصيل، فهناك عمل بهذا الإطار”.
وأوضح الرئيس الأسد حول ملف تجارة المخدرات أنه “عندما حاولوا استخدام موضوع المخدرات مؤخراً من قبل أمريكيين أولاً والغرب لاحقاً وبعض الدول الإقليمية لأسبابها السياسية ضد سوريا، كنا نحن أول المتحمسين والمتعاونين من أجل مكافحة هذه الظاهرة لأنها ظاهرة خطيرة بكل معنى الكلمة”.
وأكمل الأسد: “فمن غير المنطقي أن تكون الدولة معها، لكن دعني أضف نقطة حتى العصابات لا تتعامل مع دول، لأنها تعمل بشكل سري تأتي من أقصى الغرب ومن أقصى الشرق، لكي تمر بشكل سري. هي تتعامل مع أشخاص عن طريق الرشوة فلا يمكن لها أن تتعامل مع دولة لأنها تصبح تجارة معلنة وليست سرية”.
وتابع الأسد: تجارة المخدرات كعبور وكاستيطان هي موجودة لم تتوقف، هذه حقيقة، ولكن عندما يكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، هذا شيء طبيعي، ولكن من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سوريا وليست الدولة السورية”.
وأشار الرئيس الأسد إلى أنه لا يتوقع بالمدى المنظور سيكون هناك أي نتائج من أي مفاوضات تُعقد مع الأمريكي، لأنه يطلب ويطلب، يأخذ ويأخذ ولا يعطي شيئاً هذه هي طبيعة العلاقة مع الأمريكيين منذ عام 1974 لكن سياستنا في سوريا هي ألاّ نترك أي باب مغلقاً في وجه أي محاولة لكيلا يُقال لو فعلوا كذا لحصل كذا”.
وأكد الرئيس الأسد على موقف سوريا ضد العدو الصهيوني، قائلاً “موقفنا معروف منذ بداية مفاوضات السلام في عام 1990، إن لم يكن هناك استعداد “إسرائيلي” لإعادة الأرض لا داعي لإضاعة الوقت، وعدوانهم على سوريا يستهدف الجيش السوري بشكل أساسي تحت عنوان الوجود الإيراني وسيستمر طالما أن “إسرائيل”هي عدو، وسيستمر طالما أننا نتمكن من إفشال مخططات الإرهابيين ولو جزئياً”.
وحول اللقاء مع الجانب التركي، أوضح الرئيس الأسد أن لسوريا هدف واضح من اللقاء، وهو “الانسحاب من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سورية، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان”.
أما عن العلاقة مع “حماس”، بين الرئيس الأسد أن “البعض من قادة حماس كان يقول إن سوريا طلبت منهم أن يقفوا معنا، كيف يقفون معنا، كيف يدافعون عن الدولة السورية، هم لا يوجد لديهم جيش وهم بضع عشرات في سوريا وهذا الكلام غير صحيح”.
وتابع الأسد: “الموقف نحن أعلناه بأكثر من مناسبة بأنه موقف غدر، ليس لأننا وقفنا معها، لكن لأنها كانت تدّعي المقاومة في ذلك الوقت، وأنا أتحدث عن القيادات، لا أتحدث عن كل حماس، فأنا لا أعرف كل حماس، التي ادعت أنها تقف مع المقاومة هي نفسها التي حملت علم الاحتلال الفرنسي لسوريا”.
وأكمل الأسد: “فكيف يمكن لشخص يدّعي المقاومة أن يقف مع احتلال نتج باحتلال أمريكي وتركي وعدوان “إسرائيلي” تحت علم محتل فرنسي. هذا الموقف هو مزيج من الغدر والنفاق، أما علاقتنا اليوم هي علاقة ضمن المبدأ العام، نحن نقف مع كل طرف فلسطيني يقف ضد “إسرائيل” لكي يسترد حقوقه”.
وحول العقوبات المفروضة على سوريا، أشار الرئيس الأسد إلى أن “قانون قيصر هو عقبة لا شك، ولكن تمكنا بعدة طرق من تجاوز هذا القانون، هو ليس العقبة الأكبر، العقبة الأكبر هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين. العقبة الأكبر هي صورة الحرب في سوريا التي تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السوريا”.
وأكمل الرئيس الأسد “العقبة الأكبر أيضاً هي الزمن، بالاقتصاد تستطيع أن تضرب علاقات اقتصادية وتهدمها خلال أسابيع أو أشهر ولكنك بحاجة أيضاً لسنوات لاستعادتها، فمن غير المنطقي والواقعي أن نتوقع أن هذه العودة وهذه العلاقات التي بدأت تظهر بشكل أقرب إلى الطبيعي ستؤدي إلى نتائج اقتصادية خلال أشهر”.
وعن الأوضاع في لبنان، قال الأسد: “طالما أننا لم نتدخل لحل الأزمة في لبنان فلا يمكن أن نتحدث عن دعم أي مرشح أو الوقوف ضد أي مرشح. لا يمكن لأي طرف خارجي لا سوريا ولا غيرها أن يساعد في حل الأزمة اللبنانية إن لم يكن هناك إرادة لدى اللبنانيين من أجل حل أزمتهم”.
وأوضح الرئيس الأسد أنه لم يكن للرئيس الراحل حافظ الأسد أي دور في أن يكون رئيساً، قائلاً “أنا أتيت عبر الحزب بعد وفاته، نفس الشيء العلاقة بيني وبين ابني هي علاقة عائلة، لا أناقش معه هذه القضايا، وخاصة أنه ما زال شاباً وأمامه مستقبل علمي، أما على مستوى العمل العام فهو يعود للقبول الوطني لأي شخص إن كان هو لديه رغبة بالعمل العام، لكن أنا في الحقيقة لا أفضل ولا أرغب بمناقشة هذه التفاصيل معه لا الآن ولا لاحقاً”.
وذكر الأسد أن “الكثير من القرارات التي اتخذناها لم نكن مقتنعين فيها أساساً، على سبيل المثال التغيرات التي حصلت بالنسبة للدستور وغيرها من الأشياء، كنت أقول لهم سنقوم بهذه الإجراءات ومع ذلك سوف تستمر الحرب”.
وأضاف: “المظاهرات التي سُميت سلمية وتعاملنا معها في البداية بأنها سلمية وكنا نعرف أن الكثير من الجماعات الإخونجية وغيرهم انزجّوا بها وبدؤوا بإطلاق النار على الشرطة، تعاملنا معها كمظاهرات سلمية على الرغم من أننا كنا نعلم أنها غير سلمية. هل يا ترى لو عدنا إلى ذلك الزمن سنقوم بالشيء نفسه؟ نعم، لماذا؟ لأن التعامل مع الموضوع لا ينطلق من قناعاتك الشخصية دائماً، ينطلق من مفهوم الناس للموضوع”.
وأكمل الرئيس الأسد: “فكثير من الناس كان يؤمن بأن هذه المظاهرات سلمية، وكان يعتقد بأن الدستور هو المشكلة، وكان لا بد أن تقوم بهذه الإجراءات من أجل أن تثبت لهؤلاء الأشخاص بأن المشكلة لا دستور ولا مظاهرات سلمية، القضية أكبر من ذلك، طبعاً اقتنعوا ولكن متأخرين”.
وحول سياسة سوريا اتجاه العلاقات العربية، قال الأسد: “نحن لم نبدأ هذه القطيعة ولم نقم بأي عمل ضد أي دولة عربية، حتى عندما عدنا إلى الجامعة العربية، لم أقم بلوم أي طرف ولم أسأل أي طرف لماذا فعلتم ذلك؟ بالعكس نحن نقول ما مضى مضى، نحن دائماً ننظر للمستقبل”.
وتساءل الأسد: هل هناك طريقة أخرى أفضل؟ إذا كانت هناك طريقة أخرى أفضل نتمنى أن نُنصح بها لنتبعها، لا يوجد لدينا مانع، لكن لا نسعى للصدامات ولا للمشاكل عبر تاريخنا، هذا جزء من سياستنا أو جوهر سياستنا.