“عملت في البداية شقّيعة”.. خرّيجة أدب انكليزي سائقة “تيك توك” في دمشق
يستذكر المارّة في شوارع دمشق أغنية الطفولة التي تعلّموها في رحلاتهم المدرسية “ياشوفير ادعس بنزين عالـ 199” عندما يشاهدون سائقة الـ “تيك توك” رشا الحسن (46 عاماً) تتجوّل من ساحة المحافظة إلى دوار السبع بحرات لتقلّ الركاب بغية تأمين قوت يومها.
وبوجه تبدو عليه ملامح التعب ويدين مرهقتين، تجلس خريّجة الأدب الإنكليزي على مسند الـ “تيك توك” كما أسمته، بلونه الفضي الذي اختارته دون غيره، وتبدأ رحلة عملها منذ ساعات الصباح الباكر، ثم تتنقّل في أحياء دمشق وريفها مواجهة ظروفها وجميع التحديات التي تتعرض لها في عملها كسائقة.
وعن الصورة النمطية الموجودة لدى البعض بأن هناك مهن حكراً على الرجال، قالت “الحسن” لتلفزيون الخبر: “لم أواجه أي انتقادات من المارّة، واستقبل دائماً الركاب المحترمين”.
“ولكن بعض النساء يرفضن ركوب الـ “تيك توك” مع تلفّظ كلمة “عيب”، خوفاً من نظرة بعض أبناء المجتمع لهن، وهناك من يتمنّعن لعدم وجود شروط وعوامل أمان للمركبة”.
وحصلت “الحسن” على شهادة السياقة منذ 30 عاماً إلى أن استطاعت شراء الـ “تيك توك” المنمّر صاحب الأوراق الرسمية، وفي كل يوم تبدأ مشوارها من أمام باب منزلها في حي التضامن بالقرب من الفرن الآلي في الزاهرة – دمشق”، بحسب وصفها.
ويحتاج الـ “تيك توك” إلى أربع ساعات كهرباء متواصلة من الشحن ليعمل بضعة ساعات، مضيفة “الحسن”: “في حال لم أستطع شحنه ما بطلّع حق الطبخة وما مناكل أنا وولادي”.
وأردفت: “أنا أعاني من نفاذ شحنه في ظل التقنين الجائر ولا أستطيع اللجوء إلى الطاقة البديلة لأنه يحتاج إلى لوح وأربع بطاريات حديثة لكي يعمل بشكل جيد”.
وعن تحديد الأجرة، أكدت السائقة أنها “تحدّدها بحسب المسافة، أي أن المشوار من الزاهرة إلى وسط العاصمة أجرته 15 ألف ليرة سورية، إضافة لطلباتها الخارجية إلى جرمانا وجديدة وصحنايا في ريف دمشق، حيث بلغت أجرة الأخيرة 25 ألف ليرة سورية في آخر طلب إليها.
وردّدت السائقة وصوتها يعكس مشاعر الحسرة والانزعاج جملة “أحياناً بدور بدور وبقلولي ما بدنا تكسي”، قائلة: “أحاول العمل والاعتماد على نفسي.. عملت في البداية (شقّيعة) في مكتب سيارات وعقارات وكنت أحصل على كومسيون وسط الكثير من المضايقات، ولكن هذه هي الحياة وعلينا أن نتحلى بالقوة ونستمر”.
وتحدثت زوجة الشهيد فراس وليد يحيى عن “مواجهة ظروف الحياة بعد استشهاد زوجها عام 2014، والعمل على تأمين مستلزمات وحاجيات أولادها الأربعة، علماً أنها فقدت واحداً منهم إثر عارض صحي تسبّب بوفاته وهو انزلاق في الأمعاء”.
وعاشت ابنة مدينة اللاذقية تجربة العمل لساعات طويلة في إحدى الشركات الخاصة بمجال الكمبيوتر، ولكن الراتب الشهري منعها من الاستمرار بالعمل واستغلالها لشهادتها الجامعية لأنه لا يكفي لتأمين اللوازم الأساسية والحياتية، قائلة: “أكثر راتب قبضته 100 ألف ليرة سورية”.
وأجبرت الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا الكثير من النساء على الانخراط في سوق العمل بدافع الحاجة للحصول على المال، وتدبير أمور أسرهم وسط الكثير من التحديات والصعوبات، إلا أنهن تمكن من إثبات قدرتهن على التكيف مع الظروف عبر إتقانهن للعمل وإصرارهن على النجاح أو ربما البقاء.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر